أطفال معلقون فى حبل الخلافات الزوجية .. أباء يرفضون إثبات نسب أطفالهم

أباء يرفضون اثبات نسب أطفالهم
أباء يرفضون اثبات نسب أطفالهم

هبة‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن

مع انتظار خروج قانون الاحوال الشخصية الجديد للنور، نحتاج من آن لآخر إلى إلقاء الضوء على الامور الحياتية فى حياة كل اسرة مصرية، خاصة التى تقع فيها خلافات زوجية وتكون سببًا فى ظهور بعض المشكلات والازمات، على أمل أن تجد سبيلها لحل جذرى مع بنود مواد القانون الجديد . 

ومن بين تلك المشكلات رصدت » أخبار الحوادث» عددًا من شكاوى ودموع أمهات لم يجدن أنفسهن وحدهن ضحية للخلافات الزوجية، ولكن وجدن أطفالهن الرضع هم الآخرين يدفعون ثمنًا ليس لهم ذنب فيه سوى انهم جاءوا إلى الدنيا وسط خلافات والديهم، وعقابا للام على تركها منزل الزوجية وهى حامل على سبيل المثال؛ يتعنت الاب ويرفض الذهاب إلى مكتب الصحة لتسجيل ابنه، لعلمه فقط أن زوجته لن تقدر على تسجيل الطفل بدونه أو افراد اسرته، لان القانون اعطاه هذا الحق منفردًا . 

لكن بعد البحث والسؤال وصلت » اخبار الحوادث» إلى أن القانون استحدث إجراءات جديدة منذ فترة سهل بها على الام تسجيل ابنها بنفسها، وكانت البداية هذا الحكم التاريخى الذى صدر منذ قرابة عامين الذى اعطى للام الحق فى تسجيل ابنها بنفسها فى حالة تعنت الاب ورفضه بسبب خلافات زوجية؛ وذلك بعد أن قضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بأنه لا يجوز للزوج واهله إهانة الزوجة وحرمانها من حقها فى استخراج شهادة ميلاد لمولودها، وأن الخلافات الزوجية اثناء الحمل لا تحرم الزوجة من حق المولود فى أوراق الثبوتية، بشرط أن تثبت أن المولود جاء بناء على علاقة شرعية مع الزوج بشهادة تستخرج من مكتب الصحة، وألزم جهة الإدارة بإثبات واقعة ميلاد الطفل فى سجلات المواليد وتسليم والدته شهادة قيد ميلاده . 

وقد استند القاضى الجليل إلى مادة 15 فى قانون الطفل برقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 والتى تنص على أن الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة هم والد الطفل إذا كان حاضرًا، ووالدة الطفل شريطة إثبات العلاقة الزوجية على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية، ومديرو المستشفيات والمؤسسات العقابية، ودور الحجـر الصحي، وغيرهـا من الأماكن التى تقع فيها الولادات، والعمدة أو الشيخ، كما يجوز التبليغ ممن حضر الولادة من الأقارب والأصهار البالغين حتى الدرجة الثانية على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية . 

لكن على الرغم من ذلك، إلا أننا اكتشفنا من خلال سؤال بعض المتضررات والمتخصصين من رجال القانون والمهتمين بشؤون المرأة، أن الامر ليس بهذه السهولة وأنه على ارض الواقع أكثر تعقيدًا خاصة أن معظم السيدات لا يدركن هذا الحق ولم يكن على دراية به، لانهن لم يجدن من يوعيهن وينير بصيرتهن بهذا الحق، كما انهن قد يواجهن بعض المشكلات مع مكاتب الصحة نفسها التى ربما تخاف أن تدخل طرفًا فى المشكلات بين الزوجين . 

والآن ندخل إلى عمق المشكلة من خلال دموع الأمهات اللائي حكين لـ » أخبار الحوادث» معاناتهن مع تسجيل أبنائهن . 

