خبراء الاقتصاد| الجهد المجتمعى «ضرورة» ومطلوب حوافز لتشجيع التنظيم

ابوبكر الديب
ابوبكر الديب

ما هى مخاطر مشكلة الزيادة السكانية ؟ وكيف يمكن ترويضها ؟ وما هى نتائجها على الأسرة والمجتمع والاقتصاد القومى؟  . أسئلة كثيرة جاوب عليها خبراء الاقتصاد فى السطور القادمة. 

فى البداية يقول د. سيد خضر الخبير الاقتصادى : مصر تواجه  تحديا هاما فيما يتعلق بالزيادة السكانية الكبيرة وتأثيرها على أداء الاقتصاد ، فقد شهدت مصر نموا سكانيا سريعا خلال الفترة الماضية، حيث تعتبر الزيادة السكانية الكبيرة تحديا اقتصاديا واجتماعيا وبالتالى تؤدى الزيادة السكانية إلى زيادة الطلب على الخدمات الأساسية مثل الإسكان والتعليم والصحة والبنية التحتية، مما يضع ضغوطا هائلة على الموارد الاقتصادية والحكومة، ويصبح من الصعب تلبية احتياجات السكان المتزايدة فى المجالات المذكورة، مما يؤثر على جودة الحياة والفرص الاقتصادية المتاحة، بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر الزيادة السكانية الكبيرة على سوق العمل. يصعب إيجاد فرص عمل كافية للشباب الذى يدخل سوق العمل سنويا، مما يزيد من مستوى البطالة ويؤثر على الدخل الشخصى والاستهلاك ، ويتسبب هذا فى عدم الاستفادة الكاملة من القوى العاملة وتقديم إسهاماتها الكاملة .

اكتظاظ سكانى

ويضيف خضر : يعتبر الاكتظاظ السكانى عاملاً يؤثر على التنمية الاقتصادية المستدامة يمكن أن يؤدى إلى تفاقم المشكلات البيئية ونقص الموارد وارتفاع معدلات التلوث. قد يتعين على الحكومة استثمار موارد إضافية فى البنية التحتية البيئية وتطوير استراتيجيات للتعامل مع تلك التحديات البيئية ، من أجل التغلب على تحديات الزيادة السكانية، تحاول الحكومة المصرية تنفيذ سياسات وبرامج لتعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين البنية التحتية وتوفير فرص العمل .
ويشير خضر ان ذلك يتطلب ذلك جهودا مكثفة فى مجالات مثل التعليم والتدريب المهنى وتشجيع الاستثمار وتنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة ، لذلك لابد من تحقيق التوازن فى عملية تحديد النسل بشكل سريع خلال الفترة المقبلة وانخفاض معدلات الإنجاب حتى لاتلتهم تلك الزيادة عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وانعكاسها على انخفاض فرص النمو الاقتصادى المستدام ،أيضا لابد من اتباع عدة استراتيجيات وسياسات تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو السكانى والموارد المتاحة منها  التثقيف وتعزيز الوعى وتوفير معلومات شاملة حول تنظيم الأسرة وتأثير النمو السكانى على الاقتصاد والبيئة. 

توفير الخدمات

ويستطرد الخبير الاقتصادى قائلا :  يمكن تحقيق ذلك من خلال حملات توعية وبرامج تعليمية فى المدارس ووسائل الإعلام ، أيضا يجب تعزيز وتوفير الخدمات الصحية الأساسية للنساء والرجال، بما فى ذلك وصولاً سهلاً وميسرًا إلى وسائل منع الحمل الآمنة وفعالة، ينبغى تشجيع التخطيط العائلى وتوفير المعلومات والخدمات اللازمة لذلك ، وبالتالى  تقليل معدلات النمو السكانى عن طريق تحسين الوضع الاقتصادى للمجتمع، وزيادة فرص العمل والدخل ،قد تشمل هذه الجهود تشجيع الاستثمار وتوفير فرص العمل وتحسين البنية التحتية الاقتصادية ، تعزيز حقوق المرأة وتمكينها، بما فى ذلك حق التعليم والمشاركة فى العمل واتخاذ القرار فيما يتعلق بتنظيم الأسرة ، حيث يعتبر تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين أمرا حاسما للحد من معدلات النمو السكانى ، عملية التشجيع على الأسر الصغيرة وذلك من خلال تحقيق تقليل الانفجار السكانى من خلال التشجيع على الأسر الصغيرة والتخطيط العائلى. يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير حوافز مادية للأسر التى تتبنى سياسات تنظيم الأسرة حتى تساهم فى خلق حياة كريمة وذات جودة للمواطن.

