مجرد رأى

سوط وقبعة

هيثم مصطفى
هيثم مصطفى

حينما‭ ‬أراد‭ ‬جورج‭ ‬لوكس‭ ‬استثمار‭ ‬نجاح‭ ‬سلسلته‭ ‬الشهير‭ ‬“Star Wars”،‭ ‬وبالأخص‭ ‬استثمار‭ ‬كاريزما‭ ‬هاريسون‭ ‬فورد‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بطلًا‭ ‬بارزًا‭ ‬في‭ ‬السلسلة‭ ‬بشخصية‭ ‬“هان‭ ‬سولو”،‭ ‬قرر‭ ‬إعادة‭ ‬صنع‭ ‬الحبكة‭ ‬بحالٍ‭ ‬تجعله‭ ‬يعيد‭ ‬تقديم‭ ‬فورد‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬دورٍ‭ ‬رئيسي،‭ ‬عوضًا‭ ‬عن‭ ‬دوره‭ ‬الثانوي‭ ‬كممثل‭ ‬مساعد،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬أحبت‭ ‬الشخصية‭ ‬المغامرة‭ ‬والمجازفة‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تبالي‭ ‬بأي‭ ‬شيء،‭ ‬بل‭ ‬وأحبوا‭ ‬فيه‭ ‬صفات‭ ‬الرجل‭ ‬الرمادي،‭ ‬زير‭ ‬النساء‭ ‬الذي‭ ‬تتساقط‭ ‬أسفل‭ ‬قدميه‭ ‬الحسناوات،‭ ‬لكن‭ ‬أحب‭ ‬أيضًا‭ ‬لوكس‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬ما‭ ‬يرضي‭ ‬الجماهير،‭ ‬فكتب‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لشخصية‭ ‬عالم‭ ‬آثار‭ ‬شاب‭ ‬ومغامر،‭ ‬يقتحم‭ ‬المجهول‭ ‬ويواجه‭ ‬المخاطر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الكنوز‭ ‬التي‭ ‬يودعها‭ ‬للمتاحف‭!!‬

وفي‭ ‬البداية‭ ‬جاء‭ ‬الإختيار‭ ‬على‭ ‬الممثل‭ ‬الأمريكي‭ ‬توم‭ ‬سليك‭ ‬والذي‭ ‬اشتهر‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬المسلسل‭ ‬التلفزيوني‭ ‬الشهير‭ ‬آنذاك‭ ‬“Magnum‭, ‬P.I‭.‬”‭ ‬والذي‭ ‬وجد‭ ‬فيه‭ ‬لوكس‭ ‬ضالته‭ ‬ليجعله‭ ‬يقوم‭ ‬بتجسيد‭ ‬دور‭ ‬شخصية‭ ‬سلسلته‭ ‬الوليدة‭ ‬آنذاك‭ ‬“Indiana Jones”‭!!‬

لكن،‭ ‬ولتصاريف‭ ‬القدر‭ ‬اعتذر‭ ‬سليك‭ ‬عن‭ ‬الدور،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بمسلسله‭ ‬الشهير،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬الإبتعاد‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬المحقق‭ ‬زير‭ ‬النساء‭ ‬ذي‭ ‬الشارب‭ ‬والملامح‭ ‬القوية‭!!‬

وليومنا‭ ‬هذا‭ ‬يشعر‭ ‬سليك‭ ‬بالندم‭ ‬الشديد‭ ‬لرفضه‭ ‬دور‭ ‬“إنديانا‭ ‬جونز”،‭ ‬ودفن‭ ‬موهبته‭ ‬في‭ ‬مسلسله‭ ‬“ماجنوم”‭ ‬الذي‭ ‬اشتهر‭ ‬لوقتها‭ ‬فقط‭!!‬

