قصة الحب انتهت بالقتل .. سعد أنقذ ابنة خاله فدفع حياته ثمنًا لشهامته

الضحية
الضحية

حبيبة‭ ‬جمال

 تخبرك نظراتها المليئة بالحزن عن لوعة أم فارقت فلذة كبدها، تتطلع بفارغ الصبر إلى لحظة القصاص من الذين أنهوا حياة ابنها دون أي ذنب سوى لشهامته إذا كنا سنعتبر الشهامة ذنبًا يستحق عليه القتل.. تجلس الأم المكلومة داخل غرفة نجلها، تحتضن ملابسه كي تشم رائحته، تنظر إلى صوره وهو عريس، لم تدم فرحتها كثيرا، فمات غدرًا بعد خطبته بأسبوع واحد فقط، تشرد الأم المسكينة وكأنها تراه عريسًا يرتدي بدلة الزفاف وتحقق وصية والده، ولكن سرعان ما تفيق من شرودها على الحقيقة المرة وهو أنه مات ولن يعود لحضنها مرة أخرى..وبدلًا من أن تراه ببدلة الزفاف رأته بالكفن الأبيض وودعته لمثواه الأخير.. تفاصيل أكثر عن تلك القصة المأساوية وخيانة صديقه الذي سلمه للموت بيده ترويها السطور التالية.

داخل بيت صغير بمنطقة التل الكبير، بمحافظة الإسماعيلية، نشأ سعد، شاب في بداية العشرينيات من العمر، هو أصغر أشقائه، ورغم ذلك إلا أنه كان شاب مكافح منذ صغره، لم يكمل تعليمه لكنه خرج لسوق العمل وتحمل المسئولية، يعمل في مزرعة سمك ليكسب قوت يومه ويجهز نفسه حتى يتزوج بمن اختارها قلبه، سعد كان محبوبًا بين أهالي منطقته، لا يبخل عن مساعدة الصغير قبل الكبير، توفى والده منذ شهر، وقبل وفاته أوصى أشقاءه بأن يهتموا بسعد ويزوجونه بمن أحبها، وبالفعل قبل أسبوع من الآن أتم سعد خطبته على الفتاة التي أحبها، أقام حفلا كبيرًا حضره جميع الأهل والأصدقاء، من يعرفه ومن لا يعرفه، كانت الأم تشعر بالسعادة وهي ترى فلذة كبدها عريسًا، لم يكن ذلك المسكين ولا والدته يدريان أنه سيدفع حياته ثمنا لشهامته ويُقتل بدم بارد ويغدر به أقرب أصدقائه، الذي أكل معه وشرب. 

بداية الحكاية

منذ شهر تقريبا، تقدم شاب من محافظة الشرقية لابنة خال سعد، لكن رفضت أسرتها تلك الزيجة، ظل الشاب يطارد الفتاة في كل مكان، فهو يحبها ويريدها زوجة له، وفي يوم ذهب إليها بسيارته وطلب منها الركوب معه حتى يتحدثان سويا، فكان يريد أخذها بالقوة والزواج منها دون علم أسرتها، وأثناء سيرهما بالسيارة حاولت الفتاة النزول لكنها لم تتمكن من ذلك، فشاهدها سعد ووقف أمام السيارة بدراجته البخارية وأنقذها؛ فحدثت مشادة كلامية بينه وهذا الشاب وصلت حد التشابك بالأيدي وأصيب الشاب بإصابات في جسده، تدخل الأهالي وأنهوا المشاجرة، بعدها تم عقد جلسة عرفية وتصالح الطرفان، اعتقد الجميع أن القصة انتهت بمجرد الصلح، ولكن يبدو أن الطرف الثاني مازال يحمل في قلبه الكره والحقد والضغينة تجاه سعد؛ الأيام تمر وهو لا يفكر سوى في الانتقام وأخذ حقه، حتى رسم الخطة كاملة في ذهنه، لم يجد أفضل من قريبه والذي هو في نفس الوقت الصديق المقرب من سعد، حتى يعرف منه خط سيره ويستدرجه للانتقام منه، رسم الخطة مع أسرته ومع صديق سعد، وهو أن يبلغهم بموعد خروجه من العمل وخط سيره، ويبدو أن هذا الصديق الخائن كان هو الآخر يحمل الحقد والكره تجاه الضحية، فلم يتردد في الموافقة والمساعدة في تسليم صديقه للموت بيده دون مراعاة للعشرة والصداقة.                    المتهم

