القرآن أكبر مما يفترون

د. عبد المنعم فؤاد
د. عبد المنعم فؤاد

القرآن كلام الله المتعبد بتلاوته لا يليق أبدا فى مصر بلد الأزهر والقرآن أن يخرج علينا من يمسك بآلات الموسيقى والمعازف ليلحن بها القرآن ويعلم الناس المقامات، وينشر ذلك عبر الصفحات  من بعض الذين يدعون الفن والتنوير!.

هذا أمر خطير ومريب والقرآن أكبر مما يبتدعون، ويجب أن يتدخل القانون لمنع هذا العبث مع كتاب الله الذى يجب أن تخشع له القلوب، وتطمئن له النفوس ، وتتنزل الملائكة والرحمات عند تلاوته.. فالقرآن ليس كلاما أنتجه الأدباء أو الشعراء إنما هو كلام المولى الذى نزل به جبريل على قلب الرسول الأمين: (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين)، وإذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام -طلب أن نتغنى بالقرآن، ونحسن أصوتنا به فلا يعنى أن تعزف مع آياته الموسيقى، ويتغنى به السكارى فى الملاهى والمسارح، ولكن يعنى أن نقيم أحكامه ، ونتعلم ضوابط تلاوته، ومعلوم أن موسيقى القرآن  كامنة فى ضوابط قراءته وصداها يظهر  فى الإلتزام بـ :الإدغام الصحيح، والإظهار والإخفاء، والمد، والإقلاب، والإمالة والتحقيق والتسهيل والإبدال، والمحافظة على المعاني، والسلامة من اللحن ومخارج الحروف وغير ذلك مما نجده لدى كبار القراء مثل الشيخ مصطفى اسماعيل والبنا والمنشاوى ورفعت والحصرى رضى الله عنهم ورحمهم جميعا. 

هؤلاء لم تصاحب أصواتهم معازف،  ولكن تلاوتهم المتقنة كانت هى المعازف المصاحبة للخشوع والحزن والتدبر، والكشف لمعانى الآيات الكريمة  وتصويرها بدقة، وخشوع! وكانك تشاهد الحدث  القرأنى بأم عينيك، ولا يوجد لديهم ما يسمى «بسيكا أو بيكا» أو غيرهما مما يقال مقامات !،  لأنهم يعلمون أن جبريل -عليه  السلام -لم ينزل بسيكا ولا بيكا الخ من الأمور التى ابتليت الأمة بها فى عهدنا هذا!  بل أصبح القرآن لدى من لديه هذه  الغرائب المبتدعة مجرد «بزنس» فحسب وبعض القراء لا يعايش ولا يتعايش مع القرآن الذى يجب أن تهتز لسماعه القلوب، ونشاهد ذلك فى المياتم وسرادقات العزاء التى تتحفنا بمقاطع منها شبكات التواصل و التى أحسب أنها لا تفيد الميت بشيء لما فيها من غرائب وعجائب  لقراء هذا الزمان «قراء أفلام المقاولات» - إن سمح بهذا التعبير المؤلم -. 

وأخيرا نرى هذا العبط الفنى الذى يستخدمه رجل يعزف ويلحن لآيات القرآن،  والناس يفتحون أفواههم فى ذهول ولا ينطقون!، أيها السادة يجب أن  نحترم كتاب الله عز وجل، ونأخذ بأيد أبنائنا إلى محفظى القرآن المعتبرين فى الأزهر، وأروقته القرآنية، والمنتشرة الآن فى كل محافظات مصر، وكتاتيب القراء المشهود لهم بالحفظ والإتقان، وننبه أن هذا الذى أجرم فى حق القرآن ولحن آياته على أنغام الموسيقى تحت مسمى المقامات، إن هو إلا أفاك أثيم، والقرآن أكبر مما يعمل ويعملون وما يظن المفترون.

د. عبد المنعم فؤاد  أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر