وجع قلب

اجعلوهم مسئولين

هبة عمر
هبة عمر

سألنى حفيدى، الذى لم يبلغ العاشرة من عمره بعد، مساعدته ليجد عملا خلال إجازته الصيفية، وأدهشتنى رغبته التى لاتتفق مع عمره فسألته عن السبب وأجابنى أنه يريد أن يتعلم كيف يعتمد على نفسه وكيف يفيد الآخرين، وبقدر ما شعرت بالتقدير لإجابته وجدت أن تحقيق رغبته شديد الصعوبة لأن الثقافة السائدة فى المجتمع لا تشجع أماكن العمل على توفير عمل خفيف مناسب خلال الإجازات الصيفية للمراهقين فى هذا العمر، ربما عن فهم خاطئ للقوانين أو لأن أجواء العمل غير مناسبة وغير آمنة.

تذكرت مقالا قرأته منذ سنوات عن ضرورة تعليم الأبناء أصول التدبير المالى الذى لايتعلمونه فى المدارس، رغم أهميته فى تعريفهم بعالم الاقتصاد منذ الصغر، ولأن إتقان التعامل بالمال يعزز لديهم الانضباط وعادات العمل الحسنة واحترام الذات، وكانت أحد الأساليب التى نصح بها خبراء التربية هى تركهم يعملون بعض الوقت ليكتسبوا الثقة بالنفس ويدركون قيمتهم فى المجتمع، بشرط ألا يعيقهم العمل عن التحصيل الدراسى أو الواجبات العائلية أو الأنشطة الاجتماعية، فقضاء الوقت فى عمل ولو بأجر رمزى أفضل من تضييع الوقت بلا هدف، وهذا النوع من التعلم الحياتى المهم يتوافر فى المجتمعات الأكثر تقدما وإدراكا لقيمة العمل فى تطوير فكر وشخصية الفرد، بينما فى مجتمعات أخرى يلقى الأمر رفضا واستنكارا إذا لم تكن الأسرة فى احتياج مالى أو تعانى أزمة اقتصادية.

الحقيقة أن كثيرا من المراهقين والشباب وبعض البالغين أحيانا يعيشون فى عالم مالى غير واقعى، ويعتمدون على دخل أسرهم لتوفير احتياجاتهم، ومهما بالغوا فى طرق إنفاقهم للمال يجدون مساعدات من ذويهم، وأحد الأمثلة التى تدعو للتعجب الذى يصل إلى حد الغضب ما نشره أحد صناع المحتوى على موقع «يوتيوب» حين سأل عددا من الشباب والمراهقين فى قرى سياحية بالساحل الشمالى عن مصروفاتهم اليومية وكانت معظم الإجابات أرقاما بآلاف الجنيهات، ومهما كانت قدرة أسرهم المالية فإن هذا يعنى نقصا فى التربية الواجبة على كيفية التعامل بالنقود، قد يعرض الأبناء فيما بعد لصدمة حين يصبح عليهم الاعتماد على أنفسهم وتدبير نفقات حياتهم بما يحصلون عليه من أجور، والأفضل بالتأكيد أن تجعلوهم مسئولين منذ الصغر.