أيام ويبدأ العام الدراسى الجديد.. ورغم أن المشاكل - كالعادة- بدأت مبكرا مع الشكوى من ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية، إلا أن الآمال لا تنقطع بأن يكون العام الدراسى الجديد أفضل من سابقيه رغم الظروف الاستثنائية التى نمر بها.
الكل يعرف أن مشاكل التعليم التى تراكمت على مدى سنوات لن تحل فى يوم وليلة، ولكن المهم أن نسير فى الطريق الصحيح وأن نحقق - باستمرار- خطوات قتالية على هذا الطريق.
والكل يعرف أن التعامل مع مشكلة قوامها أكثر من ٢٥ مليون طالب ليست سهلة، لكنها أكثر من ضرورية، فهؤلاء هم المستقبل وعلينا أن نحسن إعدادهم وأن نسلحهم بالعلم والمعرفة ليتعاملوا مع عالم لا يعترف إلا بهذين المعيارين، ولا يهتم إلا بالعقول المبدعة التى تفتح كل أبواب الاجتهاد فى عالم تتضاعف المعارف فيه بسرعة لا يمكن تخيلها.
والكل يدرك أن مهمة الإصلاح فى التعليم ليست سهلة، وأن الظروف لا توفر كل الإمكانيات المطلوبة. ومع ذلك لابد من السير فى هذا الطريق.. وبعيدا عن التفاصيل الكثيرة فإن نقطة البدء التى لا بديل عنها فى أى إصلاح هى «عودة المدرسة» بكل ما تعنيه الكلمة، ومهما كانت التكلفة التى ينبغى أن يتحملها المجتمع كله. فلا يمكن بناء مستقبل هذا الوطن فى «السناتر»، وعلى يد باعة الدروس الخصوصية.
هذه أولوية لا ينبغى التخلى عنها حتى فى أصعب الظروف. الدولة تقوم بإنشاء عدد كبير من المدارس الجديدة لكنها لا تستطيع ملاحقة تزايد أعداد الطلاب فى غياب أى تنظيم للأسرة. الجهد ينبغى أن يتلازم على الجبهتين: عودة المدرسة وتنظيم الأسرة، والتعاون ينبغى أن يكون مع الجميع. أتصور أن يكون دعم التعليم واجبا أساسيا من جانب من يملكون، وأن يكون التعاون أكبر بين الحكومة والهيئات المدنية، وأن ينطلق الجميع من أن هذا - أولا- هو باب المستقبل، وأن عودة المدرسة بشكلها الكامل هى أيضا تأمين للمجتمع لأنها تعني - ببساطة - أن توفر الأسرة ربع نفقاتها على الأقل.. وهو ما يتوجه الآن لتجار السناتر والدروس الخصوصية.
عودة المدرسة بجانب أنها ضرورة لمستقبل أولادنا وصالح الوطن- فإنها ستمثل أكبر «علاوة» اجتماعية للأسرة تخلصها من مافيا المتاجرين بالتعليم، وتعيد الاعتبار إلى «التربية»، مع «التعليم». أو قبله بكثير!