الزراعة تواجه تطرف المناخ

الحكومة تتبني مسارات لتفادي أثر التغيرات الجوية

التغيرات المناخية تهدد الزراعات حول العالم
التغيرات المناخية تهدد الزراعات حول العالم

تقرير جديد صدر عن «المنتدى الاقتصادى العالمي»، ويدعو المجتمع الدولى لإعادة تشكيل استراتيجياته واتخاذ ما يلزم عبر سلاسل القيمة باستخدام أدوات مالية مبتكرة وهو التقرير الذى سلط الضوء عليه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء .

التقرير ذكر أن النظم الغذائية تمثل فى عالم اليوم ما يقرب من ثلث الانبعاثات العالمية، 39٪ منها مرتبطة بـ الإنتاج الزراعي، يليه استخدام الأراضي 32٪، وأنشطة سلاسل التوريد 29٪، ومع ذلك لا يزال الانتقال إلى «صافي انبعاثات كربونية صفر» وجعل النظم الغذائية أكثر استدامة يواجه نقصًا فى التمويل، مع تخصيص أقل من 4٪ من تمويل المناخ للزراعة والغذاء، كما ذكر التقرير أن النظم الغذائية مسؤولة عن أكثر من 80٪ من إزالة الغابات المدارية وفقدان التنوع البيولوجى بالإضافة إلى 70٪ من عمليات سحب المياه العذبة العالمية، وبالتالي يشير التقرير إلى أن هناك 56% من مؤسسات التمويل الزراعى توافق على أن التغيرات المناخية سوف تؤثر سلبًا على الأداء المالى لعملائها، إلا أنه من خلال التمويل الكافى والملائم، يمكن لأنظمة الأغذية والزراعة أن تحقق 20٪ من تخفيضات الانبعاثات اللازمة للوصول إلى الأهداف المناخية بحلول عام 2050.

وفى ذات السياق، عقد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الجلسة الثانية عشرة من جلسات المنتدى الفكرى للمركز بعنوان «تأثير التغيرات المناخية على مستقبل الإنتاج الزراعى فى مصر»، بهدف استكشاف مسارات التحرك الممكنة التى يمكن أن تتبناها الحكومة لتلافى أثر التغير المناخى على قطاع الزراعة فى مصر، واستعرض د. أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة الأسبق الأستاذ بجامعة عين شمس، التحديات المتزايدة التى تواجه قطاع الزراعة مصر وأبرزها الزيادة السكانية بمعدلات كبيرة للغاية، ومظاهر التأثيرات المناخية؛ أولًا: زيادة درجة الحرارة وارتفاع منسوب سطح البحر وما يترتب على ذلك من تملح الأراضى بالدلتا، وهذا يتطلب حماية المناطق المعرضة للخطر، ثانيًا: عدم كفاية المياه للإنتاج الزراعى وما يتطلبه ذلك من ضرورة تحديد الأولويات: ما نزرع وما نستورد، ثالثًا: زيادة الفاقد فى الغذاء والذى يتراوح بين حوالى 20 : 50% عبر سلسلة خطوات حصد ونقل وتخزين المحاصيل الزراعية وقلة الصوامع، وهنا دعا إلى زيادة الصوامع لتصل سعتها الإجمالية إلى 9 ملايين طن لتخزين المحاصيل المحلية بالأساس ثم المستوردة. ولعلاج آثار التغيرات المناخية

ثم تحدث اللواء جوى هشام طاحون رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية، موضحًا أن الهيئة لديها قاعدة بيانات جوية عريقة تعود حتى مائتى عام مضت، وهى ذاكرة الطقس المصرية وترصد التغيرات التى شهدتها مصر على مدى السنوات الماضية، وبالاعتماد على هذه القاعدة وبالعلم يمكننا التنبؤ بما نتوقع فى المستقبل، ودور الهيئة هو تقديم المعلومة،بمعرفة المتخصصين،للجهات المختلفة لتوظفها كل جهة وفق أهدافها، وعرض واقع ومستقبل مظاهر التغير المناخى بناءً على قاعدة البيانات المناخية لدى الهيئة، وتتمثل المظاهر فى ارتفاع درجات الحرارة العظمى وتكرار الأحداث المناخية المتطرفة مثل السيول العنيفة وأيضًا زيادة عدد الأيام شديدة الحرارة ونقصان عدد الأيام الباردة وانخفاض معدلات سقوط الأمطار فى الشمال المُمطر والعكس فى الجنوب الجاف، وشمل العرض مجموعة من الأمثلة للأحداث المناخية الجامحة التى شهدتها مصر خلال العقد الأخير وما نجم عنها من خسائر بشرية ومادية، كما تناول العرض دراسة حالة لسيناريوهات تأثير التغيرات المناخية على إنتاجية محصول القمح فى (5) محافظات هي: الغربية والقليوبية وكفر الشيخ والشرقية والبحيرة.

وباعتبار الزراعات المحمية من أهم وسائل علاج آثار التغيرات المناخية تحدث اللواء أحمد رسمي، مدير عام الشركة الوطنية للزراعات المحمية بجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، موضحًا أولًا أهداف الصوب الزراعية، وأبرزها: توفير غذاء صحى آمن لاستخدام المواطن المصرى بالأساس، وأيضًا لتصدير المنتجات الزراعية بهدف زيادة الدخل القومى من العملة الصعبة، ثم أكد أن الصوب الزراعية من أهم وسائل الحد من تأثير التغيرات المناخية على المنتجات الزراعية، ولقد تنبهت القيادة السياسية مبكرًا لهذه الأمر، فكان الاتجاه للصوب الزراعية، وكانت الشركة الوطنية للزراعات المحمية.

وأخيرًا، أكد اللواء أحمد رسمى أن قطاع الصوب الزراعية ذا مستقبل واعد للإنتاج؛ من حيث الكم والجودة، إذ يضمن زيادة المحصول، وبالتبعية زيادة التصدير، مع إنتاج الخضر فى غير موسمها، وأيضًا تعظيم الاستفادة من وحدة المساحة ووحدة المياه، والأهم هو حماية الزراعات من الظروف الجوية غير المواتية التى تؤثر على الحقول المكشوفة. ثم أكد الأستاذ الدكتور محمد على فهيم، مستشار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى ورئيس مركز معلومات تغير المناخ، أن ثمة تحدٍ كبير فى التعامل مع قضية تغير المناخ، ومصر تعاملت معها وفق رؤية خاصة بها، ومنبع هذه الرؤية هو اختلاف طبيعة التغير المناخي فى مصر، فهو «تغير صامت» لا يظهر منه إلا تأثيره؛ على النواحى الاقتصادية وغيرها وعلى ملف الأمن الغذائى .