أخر الأخبار

آخر صفحة

حامد عز الدين يكتب: هل اقترب الكيان الصهيوني من الزوال؟

حامد عز الدين
حامد عز الدين

أما قبل:  «رغما عنى لا أستطيع مواصلة مقالاتى للتدبر فى لغة القرآن الكريم ، فيما العالم كله منشغل - وأنا منهم -  فى متابعة حملة عسكرية صهيونية  «مسعورة» تستهدف القضاء على نحو 2.5 مليون فلسطينى فى غزة «الجريحة»، بزعم الرد على  هجوم يائس قامت به ما تعرف بـ«كتائب القسام التابعة لحركة حماس» التى لا تمثل - يقينا - الشعب الفلسطينى الذي يعانى منذ نحو 75 عاما تحت نير قوات احتلال صهيونية فقدت كل مشاعر الإنسانية» . 

أما بعد: 
فى اليوم الأول لما أطلقت عليه إسرائيل عملية «طوفان الأقصى»، شاهدت على الفيسبوك تقريرا تلفزيونيا يظهر فيه أحد حاخامات حركة «ناطورى كارتا» اليهودية الأرثوذكسية وهو شديد الانفعال يحاول أن يلطم شابا إسرائيليا مبتهجا ببداية العملية العسكرية وهو يردد «إنها نهايتكم أيها الأغبياء» . 

في نفس اليوم توجه الآلاف من الإسرائيليين إلى مطار بن جوريون يبحثون عن أى طائرات تنقلهم إلى الدول الأجنبية التى هاجروا منها إلى إسرائيل (90% من الإسرائيليين يحملون جوازات سفر للدول التي هاجروا منها إلى الكيان الصهيونى). هنا تذكرت ما ورد فى كتاب «المفارقة اليهودية» لناحوم جولدمان من تأكيد من المؤلف أن ديفيد بن جوريون «مؤسس إسرائيل» عاش ومات، وهو مقتنع بحتمية زوال الكيان الصهيونى بعزيمة الأجيال الفلسطينية الجديدة . فقد روى جولدمان عن زميله المقرب «بن جوريون»، تفاصيل لقاء ليلى مطوّل له مع بن جوريون فى منزل الأخير سنة 1956 خصه فيه بالكشف عن آرائه الصادمة.

وقال له إنه يتوقع أن لا يدفن ابنه «عاموس» فى الكيان الصهيونى، لأن العرب لن يسكتوا ولن يرضخوا لاحتلال أرضهم ومقدساتهم. ولما أبلغه بأنه لا يوجد لإسرائيل مستقبل على المدى الطويل دون تسوية سلمية مع العرب. أما «جولدمان» الذى كان من أعلام الكيان، حيث أسس وترأس «المؤتمر الصهيونى» لسنوات، فقد ذكر، فى عدة كتب له، أن دولة إسرائيل سوف تختفى من الوجود إن هى ظلت تمارس الإرهاب اليومى، ولا تعترف بوجود دولة فلسطينية، داعياً الجيل «الإسرائيلى» القادم بأن يعترف بحق الشعب الفلسطينى فى الوجود، وأن ينصهر معه فى علاقات اقتصادية. 

وإذا كان الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس الفلسطينية قد توقع - فى لقاء تلفزيونى قبيل اغتياله البشع - معتمدا على ما ورد في القرآن الكريم أن تكون نهاية الكيان الصهيونى فى العام 2027 ، نظرا لأن القرآن الكريم يحدد تغير الأجيال كل أربعين سنة، وأن عام النكبة كان 1948، وفى الأربعين عاما التالية بدأت الانتفاضة الفلسطينية فى العام 1987. ليس هذا فحسب بل إن المؤرخ الإسرائيلى الشهير بينى موريتس افترض نهاية الكيان الصهيوني فى الثلاثة العقود الأولى من القرن الحادى والعشرين، طبقا لنبوءات توراتية. وبعيدا عن النبوءات الدينية، فإن تقريرا للاستخبارات الأمريكية فى العام 2010 شكك فى استمرار الكيان الصهيوني وتنبأ بعودة الفلسطينيين اللاجئين بعد حربي 1948 و1967 إلى إسرائيل فى الوقت الذى سيرحل فيه نحو 2.5 مليون يهودى إلى أمريكا حيث جاءوا، و1.5 مليون يهودى آخرين سيعودون إلى روسيا وأوروبا من حيث جاءوا. وهو نفس ما توصل إليه مركز روسى للدراسات التاريخية الذى توقع نهاية مشروع إسرائيل. (بلغ عدد سكان إسرائيل منذ مارس 2023 نحو 9.73 مليون نسمة منهم نحو 73.5% يهود من جنسيات مختلفة (نحو 7.145 مليون شخص) و21% عربًا (2.048 مليون شخص) من المسلمين وكذلك سائر السكان المصنفين حسب العرق أو الدين غير اليهودى، فى حين تم تعريف الـ5.5٪ المتبقية (نحو 534000 فرد) على أنهم «آخرون».

كل ما سبق جعلنى أتذكر مقالا بعنوان «إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة» للصحفى الصهيونى الشهير آرى شبيت نشرته صحيفة «هآرتس» اليسارية منذ نحو أربع سنوات يقول فيه: «يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، وأنه لا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال». بدأ «شبيت» مقاله بالقول: يبدو أننا اجتزنا نقطة اللا عودة ، ويمكن أنه لم يعد بإمكان «إسرائيل» إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس فى هذه الدولة».

وأضاف، إذا كان الوضع كذلك، فإنه لا طعم للعيش في هذه البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في «هآرتس»، ولا طعم لقراءة «هآرتس». يجب فعل ما اقترحه (روجل ألفر) قبل عامين، وهو مغادرة البلاد. إذا كانت «الإسرائيلية» واليهودية ليستا عاملاً حيوياً فى الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبى لدى كل مواطن «إسرائيلى»، ليس فقط بالمعنى التقنى، بل بالمعنى النفسى أيضاً، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس.

من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأمريكية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة «دولة إسرائيل» وهى تلفظ أنفاسها الأخيرة. 
الخلاصة: ستظل مصر وشعبها هي الحصن الحصين  والملاذ الأخير للعرب أجمعين .