«تشابك» قصة قصيرة للكاتبة سهام الوهيبي

«تشابك» قصة قصيرة للكاتبة سهام الوهيبي
«تشابك» قصة قصيرة للكاتبة سهام الوهيبي

«تشابك» قصة قصيرة للكاتبة سهام الوهيبي

زيارةٌ عائلية ، جَمعتْنا لنتعارف ..عند أوَّلِ لقاءٍ لهما ، تلاقى القلبان فتعاهدا ..وكانت عيونُهُما شهوداً، ونحن ..

لم يُضيِّعا الوقت، وقرأت الفاتحة ..زغاريدٌ و مباركات ..نظراتٌ دافئة ، تخترقُ الأسوار .. وتستكين القلوب.. نباركُ حبَّهُما، مُتمنِّين لهما الوِصال بلا انقطاع.. وتمَّ الميثاقُ بالعقد الأبدي ..لم أغادِرهُما لحظة ..

تتبَّعْتُ حركاتِهِما، و سكناتِهِما ..

رأيتُهُما متلازمين، مُتشابكي الأيادي، اعترافا بمولدِ الحب ..تعاهدا أمامنا أن يظلا هكذا، طيلةَ العُمر .. مُتشبِّثين بترابطهما ..وفي داخلي دهشةٌ من هذا التلاحمِ الفريد !لقد تعرَّفا في وهلة، وكأنهما دهراً معاً !لمسةُ اليدين تنبئني أنَّهما يخشَيانِ شيئاً ما !

أراهُما ، يعتصرانِ اليدين !أتساءل في نفسي: ما هو السبب في حيرة عيونهما يا تُرَى ؟! شئٌ عجيب ..

كأن أحداً يحاولُ تفريقَهُما غصباً، ويرفضان !تُصارعُهُما الأيامُ ليُصبحَ كلٌ في طريق ..يأبى كلاهُما الانصياعَ للأمر ..

يزدادا التصاقاً بحُلمِهِما الوردي ..تلدغُهُما أفعى الحروبِ المُتفشِّيةِ في البُلدان ..يسري السمُّ في شرايينِ العشق المُرتعِد ، خوفاً من المجهول ..قاوما بحزمٍ و إباء ، ودأَبَا على اللقاء رغماً عن دقَّاتِ الموتِ الحائم ..

وَجَدا أنَّ الحياةَ تُجْحِفُهُما حقَّهُما فيها ، فوَهَبا أرواحَهُما لِمَن يستحق ..

هذا مريضٌ عاجز ..

و هذا فقيرٌ عائز ..

وهؤلاء في حَوجٍ قاهر ..

لم يبخلا بجَهدٍ، ولا برعاية..

و عند انهيارِ المَشفَى الذي تطوَّعا للعملِ فيه ، إثرَ صاروخٍ مُوَجَّهٍ من الأعداءِ صوبَ مدينتي غزة ..

بحث فريقُ الإنقاذِ عن أحياءٍ بين الأنقاض.. حتى بعدَ الموت ، ظَلَّا على العهد ..وُجِدا مُتشابكي الأيادي ..