مخاطر الحرب الكبرى برعاية واشنطن| الغرب يسرق زراعات أوكرانيا

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: دينا توفيق

كانت الحرب في أوكرانيا في مركز اهتمامات السياسة الخارجية وتقارير وسائل الإعلام منذ فبراير 2022 ومع ذلك، لم يتم تسليط الضوء على قضية من القضايا الرئيسية التى تقع فى قلب الصراع - من يسيطر على الأراضي الزراعية فى البلاد. وبعد مرور أكثر من عام على الحرب الروسية الأوكرانية، كشف تقرير صادر عن معهد أوكلاند بعنوان «الحرب والسرقة: الاستيلاء على الأراضى الزراعية فى أوكرانيا»، يشير إلى زيادة امتلاك الأراضي والتمويلات للمشاريع بهدف المصالح المالية والأهداف السياسية والاستراتيجية.


 

◄ زيلينسكي: منح الأراضي الزراعية للأوليجاركية المحلية والشركات الأجنبية

يحدد هذا التقرير المصالح التي تسيطر على الأراضي الزراعية في أوكرانيا وتقديم تحليل السياسات المؤثرة على حيازة الأراضي في البلاد. ويشمل ذلك الإصلاح الزراعي الذي تم تنفيذه عام 2021 كجزء من برنامج التكيف الهيكلي الذي بدأ تحت رعاية المؤسسات المالية الغربية، بعد تنصيب حكومة مؤيدة للاتحاد الأوروبي في أعقاب ثورة الميدان عام 2014. وقال مدير السياسات في معهد أوكلاند والمشارك في التقرير «فريديريك موسو»، إن الإجابة على هذا السؤال أمر بالغ الأهمية لفهم المخاطر الكبرى في الحرب.

■ بوتين

تبلغ المساحة الإجمالية للأراضي التي يسيطر عليها الأوليجاركية وأصحاب المصالح والشركات الزراعية الكبيرة أكثر من 28% من الأراضي الصالحة للزراعة في أوكرانيا؛ أكبر ملاك الأراضي هم مزيج من القلة الأوكرانية والمصالح الأجنبية معظمها من أوروبا وأمريكا الشمالية_ ويتم استثمار صناديق التقاعد الأمريكية البارزة، والمؤسسات، والهبات الجامعية من خلال شركة NCH Capital، وهو صندوق أسهم خاصة مقره الولايات المتحدة. فتح العديد من الشركات الزراعية الأوكرانية أبوابها أمام البنوك الغربية وصناديق الاستثمار- بما في ذلك البنوك الكبرى مثل Kopernik وBNP ومجموعة فانجارد- التي تسيطر الآن على جزء من أسهمها.

كما أن معظم ملاك الأراضي الكبار مدينون إلى حد كبير للصناديق والمؤسسات الغربية، ولاسيما البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) والبنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي (EIB)، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC) - ذراع القطاع الخاص للبنك الدولي. وكان التمويل الغربي لأوكرانيا في السنوات الأخيرة مرتبطًا ببرنامج جذري للتكيف الهيكلي والذي تطلب اتخاذ تدابير التقشف والخصخصة، بما في ذلك إنشاء سوق لبيع الأراضي الزراعية. 

■ زيلينسكي

ووفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، فإن النجاح الزراعي في أوكرانيا أمر بالغ الأهمية لاقتصادها وقدرتها على تقليل اعتمادها على روسيا، ويجب على حكومة البلاد المضي قدمًا في إصلاحات الأعمال التي تسمح للأعمال التجارية الزراعية وقطاعات الشركات الأخرى بالعمل بحرية. ووقع الرئيس الأوكراني «فولوديمير زيلينسكي» على مشروع قانون يسمح بالبيع للأراضي الزراعية عام 2020 ضد إرادة الغالبية العظمى من السكان الذين كانوا يخشون أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الفساد وتعزيز سيطرة مصالح النخبة في القطاع الزراعي.

وفي السنوات الأخيرة، قدمت الدول والمؤسسات الغربية مساعدات عسكرية واقتصادية ضخمة لأوكرانيا، التي أصبحت أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية. وفي ديسمبر 2022، خصصت الولايات المتحدة أكثر من 113 مليار دولار لأوكرانيا، بما في ذلك 65 مليار دولار من المساعدات العسكرية، وهو ما يزيد عن إجمالي ميزانية وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) على مستوى العالم البالغة 58 مليار دولار.

◄ اقرأ أيضًا | وزير الخارجية الأمريكي يصل إلى العاصمة الأوكرانية

وفي وقت تشتد فيه معاناتهم من النزوح، حيث فقد عدد لا يحصى من الأرواح وأنفقت موارد مالية هائلة للسيطرة على أوكرانيا، يثير هذا التقرير مخاوف كبيرة بشأن مستقبل إنتاج الأراضي والغذاء في البلاد، ويسيطر عليها القلة والمصالح الأجنبية.

أدت الحرب إلى تعطيل لمحصول القمح في أوكرانيا وموجات الجفاف التاريخية التي ضربت «حزام القمح» في الولايات المتحدة إلى ارتفاع تكلفة الخبز في مختلف أنحاء العالم إلى أعلى مستوياتها. ويقوم مسئولو الأمم المتحدة بوضع تنبؤات رهيبة فيما يتعلق بإمدادات العالم من الحبوب. وينظر كثيرون إلى الحرب على أنها تهديد للأمن الغذائي العالمي نظرًا لأهمية كل من أوكرانيا وروسيا كمصدرين رئيسيين للأغذية والأسمدة. في أوقات السلم، تحصد أوكرانيا 80 مليون طن من القمح والذرة والشعير والأرز.

وتنتج روسيا وأوكرانيا فيما بينهما أكثر من 25% من القمح في العالم. وقد تفوقت روسيا مؤخراً على الولايات المتحدة وكندا لتصبح الدولة الرائدة المصدرة للقمح في العالم؛ أوكرانيا هي سادس أكبر مصدر للقمح في العالم.

وكشف تقرير عام 2014 في مجلة The Ecologist أن المعارك السياسية في أوكرانيا منذ 2014 كانت حول توسع الناتو والسيطرة على خطوط أنابيب الطاقة إلى أوروبا، ولا تزال معركة عالمية كبيرة ولكنها خفية حول ملكية الأراضي الزراعية واستخدامها.