إنها مصر

الحروب الخطأ !

كرم جبر
كرم جبر

الحروب ليست نزهة ولا لدغدغة مشاعر الجماهير، ولا لخروج الهتافات والمظاهرات فى الشوارع، ولا تكون إلا دفاعاً عن الأمن القومي، وحماية أراضى الدولة ومكتسباتها ومؤسساتها وأمن واستقرار شعبها.

الحروب لا تكون بالتوريط أو الخطأ، وحسناً فعلت إسرائيل حين اعتذرت بشكل رسمى وعلنى من خطأ البوابة المصرية، والأخطاء واردة فى أحوال التعبئة وحشد القوات كما هو الآن، حيث يحتشد 300 ألف من القوات الإسرائيلية استعداداً لتطورات الموقف فى غزة.

والحكمة أهم أسلحة الحروب، فى اتخاذ القرار وبحث مختلف السيناريوهات المُنتظرة، وتحديد الأهداف، وأهمها الإجابة عن سؤال: لماذا الحرب؟

الحرب ليست امتلاك «القوة» فقط، ولكن امتلاك «القدرة»، وفى حرب أكتوبر المجيدة، كانت موازين القوى العسكرية لصالح إسرائيل، ولو تم حساب الموقف بالقدرات العسكرية ما كانت مصر قد دخلت الحرب، ولكن القدرة والتصميم على النصر، جعل الإمكانيات الأقل تنتصر على الإمكانيات الأكبر.

وفى هذا الوقت بالذات تتعرض مصر لضغوط هائلة ربما لم تحدث من قبل، ولا سبيل لمواجهتها إلا بالوعى والصراحة، واصطفاف المصريين وراء دولتهم، فهم صمام الأمان القومي.

ولأول مرة تختفى ظاهرة «الغرف المغلقة» والمعلومات السرية، وكان الرئيس السيسى حريصاً على مصارحة المصريين بكل ما يحدث، ابتداءً مع لقائه فى كلية الشرطة ثم الكلية الحربية وبعدها من لقاءات وتصريحات متعددة.

وأصبح المصريون «ربما لأول مرة» على علمٍ تام بمجريات الأحداث وشركاءٍ فى اتخاذ القرار، وساعدت شفافية الدولة فى إقناع الرأى العام بما يتم اتخاذه من قرارات.

لم يعد مصرى واحد يقبل مسألة التهجير، ولا إغراءات الدول الغربية لمقابلة الأرض بالدولارات، ومنح مصر مبالغ طائلة مقابل التهجير، لأن الغرب على «جهل تام» بطبيعة المصريين، وأن الأراضى التى تم تحريرها بالدماء لا تقبل المقايضة بكنوز الدنيا.

دروس التاريخ لا تكذب، والدول التى تحافظ على استقلالها تمسك جمراً، لأن الحروب لم تنتهِ ولكن تغيرت معالمها، وأصبح الغزو ذاتياً، عن طريق جماعات الشر والإرهاب، التى فعلت فى دولها، أفظع مما فعلته الجيوش الغازية على مر التاريخ.

ومصر تمسك جمراً لجرأتها فى الدفاع عن استقلالها الوطنى فى زمن تضيع فيه معالم العدالة الدولية، التى كنا نشكو من كونها تكيل بمكيالين، فأصبحت الآن «تكيل بلا مكاييل».

لا يعرف أهوال الحروب إلا من اكتوى بنارها، ومصر التى فقدت سيناء فى ستة أيام، جاهدت حرباً وسلماً لمدة 22 سنة، من عام 1967 حتى تمكنت من استرداد آخر قطعة فيها وارتفع العلم فوق طابا فى سبتمبر 1988.. وسيظل مرفوعاً على كل شيء من أراضيها بإذن الله.