تنازل

بدموع عينيها روت » بسمة . م» مأساتها التي واجهتها وهي من اغرب القضايا التي ممكن أن نسمع عنها قالت : لم تسعني الدنيا من السعادة عندما تقدم لخطبتى؛ شاب على درجة كبيرة من الوسامة، يعمل في وظيفة مرموقة ويمتلك الشقة والسيارة، وأسرته تتمتع بسمعة طيبة، لكن لا يمكن أن يتخيل عقلي يومًا أني سأواجه كل هذا العنف وسوء المعاملة على يد زوجى ووالدته، حتى عندما أخبرته بحملى، لم يرحمنى من المشكلات والتعذيب النفسي واحيانا البدنى من ضرب وإهانة، وفي النهاية عدت الى بيت أهلى وانا حامل في شهرى السادس، وكنا علمنا من الاشعه اني حامل في صبي، لم يحاول زوجي حتى مصالحتى، بل كل مافعله انه هدد اسرتى بأنه لن يترك ابنى وسوف يأخذه، وبالفعل في يوم الولادة فوجئت به يحضر الى المستشفى ويأخذ ابنى من الحضانة وهرب، جن جنونى وبعد محاولات عدة وتوسط المعارف، وافق على اعطائى ابنى لكن دون تسجيله مقابل إما العودة الى منزل الزوجية أو الطلاق بعد التنازل عن كل حقوقى، ومثل معظم الاسر المصرية التي تنصح ابنتها بالصلح بدلا من الطلاق الذى يكون وصمة عار للمرأة في نظرهم، وافقت على العودة اليه لتكون اكبر غلطة ارتكبتها في حق نفسى؛ قام بتسجيل ابنى لكن كان ذلك بعد إسقاط قيده وعدم حصوله على اول تطعيمات هامة له . 

وتستطرد » بسمة› » كلامها قائلة : بعد الصلح بعامين آخرين من المعاناة، زاد فيهما تعذيبى وإهانتي عقابا لي على ترك منزل الزوجية وجرأتى لطلب الطلاق، كانت إرادة الله فوق كل شيء؛ حيث حملت في ابنتى الصغيرة وعمرها الآن عاما ونصف . 

في فترة الحمل ذقت فيها كل صنوف العذاب والإهانة، وقررت الانفصال بلا عودة، وفى تلك اللحظة قال لي زوجي : » ابقى دورى لبنتك على أب يسجلها» ، وبالفعل اسرعت بعد انجابها بيومين رغم اني تعرضت لعملية ولادة قيصرية تعرضت للموت في ولادتها، لكن لم يكن امامى سوى الجري بين النيابة والمحكمة من اجل تسجيل ابنتى، وبعد أكثر من 40 يومًا قام بتسجيلها بعد تدخل الوسطاء وأهل الخير مقابل التنازل عن حقوقي وطلاقي . 

اسم والده

وقضية أخرى بطلتها كانت أشد بأسًا من السابقة؛ حيث تمكنت » عبير . ر» تعمل فى احدى الشركات الخاصة، من استخراج شهادة ميلاد لابنها وتقول عن تجربتها : كانت تجربة مريرة وشعور بالذل والإهانة بعد أن رماني طليقى فى الشارع وانا حامل في شهرى الثالث، عدت إلى منزل اسرتى مضروبة معنفة، ورفض أن يعطينى حقوقي ويرد لي المنقولات، تقدمت بعدد من الدعاوى القضائية للحصول على المؤخر ونفقة متعة والمنقولات الزوجية، فهنا زاد من تعنته عندما اتصل به والدى يخبره بأنى في مستشفى الولادة، اخبره بأنه لا يعرف عنا شيئا ولن يسجل الطفل، وانه يعلم بأنى لن اتمكن من تسجيله بمفردى، حاول وقتها ابى الاتصال بوالديه او شقيقه لكنهم رفضوا الحضور . 

لكن قررت ألا أستسلم وسألت عددًا من المحامين عن الإجراءات، فأسرعت بعدها إلى قسم الشرطة اقدم قسيمة الزواج وإشهاد الطلاق وصورة من بطاقتى وبطاقة طليقي وإثبات من المستشفى بالولادة، وحضر ابى، وحررت محضرا وعمل إثبات حالة ثم أسرعت إلى مكتب الصحة لتسجيل ابنى، وهناك ايضا لم يكن الأمر سهلا؛ حيث تعنت معى موظفو المكتب، وكانت هناك نظرة تساؤل عن السبب فى رفض الاب تسجيل ابنه، ونظرة أخرى فيها بعض الذكورية وكأنهم يرفضون تسجيل ابني تعنتًا، لكن لم اعبأ بكل هذا واستخرجت شهادة ميلاد لابني واطلقت عليه اسم » اياد» . 

وتضحك » عبير» لكنه ضحك كالبكاء يمتلئ بالأسى وهى تتذكر ذلك الوقت الذى مر عليه أكثر من عام بشهور قليلة وتقول : الغريب أن طليقى أصابه الجنون بعد أن علم بقدرتى على تسجيل ابنى، واستشاط غضبا لكنه لم يتمكن من إنكار نسب ابنه، كل مافعله أن يعاند معى أكثر قائلا » ايه الاسم ده، انا هسمى ابني على اسم ابويا» رغم انه رفض هو أو والده تسجيل ابنهما بل وحتى رفضا رؤيته، وبالفعل قام طليقى بعمل إجراءات جديدة لتغيير اسمه، ليستخرج له شهادة ميلاد جديدة حملت اسم » أحمد»، لكن اسرتى تناديه بـ » اياد» . 

