منشورات تهديد افتراضى على «الفيس بوك» انتهت بقتل صاحبها

كريج روبرتسون
كريج روبرتسون

دينا‭ ‬جلال

 سلسلة منشورات عبر الفيس بوك لا تخلو من كلمات الوعيد والتهديد المتكرر، صاحبها مواطن امريكي في منتصف السبعينيات من عمره، لم يتوان عن التهديد بقتل السياسيين الأمريكيين وخاصة الرئيس وابنه ونائبته ومسئولي ولاية يوتا لرفضه سياساتهم، وحين اعلن البيت الابيض الأمريكي زيارة الرئيس جو بايدن إلى مدينة سولت ليك بولاية يوتا تركزت المنشورات الاخيرة لكريج ديليو روبرتسون -75 عاما- على قتل الرئيس مؤكدًا أن الفرصة أُتيحت له اخيرًا لينتقم من بايدن وإدارته، لم يتهاون مكتب التحقيقات الامريكي امام تلك التهديدات ولم يمنحها الوقت الكافي للتحقيق حول مدى جديتها من عدمه؛ لينتهي الامر خلال دقائق معدودة بقتل صاحب التهديدات في منزله، ومن هنا أثارت الواقعة الجدل في كافة انحاء الولايات الامريكية وامتدت عناوينها للصحف العالمية التي تداولت تفاصيل قتل رجل التهديدات الافتراضية في امريكا دون اعتقاله.

 تحول كريج روبرتسون إلى حديث وسائل الإعلام الامريكية بعد مقتله برصاصات عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي على عتبة باب منزله في مداهمة وقعت احداثها في السادسة صباحا  قبل ساعات من وصول بايدن إلى ولاية يوتا لإلقاء سلسلة من الخطب والزيارات، وانتهى الامر بالقتل بعد فشل محاولة العملاء الخاصون بإتمام أمر اعتقال المتهم وتفتيش منزله للتحقيق معه حول تهديداته المتكررة ضد جو بايدن وسياسيين آخرين.

مؤيد لترامب

توالت الانتقادات ضد الشرطة الفيدرالية؛ لتخطي إجراءات التحقيق في الواقعة وقتل المشتبه به سريعًا ليضطر مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى اصدار بيان جاء فيه: «مكتب التحقيقات الفيدرالي يأخذ جميع حوادث إطلاق النار التي يتورط فيها عملاؤنا أو أعضاء فريق العمل على محمل الجد، سياسة المكتب تتولى حادث إطلاق النار ليخضع للمراجعة من قبل قسم التفتيش في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وليس لدينا المزيد من التفاصيل لتقديمها الآن»، انتهى بيان مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتوالت مبررات الشرطة؛ لتشير إلى مقاومة كريج للعملاء ممن ارتدوا دروعًا واقية للتصدي لهجماته المحتملة بالسلاح، كما كشفت الشرطة تفاصيل رسائل كريج «المتعطشة للدماء» تبعًا لوصفهم مؤكدين انه يرسل تعليقات مؤيدة لترامب طوال الوقت وفي المقابل ينشر تهديدات دائمة ضد عائلة بايدن ونائبته كامالا هاريس ويدعو لقتلهم ولم تخل صفحاته من استعراض أسلحته؛ حيث ينشر صورا محملة بالأسلحة الثقيلة يضعها في مخبأ ضخم في منزله منها بنادق قناصة وبنادق آلية وشبه آلية، بالإضافة إلى ظهوره مرتديا ملابس عسكرية ومحملا بمعدات تكتيكية على وسائل التواصل الاجتماعي.

زيارة الرئيس

أصدر كريج منشورًا له في 7 اغسطس قال فيه: «سمعت أن بايدن قادم إلى يوتا، استعد لارتداء البدلة الخاصة بي وتنظيف الغبار من بندقية القناصة المفضلة لدى» وفي منشور آخر «ربما ستصبح يوتا الاشهر على الاطلاق هذا الاسبوع لأنها المكان الذي يشهد قيام احد القناصة باغتيال بايدن»، وقبل يومين من قتله نشر كريج: مرحبًا مكتب التحقيقات الفيدرالي، هل مازلت تراقب وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بي؟ حتى أتمكن من التأكد من وجود بندقية محملة في متناول يدي في حالة اقترابك مرة أخرى،وبالرغم من اعتياد كريج ارسال تلك المنشورات طوال الوقت نظرًا لتأييده ترامب ورفضه لسياسة الديمقراطيين ورئاسة بايدن إلا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي وصف تلك المنشورات بالمصداقية الكبيرة؛ لتضمنها تهديدات تحمل خططا جادة لاتخاذ إجراءات واقعية، وأشارت وثائق المحكمة الى كريج كأحد أكبر مؤيدي ترامب الذي هدد بإلحاق الاذى الجسدي المخيف بسبب تهديداته المتتالية بين الولايات والتهديدات ضد الرئيس والتأثير عليه وعرقلة موظفي إنفاذ القانون الفيدرالي والانتقام منهم عن طريق التهديد، وتشير الوثائق إلى امتلاك كريج شركة أخشاب غير مرخصة وهوسه بامتلاك السلاح.

يمتلئ حساب كريج على فيسبوك برسائل تهدد بالعنف تجاه بايدن والديمقراطيين البارزين الآخرين الرئيس أو ابنه هانتر، وفي مارس هدد بقتل المدعي العام لمقاطعة نيويورك ألفين براج، المشرف على التحقيق الجنائي مع الرئيس السابق دونالد ترامب، وكتب في ذلك الوقت: «سأنتظر في جراج السيارات في قاعة المحكمة لأنتقم من مدعي عام لا ينبغي أن يبقى بيننا»، والغريب في الامر أنه خضع للتحقيقات في مارس الماضي واستجوبه عملاء فيدراليون بخصوص أحد منشوراته التي تمنى فيه رؤية اعدائه غارقون في الدماء ليؤكد انها مجرد أحلام.

هجوم فيدرالي

لم يكترث الكثيرون إلى تفاصيل منشورات كريج وخاصة ممن يؤيدون ترامب او الحزب الجمهوري، واعتبروا مقتل كريج دون اعتقال أو محاكمة أمرًا صادمًا ومخالفًا لحقوق الانسان؛ حيث انه تعرض للقتل في منزله دون أن ينفذ تهديداته أو يقدم على عمل ارهابي، وتباينت وجهات النظر عبر وسائل الاعلام بعد شهادة جيران كريج؛ حيث اظهرت الكاميرات الجيران وهم يختبئون خلف الجدران خوفا من عملاء العمليات الخاصة وهم مدججين بالاسلحة والدروع الواقية، وألقوا قنبلة دخان خلال المواجهة التي انتهت بقتل سريع، واكد جاره ترافيس كلارك عن ارتباك الحى بأكمله بسبب تصاعد الأمور بهذه السرعة، قائلا: إن كريج بالنسبة لهم جار هادئ كان يرتاد الكنيسة لسنوات ويستضيف جيرانه في منزله ومعروف عنه انه معارض للحكومة والإدارة الأمريكية وكان من الممكن ان يخضع للتحقيقات ويتم سحب اسلحته مع اخضاعه للمراقبة إلا أن اطلاق النار وقع بشكل صادم ومفاجئ في الصباح الباكر.

اقرأ أيضًا : وسط باريس .. لصوص يقتحمون متجر مجوهرات


 

 

 

;