المقاتل محمود كمال جاهين أحد أبطال الصاعقة بملحمة كبر يت:

صمدنا أمام الحصار 114 يوماً بعد الاستيلاء على النقطة الحصينة

محمود كمال عبد الواحد جاهين ابن محافظة البحيرة
محمود كمال عبد الواحد جاهين ابن محافظة البحيرة

حسام عبدالعليم

محمود كمال عبد الواحد جاهين ابن محافظة البحيرة، مقاتل بسلاح الصاعقة، وأحد أبطال ملحمة كبريت، وتعد أكثر المعارك التى أظهرت بسالة وشجاعة المقاتل المصرى خلال حرب أكتوبر، بعد أن ظل صامداً أمام الحصار الإسرائيلى والذى يعد الأطول خلال فترة حرب أكتوبر، والذى استمر لمدة 114 يوماً، حتى نجحت القوات المصرية فى الاستيلاء على هذه النقطة الحصينة.

بدأ البطل محمود يروى لـ «الأخبار» ذكريات النصر والفخر قائلا: التحقت بالتجنيد بالقوات المسلحة أول يناير 1970، وحصلت على فرقة صاعقة، حيث تدربنا على مختلف فنون القتال والعبور والسباحة والإبرار الجوى والبحرى، كانت تدريبات جادة وشاقة، كانت تستمر فى بعض الأوقات لمدة 24 ساعة متواصلة.

وأضاف”قبل أيام من بدء الحرب، انتقلنا إلى منطقة القناة، وأبلغونا أن السبب هو المشاركة فى مشروع تدريبى، ولكننى وقتها استشعرت بأن الحرب اقتربت، حيث تذكرت وقتها كلمات الفريق سعد الدين الشاذلى قائد لواء المشاة البرمائى كان قد قالها لنا خلال فترة التدريب، بأن انتقالنا من المنطقة الشمالية إلى منطقة القناة معناه بأن الحرب قد اقتربت، وقال”أنتم المسمار فى نعش إسرائيل، إذا نجحتم فى المهمة التى لم نكن نعلم بها انذاك، نجح الجيش وإذا فشلتم فشلنا. 
وبعد عدة أيام قليلة جاءت ساعة الصفر. فى تمام الساعة الثانية والثٌلث يوم الملحمة جاء الأمر بعبور القناة بواسطة المركبات البرمائية، وكان لواء المشاة البرمائى أول قوات مقاتلة تعبر القناة وترفع علم مصر على أرض سيناء. وبعد السير لمسافة 5 كيلومترات فى عمق سيناء، أطلق العدو الإسرائيلى النيران تجاهنا، كانت مهمتنا هى الاستيلاء على مداخل ممرى متلا والجدى، ومنع العدو الإسرائيلى القادم من التقدم إلى سيناء. نجحنا فى السيطرة على نقطة تأمين العدو، وواصلنا السير حتى عمق 15 كيلو فى سيناء، ثم بدأ الليل يقترب وتنعدم الرؤية، فجاء الأمر بإعادة التجميع.

فى منتصف ليل هذا اليوم، بدأ العدو الإسرائيلى بالهجوم وفتح النيران علينا بواسطة الدبابات والمدرعات، وبفضل الله والشباب المقاتل وحماسته، قمنا بعمل كمين لهذه الدبابات الإسرائيلية واصطدنا 4 دبابات وتم تدميرها مما جعل باقى دبابات العدو بالفرار للخلف مرة أخرى.. ويستطرد البطل محمود كمال حديثه “فى يوم 9 أكتوبر جاء أمر بتحرير نقطة حصينة للعدو بمنطقة كبريت والتى كانت تبعد مسافة حوالى 14 كيلو من موقعنا الحالى، وهذه النقطة كانت مقرا لإحدى القيادات الإسرائيلية الفرعية، ضمن خط بارليف وملتقى الطرق العرضية شرق القناة. وتم الاستيلاء عليها فى نفس اليوم.

وأضاف “يوم 15 أكتوبر، بدأ الطيران الإسرائيلى يكثف غاراته الجوية على موقعنا، وبدأت تحركات العدو تشير إلى استعداده للهجوم لاستعادة النقطة، وبدأنا بتنفيذ غارات ليلية على القوات المتجمعة بالقرب من النقطة وإحداث أكبر خسائر بها، إلا أن محاولات العدو لم تتوقف، حيث بدأت مواقع المدفعية الإسرائيلية المجاورة توجه ضرباتها إلى موقع كبريت، وكانت تعليمات قائد الكتيبة إبراهيم عبد التواب عدم الرد على العدو إلا بإشارة منه، وطلب من الجميع أن يبقوا فى وضع الاستعداد. ثم جاءت معلومات من القيادة فى هذا الوقت بتقدم الدبابات الإسرائيلية بحوالى 20 دبابة من جهة الغرب، وكانت تلك الدبابات قد دخلت فى حقل ألغام قمنا بزراعتها حول المنطقة. ثم أصدر القائد إبراهيم عبد التواب أوامره بالضرب والهجوم على العدو الذى أصيب بحالة من الخوف والذعر الشديد ودمرنا حوالى 16 دبابة إسرائيلية، فيما هرب الآخرون.

ويواصل روايته قائلاً: “لم يكن هناك أى إمدادات أو طعام يصلنا، حيث كان الموقف فى غاية الصعوبة، فقط المياه تمكنا بمساعدة زملائنا من خريجى كلية العلوم، من تحويل مياه القناة المالحة إلى مياه عذبة صالحة للشرب عن طريق عمليات التقطير. ومع بداية شهر نوفمبر بدأت القيادة فى التفكير حول كيفية وصول الإمدادات الغذائية للقوات المصرية المتواجدة فى هذا الحصار، وتم التوصل إلى إمكانية نقلها خلال ليلتين فقط فى الشهر حيث تكون ليالى غير قمرية وكاحلة، مما سهل لنا فى الحصول على هذه الإمدادات طوال فترة الحصار.

وأضاف المقاتل محمود “استمر الحصار لمدة 114 يوما، وفى يوم 14 يناير 1974، أطلق العدو الإسرائيلى قذيفة هاون تجاه قائد الكتيبة إبراهيم عبد التواب وكان معه ملازم أول يدعى عدنان واستشهد الاثنان. وأضاف “ظللنا صامدين فى موقعنا حتى يوم 14 فبراير 1974. إلى أن جاء يوم 20 فبراير 1974 وانسحبت إسرائيل إلى خط المضايق الجبلية تنفيذا لاتفاقية فك الاشتباك ورفع الحصار عن الموقع.