عبد الجواد العوفير يكتب : عنكبوت يفترس بحراً

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


كأسى الموضوعة
بفوضى
على الطاولة
واللوحة المعلّقة
على جدار بارد
لا يعلم شيئاً عن السوريالية
والنافذة التى تهرب
دوماً
إلى رأسى الملىء
بلفافات التبغ
والزوبعة

وهذا العنكبوت الوديع
فى زاوية الغرفة
ينسج خيوطه على وحدتى
ويلقى التحية
على العزلة
بقبعتها السوداء
ووجهها المبهم
دخلت من بابٍ 
تركته للريح
والأشباح

2
أيها الباب
كم تركتك وحيداً
تلتهم العاصفة
والكلام الملقى
بغير اكتراث
فى غرفة تعوّدت
على السفر الطويل


3
أشكرك أيها العنكبوت
يا من تفترس مقاعدَ
جلسنا عليها طويلاً
وتفترس بحراً
كان يعانقنا
كما لو كنّا أطفاله
أطفاله
العاقين
طبعاً

4
ما رأيك
حين أجلس فى المقهى
أحملك معى
فى صندوق صغير
أنيق
يليق بمستواك
أيها العنكبوت الأزرق
صندوق كنت أسمّيه صغيراً
صندوق الغرابة
لا تسألنى كيف
أيها الصديق الطيب
وحاول أن تكون
فى مستوى الذكريات


5
كم حاول البحر
مصادقتى
كنت أطرده بأسماكه الحمراء
وجنونه الاعتيادى
وهداياه التى لا تكف
لأنى أشبهك أيها
العنكبوت
فى الرتابة


6
كم من سماء
لأغرقها
فى هذه الكأس
عيناى سحب
وكم من سماء
تنسجها
أيها العنكبوت العتيق
كم من سماء تخبئها
الجدران


7
العنكبوت يتشبث بنهدين
كى يخلق
امرأة


8
كلّما نسج العنكبوت
خيطاً
وُلدت كلمة

9
الكلمات ترتدى
قبعات سوداء
وتهجم علىَّ فى الليل

10
الأيدى الغريبة
تلوّح من النافذة
المفتوحة
سهواً
نفس الأيدى
التى أهملتها
وضاجعت المقاهى
ودّعتها
من نافذة فى قطار مسرع

11
الشبح بمشنقته
يقترب خطوتين
وأنت تنسج لى هرماً
فى القبو المعتم
لكننى أرجوك
بحكم الصداقة
أن تترك
مصباحاً أزرق
وورقة

12
أحببتك
أيها العنكبوت
لأنك قليل اللباقة
مثلى
ولأنك لا تنزع قبعتك
عندما تلقى عليك التحية
امرأة
خرجت من المصباح.