فى الصميم

ماذا تريد أمريكا..؟!

جلال عارف
جلال عارف

لكى يضمن الرئيس الأمريكى بايدن تمرير الكونجرس لما يريد من ميزانية استثنائية لتمويل الحرب، جمع بين إسرائيل وأوكرانيا فى اقتراحه الذى يصل إلى رصد أكثر من مائة مليار دولار منها أكثر من 14 مليارا لإسرائيل!! ليحصل على موافقة الجمهوريين الذين كانوا يتحفظون على الاستمرار فى تمويل حرب فاشلة فى أوكرانيا!!.. لكن السؤال سيبقي: وهل ستكون «حرب الإبادة» التى تشنها إسرائيل على الفلسطينيين أقل فشلا؟ وهل سيكون الثمن الذى تدفعه أمريكا بسبب انحيازها لإسرائيل ومشاركتها فى المسئولية عن هذه الحرب أقل من ثمن الفشل الأمريكى الممتد فى كل حروبها الحديثة.. من فيتنام إلى العراق وأفغانستان والبقية تأتى فى فلسطين!!


نقول ذلك ونحن ندرك أن ما يجرى من تآمر سيكون مجاله أكبر من فلسطين، وسيشمل المنطقة كلها. فليس منطقيا أن تحشد أمريكا حاملات طائراتها والآلاف من جنودها وتستنفر كل قواعدها العسكرية فى المنطقة، وكل حلفائها شرقا وغربا.. لكى تحمى إسرائيل «النووية»، من «حماس»؟!.. هذا استهزاء بالعقول. فلا يمكن لأمريكا أن تغامر بأن تكون شريكا فاعلا على الأرض فى حرب تكلفها الكثير ماديا وعسكريا، إلا إذا كان هناك هدف تراه أساسيا لتعزيز وجودها فى المنطقة ونفوذها فى العالم!!


قيادات إسرائيل المهزومة سياسيا وعسكريا تقول أنها ستغير خريطة الشرق الأوسط !! طبعا.. لم يكن ممكنا سماع ذلك إلا مع تأييد أمريكى بلا حدود، وبوارج وحاملات طائرات تحرس سواحل إسرائيل، و«كونجرس» يتسابق أعضاؤه لارضاء «اللوبي» الصهيونى طلبا للدعم والتمويل، رغم أن الاستطلاعات تقول إن ٨٠٪ من الديمقراطيين و٥٠٪ من الجمهوريين ضد حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على الفلسطينيين!


وبينما ظلت واشنطون تتردد لفترة طويلة فى إرسال السلاح الأمريكى إلى أوكرانيا تفاديا للاشتباك المباشر مع روسيا.. فإن الموقف يختلف مع حرب الإبادة التى تقوم بها إسرائيل على الشعب الفلسطيني. حاملات الطائرات جاءت للمنطقة فورا، وآلاف الجنود الأمريكيين جاءوا مع أحدث الأسلحة، والآن تعلن واشنطون عن ارسال أحدث أنظمتها الصاروخية والمضادة للصواريخ وتؤكد أنها ستنتشر فى كل انحاء الشرق الأوسط.
كل هذا الحشد لا يمكن أن يكون فقط لمساعدة إسرائيل على مواجهة حماس !! ولا حتى للتعامل مع احتمال دخول «حزب الله» إلى المعركة!!
وأمريكا تعرف جيدا أن إيران لن تتدخل مباشرة فى الحرب.. ومع ذلك تستمر فى حشد قواتها، وترفض وقف الحرب، وتطلق يد إسرائيل للمزيد من القتل والدمار، وتكرر التحذير من عدم توسيع نطاق الحرب.. بينما حشد مدمراتها وصواريخها وحاملات طائراتها يقول غير ذلك!!