نابليون بونابرت.. والدته صنعت شخصيته ونهاية مأساوية

نابليون بونابرت.
نابليون بونابرت.

 تحل اليوم ذكرى ميلاد الغازي الفرنسي نابليون بونابرت أول إمبراطور لفرنسا ذو الأصول الإيطالية، غروره ساهم في سقوطه والنفي كان النهاية الحتمية لأشهر طغاة القرن الثامن عشر.

 

النشأة:

وُلد نابليون في قصر آل بونابرت في بلدة أجاكسيو الواقعة بجزيرة كورسيكا، بتاريخ 15 أغسطس سنة 1769، أي بعد عام من انتقال ملكية الجزيرة من جمهورية جنوة، إلى فرنسا، وهو الولد الثاني لأبويه من أصل 8 أولاد.

أطلق عليه والده اسم «نابليوني دي بونابرته» بادئ الأمر، تيمنًا بعمه الذي قُتل وهو يُقاتل الفرنسيين دفاعًا عن بلاده، إلا أن نابليون نفسه فضّّل لاحقًا بأن يُلفظ اسمه كما يُلفظ بالفرنسية، أي ناپوليون بوناپجت، وهذا ما جرت عليه العادة بين الناس. كذلك، كان اسمه يُلفظ «نابوليون» باللغة الكورسكية.

تنحدر أسرة بونابرت من جذور إيطالية نبيلة، وقد قدم أفرادها من كورسيكا من منطقة ليگوريا في شبه الجزيرة الإيطالية خلال القرن السادس عشر.

 كان والد نابليون، واسمه «كارلو بونابرت»، يعمل محاميًا، وقد عُين لاحقًا ممثلاً لكورسيكا في بلاط الملك «لويس السادس عشر» في سنة 1777.

 

والدته تصنع شخصيته:

تُعتبر والدة بونابرت، «ماريا يتيسيا رامولينو»، الشخص الذي كان له أكبر تأثير على تكوين شخصيته، إذ يُعرف عنها أنها كانت صارمة وشديدة الحزم، بينما كان نابليون صبيًا جامحًا،  فكانت والدته غالبًا ما تقيد تصرفاته وتفرض عليه ما ينبغي أن يقوم به وما يجب أن ينتهي عنه، مما دفع البعض إلى القول أن تربيته المنزلية بحد ذاتها كانت «تربية عسكرية».

 

كان لنابليون شقيق أكبر منه سنًا هو «جوزيف»؛ و6 إخوة وأخوات أصغر منه سنًا، هم: «لوسيان»، و«إليسا»، و«لويس»، و«پولين»، و«كارولين»، و«جيروم».

عُمِّد نابليون في كاتدرائية أجاكسيو في 21 أغسطس سنة 1771، أي بعد أن بلغ عامه الثاني.

 

دراسته العسكرية:

التحق بمدرسة سان سير العسكرية الشهيرة، وأظهر تفوقًا باهرًا على رفاقه، ليس فقط في العلوم العسكرية وإنما أيضًا في الآداب والتاريخ والجغرافيا. وخلال دراسته اطّلع على روائع كتّاب القرن الثامن عشر في فرنسا وجلّهم، حيث كانوا من أصحاب ودعاة المبادئ الحرة، فقد عرَف عن كثب مؤلفات فولتير ومونتسكيو وروسو، الذي كان أكثرهم أثرًا في تفكير الضابط الشاب.

 

أنهى دروسه الحربية وتخرّج في سنة 1785م وعُين برتبة ملازم أول في سلاح المدفعية التابع للجيش الفرنسي الملكي.

 

وفي سنة 1795 أُعطيت له فرصة الظهور، ليبرِز براعته لأول مرة في باريس نفسها حين ساهم في تعضيد حكومة الإدارة وفي القضاء على المظاهرات التي قام بها الملكيون، تساعدهم العناصر المحافظة والرجعية. ثم عاد في سنة 1797 ودعم هذه الحكومة ضد توجه أن تكون فرنسا ملكية دستورية فبات منذ هذا التاريخ السند الفعلي لها ولدستور سنة 1795.

 

الحملة الفرنسية على مصر:

 هي عملية عسكرية قادها نابليون بونابرت على مصر عام 1798، بجيش قوامه 36 ألف مقاتل، بهدف حماية المصالح الفرنسية، ومنع إنجلترا من الوصول إلى الهند، وقد استمرت الحملة 3 سنوات، وانتهت عام 1801 بهزيمة الفرنسيين وانسحابهم.

حيث واجه الاحتلال الفرنسي مقاومة حامية امتدت من الإسكندرية شمالا إلى صعيد مصر جنوبا، حيث خاض المصريون معارك ضارية ضد الفرنسيين في السنوات الثلاث، وثاروا ضد الفرنسيين مرتين في ما يعرف بثورة القاهرة الأولى والثانية، لكن الفرنسيين واجهوا الثورة بالحديد والنار وضربوا القاهرة بالمدافع ودنّسوا الجامع الأزهر وأغلقوه، ولاحقوا الثوار وقادتهم وأعدموا بعضهم مثل محمد كريم حاكم الإسكندرية. 

 

تدنيس الجامع الأزهر 

كما قام جنود قائد فرنسا نابليون بونابرت بدخول الجامع الأزهر لإخماد ثورة المصريين، وتدنيس أشهر مساجد مصر في جريمة تاريخية لا تغتفر.