ووقع‭ ‬الإختيار‭ ‬على‭ ‬هاريسون‭ ‬فورد‭ ‬ليقدم‭ ‬الشخصية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬إتقانه‭ ‬لشخصية‭ ‬“هان‭ ‬سولو”‭ ‬بمسدس‭ ‬الليزر،‭ ‬ليقدم‭ ‬لنا‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬السينما‭ ‬شخصية‭ ‬“دكتور‭ ‬جونز”‭ ‬بقبعته‭ ‬“الفيدورا”‭ ‬المتربة،‭ ‬وسوط‭ ‬ترويض‭ ‬الأسود،‭ ‬ليصير‭ ‬بهذا‭ ‬تريندًا‭ ‬قويًا‭ ‬لبطل‭ ‬سينمائي‭ ‬عظيم،‭ ‬ولينضم‭ ‬للمنظومة‭ ‬رفيق‭ ‬درب‭ ‬لوكاس‭ ‬المخرج‭ ‬العظيم‭ ‬ستيفن‭ ‬سبليبرج،‭ ‬اللذان‭ ‬تشاركا‭ ‬بصحبة‭ ‬فورد‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الفكرة‭ ‬العامة،‭ ‬وهي‭ ‬تقديم‭ ‬دكتور‭ ‬جامعي‭ ‬يقدم‭ ‬محاضراته‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬ويتحول‭ ‬لمغامر‭ ‬متهور‭ ‬يخوض‭ ‬غمار‭ ‬المستحيل‭ ‬ليصل‭ ‬لمبتغاه‭!!‬

الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬هاريسون‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬بطولة‭ ‬كاملة‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬لوكاس،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬نجاحه‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬Blade Runner”،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬للسينما‭ ‬الخيال‭ ‬العلمي‭ ‬بتقنية‭ ‬Noir،‭ ‬لكن‭ ‬جونز‭ ‬جاء‭ ‬ليعيد‭ ‬فتح‭ ‬فكرة‭ ‬خوض‭ ‬المجهول،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬إعلام‭ ‬متوفر‭ ‬بشكله‭ ‬الحالي،‭ ‬ولا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نفس‭ ‬الزخم‭ ‬الدرامي‭ ‬الذي‭ ‬نلاحظه‭ ‬لليوم‭!!‬

فيقدم‭ ‬لنا‭ ‬مغامرًا‭ ‬يمتطي‭ ‬الجياد،‭ ‬ويجيد‭ ‬القتال،‭ ‬ويعبر‭ ‬البحار‭ ‬والوديان‭ ‬عبر‭ ‬دروبه‭ ‬الخطرة،‭ ‬فنشاهده‭ ‬مصحوبًا‭ ‬بموسيقى‭ ‬جون‭ ‬ويليامز‭ ‬الحماسية‭ ‬الأسطورية،‭ ‬والتي‭ ‬تحولت‭ ‬لواحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬التيمات‭ ‬الموسيقية‭ ‬لسلسلة‭ ‬أفلامه،‭ ‬وصار‭ ‬فورد‭ ‬هو‭ ‬النجم‭ ‬الألمع‭ ‬والأشهر،‭ ‬لما‭ ‬لا‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬قدم‭ ‬“هان‭ ‬سولو”‭ ‬والذي‭ ‬أحبه‭ ‬الجميع،‭ ‬وقدم‭ ‬ديكارد‭ ‬والذي‭ ‬توجسه‭ ‬الناس،‭ ‬وجاء‭ ‬ليرتبط‭ ‬اسمه‭ ‬بشخصية‭ ‬المغامر‭ ‬“إنديانا”،‭ ‬وليصير‭ ‬فورد‭ ‬صاحب‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬كونه‭ ‬النجم‭ ‬صاحب‭ ‬الحظ‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬تجسيد‭ ‬أدور‭ ‬المغامرين‭ ‬والأبطال‭. ‬

وليصير‭ ‬“إنديانا‭ ‬جونز”‭ ‬وهاريسون‭ ‬فورد‭ ‬وجهان‭ ‬لنفس‭ ‬العملة،

“إنديانا”‭ ‬بقبعته‭ ‬وسوطه‭ ‬هو‭ ‬هاريسون‭ ‬بضحكته‭ ‬وكاريزمته‭.‬

;