في أوروبا.. التسول الرقمي خداع بالتبرعات وعلاج المرضى ومساعدة الضحايا

التسول الرقمي
التسول الرقمي

مى‭ ‬السيد

 أًصبح التسول الإلكترونى أو التسول الرقمى، ظاهرة منتشرة فى غالبية البلدان الأوروبية، وتنوعت أساليب التسول الإكترونى؛ فمنها ما يتم إطلاقه من قبل أفراد عاديين، وأخرى يتم إطلاقها من قبل جمعيات وشركات، وثالثة يكون فيها التسول من قبل جمعيات وتكون فى مناسبات متكررة سنويا.

وتتنوع أساليب التسول الإلكترونى فى أوروبا من قبل الأفراد العاديين؛ فمنهم من يطلب المساعدة فى دفع ديون أو تلقى علاج أو إنقاذ مريض، وغالبا ما يكون الفاعل مجهولا، ويعتمد فى تسوله عبر الإنترنت على الأشخاص أصحاب القلوب الطيبة، الذين لا يريدون إلا المساعدة فقط بغض النظر عن هوية طالب المساعدة.

ويعد أسلوب جمع التبرعات هو الأكثر شيوعًا فى أوروبا، والغريب أن هذا الأسلوب يمكن أن تطلقه شركة ما أو جمعية بهدف المساعدة فى تقديم العون لضحايا حادثة كبيرة أو حريق ضخم أو انقاذ مرضى، كما حدث من فيروس كورونا المستجد، والذى تسابقت بسببه الجمعيات والحكومات والشركات للحصول على أموال من المواطنين.

شهدت الشبكة العنكبوتية أول عملية تسول من نوعها عبر الإنترنت عام 2002، وكان على يد سيدة تدعى كارين بوسناك أمريكية الجنسية؛ حيث قامت بإطلاق موقع إلكترونى لمساعدتها فى دفع ديونها حتى لا يتم سجنها، وكتبت على صدارة موقعها «كل ما أحتاجه هو دولار واحد من عشرين ألف شخص، أو دولارين من عشرة آلاف، أو خمسة دولارات من أربعة آلاف شخص».

بعد فترة نجحت كارين فى جمع 17 ألف و600 دولار أمريكى وتمكنت من سداد كافة ديونها، ومن هنا كانت بداية انطلاق عمليات التسول الرقمى وأصبح أمرًا واضحًا من خلال الإعلانات الشخصية عن احتياجات الأشخاص سواء كانت مساعدات مالية أو عينية سواء العلاج من الأمراض وهو الأكثر انتشارًا أو المساعدة فى فتح مشروع جديد أو الحصول على منزل.

التبرعات

كما أشرنا سابقًا تعتبر كلمة التبرع هى الكلمة الأكثر اعتدالا لكلمة تسول عبر الإنترنت، والتى من خلالها يتم جمع الأموال من المواطنين الأوروبيين فى كل أنحاء القارة العجوز، وهو ما حدث خلال عدد من الأزمات التى واجهتها عدد من البلدان الأوروبية على رأسها فرنسا.

كان حريق كنيسة نوتردام هو الحدث الأبرز فى فرنسا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والذى تسبب حريق هائل فى انهيار أجزاء كبيرة منها، وهو ما تطلب مبلغا ضخما من أجل إعادة إعمارها، ولذلك أطلق الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، حملة تبرعات وطنية، لإعادة بناء الكاتدرائية نوتردام، والذى تمكن من جمع ما يقرب من 600 مليون يورو لهذا الغرض عبر أثرياء وشركات فرنسية شهيرة.

وفى فرنسا أيضا كان من أشهر الموضوعات التى أثارت جدلا واسعا، عندما تحولت المعركة السياسية بين ماكرون وأصحاب السترات الصفراء إلى معركة جمع تبرعات لملاكم وشرطى، عقب انتشار فيديو يظهر فيه ملاكم شهير وهو يضرب أحد الضباط بعنف.