قضية مهمة 

ويقول د.أبوبكر الديب الخبير الاقتصادى ومستشار المركز العربى للدراسات، إن الزيادة السكانية قضية مهمة للغاية وتحمل مخاطر كبيرة وإن كانت بها فرص عظيمة، فالخطورة فى الزيادة العشوائية وغير المدروسة وعلينا التخطيط جيدا للثروة البشرية، عن طريق التوعية والتثقيف وتصحيح المفاهيم الخاطئة والتدريب مشيرا الى أنها ليست مسئولية وزارة بعينها، لكنها مسئولية المجتمع كله شعبا وحكومة ومجتمع مدنى ولابد من تكاتف الجميع لحلها، مشيرا الى أنها من أخطر التحديات التى تواجه الدولة وتلتهم أى نمو اقتصادي، كما تضغط على الموارد .

وأوضح أبوبكر الديب أن المشكلة السكانية تتفاقم عندما يحدث عدم توازن بين عدد السكان والموارد والخدمات وأن الزيادة السكانية غير المنظمة تلتهم موارد الدولة التى تحتاج لإنشاء مدارس ومستشفيات ومراكز شباب وطرق وغيرها للمواليد الجدد مما يضغط على الموازنة العامة للدولة. 

استراتيجية وطنية

ورحب أبوبكر الديب باطلاق الدولة المصرية الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية، والتى تهدف إلى تنفيذ برنامج متوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة بالدولة من خلال توعية المواطنين بخطورة معدلات الإنجاب المرتفعة دون منع حق الأسرة فى تحديد عدد أبنائها، من أجل الارتقاء بحياة المواطن من خلال خفض معدلات الزيادة السكانية، لإحداث التوازن المفقود بين معدلات النمو الاقتصادى ومعدلات النمو .

وأوضح ان الزيادة السكانية غير المدروسة تلتهم الانفاق الحكومى فقد أنفقت مصر 10 تريليونات جنيه (323.3 مليار دولار) على المشروعات القومية خلال السنوات التسع الماضية، بجانب ذلك أنفقت 780 مليار جنيه (25.2 مليار دولار) على الدعم السلع، و169 مليارات جنيه (5.5 مليار دولار) على برامج الحماية الاجتماعية، وفقا لوزير الصحة والسكان، ولو كان عدد الشعب أقل من ذلك لشعر الجميع بأثر هذا الانفاق على حياتهم فنحن نحتاج لنمو اقتصادى يعادل 3 أضعاف النمو السكانى حتى يشعر المواطن بثمار التنمية، لكن ارتفاع معدلات النمو السكانى يجعل تكلفة الإصلاح و التنمية ضخمة و العائد منها ضعيفا، فضلا عن ارتفاع معدلات الجريمة والفقر والتطرف والجهل والتسرب من التعليم، فضلا عن انتشار ظواهر عمالة الأطفال والخلافات الأسرية، وضعف الرقابة الأسرية وتلوث البيئة وتعطيل مسار التنمية.

وطالب أبوبكر الديب البرلمان والنواب بالنظر فى تشريعات السكان والأسرة وتطويرها مع تقديم الحوافز ودعم البرنامج القومى للسكان وتنظيم الأسرة وإطلاق الحملات الإعلامية  وفى التلفزيون والدراما للاستفادة من الظاهرة وتلافى عيوبها وتشجع الأسر التى تعتقد أنها تنجب كثيرا بسبب المستوى المادى المتواضع، لكى يقتنعوا بمفهوم الأسرة الصغيرة فضلا عن تدريس التربية السكانية فى مراحل التعليم المختلفة وخاصة الجامعي، السكانى ويتم ذلك من خلال القنوات والأجهزة الصحية والاجتماعية والإعلامية والدينية، للتعريف بخدمات تنظيم الأسرة، وتشجيع الأسر على استخدام وسائل تنظيم الأسرة.