اتهام بالنصب

بأسى بالغ يدمى القلوب راحت » ريهام ع» ربة منزل تروى تفاصيل مأساتها قائلة : لم يكتف زوجى باتهامى بالنصب أنا واشقائى، وادعى اننا نصبنا عليه فى مبلغ مالى كبير لم يتمكن حتى من إثباته امام النيابة، لكنه قرر محاربتى ايضا فى فلذة كبدى ونسى انها ابنته . 

كنت لازالت عروسة جديدة عندما طردني من منزل الزوجية، حتى لم اكن استخدم شيئا من أغراضى، وراح يسب اسرتى كل ذلك لأنهم وقفوا فى وجهه واعترضوا على ضربه لى وإهانتى، وبعد تدخل المعارف تم الصلح وعدت إلى منزل الزوجية بشرط وضعه زوجي بألا يحضر احد من اشقائي أو شقيقتى لزيارتي في بيته، ووافقت اسرتي حرصًا على حياتي الزوجية . 

لكن الضرر الواقع عليّ منه كان أكبر من تحملى، وفى يوم شعرت بتعب شديد اتصلت بشقيقتى للحضور وقلت لها إنه فى العمل، وحضرت بسرعة للاطمئنان لكن فوجئنا به حضر مبكرًا من عمله وكأن احدًا اخبره بحضورها، خاصة أن والدته تسكن نفس العقار ومعها شقيقته، وبمجرد رؤيته لها اشتعل غضبًا وانهال عليّ بسيل من الشتائم والضرب ورحت اصرخ انا وشقيقتى واتصلت بشقيقى، الذى أسرع إلينا هو ووالده وحدثت معركة بين الجميع لا يتخيلها عقل، انتهت بتركي منزل الزوجية وأسرعت بصحبة ابى الى بيته، وطلب منه ابى تطليقى؛ لأكتشف فى اليوم التالى انى حامل في ابنتى . 

ووسوس الشيطان لزوجى باتهامى انا واشقائى بالنصب واخذ مبلغ مالى منه، بل وأخفى المنقولات و عمل محضر يتهمنا بسرقتها، وعندما طلبت منه الطلاق رفض مقابل التنازل واعطاؤه المبلغ المذكور فى ايصال الأمانة المزور، وزاد جبروته عند علمه بحملي وشعوره بأن هناك سبيلا لإذلالى . 

وقضيت فترة الحمل فى صراعات مع زوجى دون تطليقى وكان يوم إنجابى لابنتي هو أسوأ يوم في حياتى، وذلك بسبب نظرة الحزن في عين ابي وشعوره بأنه ليس لديه حيلة لاستعادة حقي؛ حيث رفض اطلاقًا الحضور إلى مكتب الصحة لاستخراج شهادة ميلاد لها لتطعيمها، ولم أكن اعرف ان هناك إجراءات يمكن اتباعها لتسجيل ابنتى، وعندما ذهبت إلى مكتب الصحة بصحبة ابي واشقائي، خاف الموظف من تسجيل ابنتي حتى لا تحدث له مشكلة فيما بعد . 

وتنهى » ريهام» كلامها بدموع عينيها قائلة : للاسف استغل طليقي طيبتي وخوفي على ابنتي وأجبرني على التنازل مقابل تطليقي وتسجيل ابنتي، متناسيًا انها ابنته وتحمل اسمه؛ ذهب بعد مرور 3 أشهر وعمل اجراءات إعادة القيد لانها طبقا للقانون كانت ساقط القيد بعد 15 يومًا من ولادتها وعدم تسجيلها، لكنه بإجراءات بسيطة يملكها – للأسف – الاب وحده أعاد تسجيلها واستخرج شهادة ميلاد لها، لكن دون أن يسأله احد عن سبب التأخير فى التسجيل او يحاسبه  احد  على  إهماله،  رغم  انه  عرض  حياة  البنت  للخطر  لعدم  حصولها  على  التطعيمات  المرتبطة  بوجود  شهادة  ميلاد،  وشعرت  بإهانة  بالغة  لعدم  قدرتي  على  تسجيل  ابنتي  رغم  اني  امها  التى  حملتها  9  شهور  فى  بطني  واحملها  حتى  اليوم  بعد  أن  رماها  والدها  واستغل  ضعفى  واستباح  حقوقى . 

اقرأ أيضًا : بسبب خلافات زوجية.. ربة منزل تشغل النار في نفسها بالإسكندرية 


 

 

 

;