ففى الوقت الذى أطلق محتجو السترات الصفراء حملة تبرعات للملاكم «كريستوف دتينجر» تمكنت من جمع أكثر من 120 ألف يورو، على الرغم من أن الحد الأقصى للموضوع كان 50 ألف يورو، وفى المقابل أطلق موالون لـ»ماكرون» حملة تبرعات حملت اسم «دعم لقوات الأمن»، وذلك لدعم رينو موزليه، الذى تعرض للضرب بواسطة الملاكم المذكور خلال الاحتجاجات، حيث تمكنوا من جمع 100 ألف يورو.

إحتيال 

رغم أن التسول عبر الإنترنت يعتبر البديل للتسول الواقعى فى الشوارع والميادين، ورغم أن هناك قصص يمكن أن تكون حقيقية بشكل ما تحتاج فعلا إلى مساعدة، إلا أن هناك من استغل احتياج الناس وقام بعمليات تسول ونصب باسمهم، كان من أشهرها ما حدث خلال أزمة جائحة كورونا فى ألمانيا.

كانت الحكومة قد أعلنت مساعدتها ماديًا بقيمة 50 مليار يورو لعدد كبير من الشركات التى تضررت بسبب الإغلاق، وكان كل ما عليهم فعله هو إرسال استمارة إلى الحكومة عبر الإنترنت لطلب المساعدة فى تجاوز وتخفيف تبعات أزمة كورونا، وهو ما استغله عدد كبير من النصابين وأنشأوا شركات وهمية عبر الإنترنت وأرسلوا رسائل استغاثة إلى الحكومة بغرض مساعدتهم ماديا من إنقاذهم من شبح الإفلاس.

لم تلتفت الحكومة الألمانية إلى ضرورة البحث والتعمق فى حقيقة وجود تلك الشركات على الأرض، كونها كانت فى خضم المعركة مع كورونا، ووأرسلت بالفعل أموالا لتلك الشركات، إلا أنها وبعد فترة اكتشفت عملية الخداع الكبرى التى تعرضت لها وأنها كانت ضحية مزورين أنشأوا مواقع وهمية وحصلوا على دعم غير مستحق.

أيضا كان من أشهر عمليات النصب باسم التسول والتى حدثت فى فرنسا عندما استغلت جمعية خيرية فرنسية قصة طفلة جزائرية تدعى جنى ضحية انفجار فى محطة بنزين، وقدمت إلى فرنسا لتلقى العلاج؛ حيث قامت الجمعية بتدشين حملة تبرعات من أجل مساعدة الفتاة الصغيرة.

تعاطفت الجاليات العربية فى فرنسا مع قصة الفتاة وأرسلوا تبرعات كبيرة إلى الجمعية بغرض المساعدة فى إجراء عملية جراحية للفتاة، وعندما اكتشف والدها الأمر رفع قضايا ضد الجمعية التى اتهمها باستغلال اسم ابنته فى النصب على المواطنين، وأكد لوسائل الإعلام أن هذه الجمعية لم تساعدهم فى ذلك بل بقيت تجمع التبرعات فقط باسمها دون أن يستفيدوا منها.

كما لم تسلم كنيسة نوتردام فى فرنسا من محتالى الإنترنت، الذين استغلوا الحادث وأطلقوا عمليات للتبرع من إجل إصلاح الكنيسة التى احترقت، وهو ما قام به المدعى العام الفرنسي؛ حيث أخذ يطالب المواطنين بتوخى الحذر عند التبرع لإعادة بناء الكنيسة، لافتًا إلى أنه تلقى شكاوى حول عمليات احتيال عبر الهاتف والبريد الإلكترونى.

ومن أشهر طرق التسول والتى ينخدع فيها أناس كثيرون، التى تكون على شكل رسائل مزعجة تصل لبريد الضحية وتوهمه بأن المرسل محتاج للمال أو مصاب بمرض خطير يحتاج إلى مبلغ كبير للعلاج، وغالبا ما تلعب هذه الرسائل على وتر الدين والإنسانية بعبارات ترقق القلب للتصدق على مرسل الرسالة.

اقرأ أيضا : في أمريكا.. المتسولون يجمعون 5 مليارات دولار سنويًا


 

;