يوم الجريمة

استيقظ محمد كعادته كل يوم مبكرا، استعدادًا للذهاب لعمله في مزرعة السمك، تناول إفطاره مع أسرته، طبع قبلة على جبين والدته، ثم اتصل بصديقه ليذهبا سويا للعمل، يوم شاق مليئ بالأحداث، وبعدما انتهى سعد من عمله، وأثناء عودته بصحبة صديقه في تمام السابعة مساء، وقفت أمامهما سيارة يجلس فيها ثلاثة أشخاص، السائق واثنان من أشقاء الشاب صاحب المشكلة الأساسية، الذي تشاجر مع سعد منذ شهر، نزلوا من السيارة واعتدوا عليه بالعصا الخشبية، فحاول الهرب منهم وألقى بنفسه في الترعة، لكنهم لم يمهلوه ونزلوا خلفه حاملين أسلحتهم البيضاء وظلوا يمزقون جسده بالأسلحة البيضاء بلا رحمة ولا شفقة، وعندما وجدوا أنه مازال حيا أخرجوه من المياه وأجهزوا عليه ولم يتركوه إلا وهو جثة هامدة، ثم فروا هاربين. 

اعتقد المتهمون أنهم سيفلتون من العقاب وأنهم لم يراهم أحد، لكنها عدالة السماء، فهناك من رصد ما فعلوه بالصوت والصورة – كما أوضح لنا ابن خاله-، وهذا الفيديو في أيدي النيابة الآن..بدأ الأهالي يخرجون وأسرعوا نحو الضحية في محاولة لإنقاذه ونقلوه سريعًا للمستشفى، لكن روحه قد صعدت للسماء، كل ذلك كان بصحبة صديقه الذي مثل أمام الجميع أنه لا يعرف شيئًا، والذي أخبر رجال المباحث وقتها أن أشخاصًا ملثمين هم الذين اعتدوا عليه وقتلوه، ولكن عندما تسلم رجال المباحث الفيديو الذي صوره أحد الأشخاص من داخل منزله اتضح كذب الشاب، وانهار واعترف بجريمته وأرشد عن باقي المتهمين.

بلاغ

تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الشرقية، إخطارًا يفيد بورود إشارة من مستشفى أبو حماد المركزي، بوصول شاب يدعى سعد، يبلغ من العمر ٢٢ عاما، مقيم بالتل الكبير، جثة هامدة؛ إثر إصابته على يد آخرين، وانتقل على الفور رجال المباحث لمحل البلاغ، وتمكنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على المتهمين، ومازالت التحقيقات مستمرة معهم لمعرفة الحقيقة. 

مات سعد بلا ذنب، مات مرتين، المرة الأولى عندما غدر به صديقه وسلمه للموت، والمرة الثانية على أيدي هؤلاء الأشخاص الذين نزعوا قلوبهم ووضعوا مكانها قطعة من الحجارة أو أشد قسوة، هؤلاء الذين لا يعرفون سوى القتل والدم، ونفس مشهد حفل الخطوبة الذي حضره الآلاف، تكرر مرة أخرى، ولكن تلك المرة كان مشهد جنازته.. تلك المرة تبدلت فرحة القلوب إلى حزن.. ودموع الفرحة إلى دموع الألم والحسرة على الشاب الذي مازال في مقتبل عمره وراح ضحية للغدر، والدته في حالة يرثى لها، فقدت في لحظة فلذة كبدها دون أي ذنب، يكاد عقلها يجن منذ أسبوع واحد فقط كان بين أحضانها يرقص من الفرحة في حفله واليوم لا وجود له، مجرد صور فقط، أصبحت لا تتمنى سوى القصاص العادل بمن قتلوه حتى يرتاح قلبها قليلا. 

اقرأ أيضًا : 3 جرائم قتل .. بسبب الجشع والطمع

;