يصف الجبرتي بعضا من جرائم الفرنسيين عند اقتحام الأزهر بقوله "دخلوا إلى الجامع الأزهر وهم راكبون الخيول، وبينهم المشاة كالوعول، وتفرقوا بصحنه ومقصورته، وربطوا خيولهم بقبلته، وعاثوا بالأروقة والحارات، وكسروا القناديل والسهارات، وهشّموا خزائن الطلبة، ونهبوا ما وجدوه بها من المتاع والأواني والقصاع والودائع والمخبآت بالدواليب والخزانات، ودشتوا الكتب والمصاحف وعلى الأرض طرحوها، وبأرجلهم ونعالهم داسوها، وكسروا أوانيه وألقوها بصحنه ونواحيه، وكل من صادفوه به عرُّوه، ومن ثيابه أخرجوه".

 

استشهاد سليمان الحلبي:

رغم مافلعه جنود بونابرت فشلوا في حماية قائدهم كليبر الذي قتله الشاب الأزهري السوري سليمان الحلبي.

والذي استشهد بإعدامه بطريقة وحشية تدل على سادية بونابرت وجيشه 

وفشلت في إخضاع الشعب المصري وعند هذا الحد أرسلت الدولة العثمانية عام 1801م قائداً عسكرياً أرناؤوطي بجيشه على وجه السرعة إلى مصر لطرد الفرنسيين، كان هذا القائد هو محمد علي باشا.

 

وصوله لإمبراطورية فرنسا:

في عام 1802، أعلن بونابارت نفسه قنصلا مدى الحياة بعد فوزه الساحق في انتخابات رئيس المجلس التي حصل فيها على أكثر من 5.3 ملايين صوت مقابل 8500 صوت فقط لمنافسيه، وأصبح الطريق ممهدا أمامه ليكون أول إمبراطور في تاريخ فرنسا.

الإمبراطور

في شهر مايو1804، أُعلنت فرنسا إمبراطورية، وكانت تشمل فرنسا وإيطاليا وأجزاء من بلجيكا وألمانيا والنمسا وصولا إلى روسيا.

 

وفي الثاني من ديسمبر 1804، احتضنت كاتدرائية "نوتردام د باري" حفل تتويج نابليون إمبراطورا بحضور آلاف الوجهاء والساسة والقادة العسكريين والبابا، وبعد ذلك بستة أشهر تُوج نابليون إمبراطورا لإيطاليا، وجرت المراسم في مدينة ميلانو.

أصبح نابليون إمبراطورا يحكم أجزاء واسعة من أوروبا، وهو في أواسط العقد الرابع من عمره، ورغم ذلك كان طموحه التوسعي بلا حدود، فواصل حملاته العسكرية وشنَّ حربه الثالثة ضد الحلفاء "النمسا، وبلجيكا، وهولندا، وروسيا، وبريطانيا"، وفي شتاء عام 1805 انتصر في معركة أوسترليتز"، وأخضع الحلفاء، وفرض الحماية على إسبانيا وجعلها تحت إمرة شقيقه.

 

معارك خاسرة :

بحلول عام 1810 كان حكم بونابرت يسلك طريقه إلى النهاية، مدفوعا بكثرة الحملات العسكرية والخسائر الهائلة التي نتجت عنها.

حيث أعلنت روسيا نقض حلفها مع فرنسا والتحالف مع النمسا، وفتحت مياهها أمام السفن البريطانية، وفي نهاية العام أعلن القيصر فرض ضرائب على السلع الفرنسية.

تسببت تلك الإجراءات في خنق فرنسا اقتصاديا، وقرر نابليون غزو روسيا في شتاء 1812 فتوجه إليها على رأس جيش يضم ستمائة ألف جندي، لكن البرد القارس والثلوج حولت الحملة إلى كارثة قضى فيها أكثر من 90% من الجنود.

 

في العشرين من مارس 1815 أعلن بونابرت عزمه تدشين معركة جديدة ضد الحلفاء.

سُميت هذه الفترة فترة المئة يوم نسبة إلى المدة الزمنية الفاصلة بين تاريخ دخول باريس وتاريخ الهزيمة في معركة واترلو في 18 يونيو1815.

لجأ نابليون إلى الجيش البريطاني أملا في الحصول على اللجوء السياسي، لكن البريطانيين نفوه إلى جزيرة سانت هيلانة بالسواحل الأفريقية.

 

نهاية بائسة :

اعتُقل نابليون وسُجن لفترة قصيرة، ثم نُفي إلى جزيرة القديسة هيلانة في وسط المحيط الأطلسي الجنوبي بين أفريقيا والبرازيل، والتي تبعد 2,000 كيلومتر تقريبًا عن كليهما.

في سنة 1818 نشرت صحيفة الأزمان إشاعة كاذبة تُفيد بأن نابليون هرب من الجزيرة، كما قيل أن عددا من اللندنيين استقبل هذا الخبر بالإضاءات العفوية.

نال نابليون خلال الفترة التي قضاها في الجزيرة تعاطف بعض أعضاء البرلمان البريطاني.

 

أخذت صحة نابليون بالتراجع تراجعًا حاداً في شهر فبراير من سنة 1821، وفي الثالث من مايو كشف عليه طبيبان بريطانيان كانا قد وصلا مؤخراً إلى الجزيرة، ولم يستطيعا فعل شيء سوى النصيحة بإعطاءه المسكنات.

توفي نابليون بعد يومين من هذا الكشف، بعد أن كان قد اعترف بخطاياه.

 

المصدر مركز معلومات أخبار اليوم