سايمون ريتش يكتب : نَصائحُ يَوميّة للآباء

سايمون ريتش
سايمون ريتش

سايمون ريتش (5 يونيو 1984) كاتب ساخر وروائى وقاص وسيناريست أمريكي. صدر له روايتان وست مجموعات قصصية، نشر العديد منها فى مجلة  The New Yorker، وتُرجمت رواياته وقصصه القصيرة إلى أكثر من اثنتى عشرة لغة. كان ريتش واحدًا من أصغر الكتاب الذين تم تعيينهم على الإطلاق فى البرنامج الأمريكى الأشهر Saturday Night Live، وعمل ككاتب فى pixar ، فى يناير 2015 عرض المسلسل الكوميدى التلفزيونى Man Seeking Woman الذى ابتكره ريتش، واستند إلى مجموعة قصصه القصيرة The Last Girlfriend on Earth على  قناة  FX ، نشرت هذه القصة لأول مرة فى ذا نيويوركر فى 25 مايو 2020، وهى ضمن مجموعته القصصية “أسنان جديدة”، وهى قصص ساخرة عن الأسرة والتربية والحياة الزوجية.

اقرأ ايضاً| فالزر: الكتابة تعنى الحياة

كلنا عشنا هذا. أسنان وغسلنا، منامة ولبسنا، وأغطية سرير مرتبة. وتبدئين بالتسلل خارج الغرفة على أطراف أصابعك، حين تسمعين فجأة: “ماما.. ماما.. هناك وحش أسفل سريري!” تزفرين نَفَسًا طويلًا. يبدو أن الحلقة الجديدة من “العازِبة” سيكون عليها أن تنتظر.
 لطالما كان الأطفال يخافون الوحوش، لكن لحسن حظك، فإن خبراءنا على قدر التحدي. لذا، دعنا نفتح صندوق الرسائل هذا:


هل أمرٌ طبيعيٌ أن تخاف طفلتى من الوحوش؟
 أجل. فى الواقع إذا ما كان هذا دليلًا على أى شيء، فعلى مخيّلة سليمة.


كيف أقنع طفلى أن ليس ثمة شيء اسمه وحوش؟
فقط تحلّى بالصبر. ببلوغ الخامسة، ستدرك طفلتك أن الوحوش التى تخافها ليست حقيقية.


ماذا لو كانت الوحوش التى تخافها حقيقية؟
سوء الحظ، فقد أصبح ذلك شائعًا بطريقة متزايدة فى أعقاب ثورة الوحوش العظمى، التى حدثت فى بداية هذه السنة. ومنذ ذلك الوقت، انحدرت المخلوقات من أرض الظلام. وأصبح وجودها على الأرض أحد مظاهر حياتنا اليومية التى لا مناص منها. وإذا كانت طفلتك تخاف وحوشًا حقيقية فعلية، مثل “جوروج” المدمر، أو “كاثارجا” آكلة الأرواح، حاولى أن تشرحى لها، أنه على الرغم من أن تلك الوحوش - كما هو واضح - حقيقية،  فإن إمكانية أن تهاجمها فعلًا ضئيلة نسبيًا. 


هل يجب على أن أحجّم تعرض ابنتى لوسائل الإعلام، لأحجب عنها أى صور مزعجة؟
معظم الآباء متفقون على أنه من الحكمة قوقعة الأطفال عن أى محتوى مخيف. وفى نفس الوقت، يحذر الخبراء من أن محاولة منع أطفالك عن رؤية الوحوش على الإطلاق قد تكون عديمة الجدوى، فهم - على كل حال - يتصدرون الصفحة الأمامية من “النيويورك تايمز” صباح كل يوم، عادة فى وضعية متوعدة بشكل واضح. وغالبًا فى كارتون صباح السبت، يطلقون تصريحات مهددة.


وفى إجابة قصيرة عن سؤالك: حاولى قدر استطاعتك!


ماذا إن كانت طفلتى تعانى من كوابيس؟ 
مرة أخرى، هذا طبيعى تمامًا. والاستثناء الوحيد - بالطبع - عندما تكون طفلتك قد تم “اختيارها” من قبل وحش ما، ليستخدم أحلامها ويكوِّن معها ما يشبه “العهد”. اسألى طفلتك عن تفاصيل حلمها. هل ناداها الوحش باسمها “المسيحي”؟ هل طلب منها أن “توقِّع” على كتابه؟ إذا كانت الإجابة بلا، إذن أكدى لها أنه كان مجرد حلم، ربما.


هل يجدر بى أن أجعل ابنتى تستخدم الضوء الليلي؟ 
يمكن للضوء الليلى أن يكون مفيدًا، لكن الخبراء يحذرون أن بإمكان أن يكون شرها أكثر من نفعها. مجرد ضوء قليل باستطاعته أن يخل بإيقاع ساعتها البيولوجية، وأن يكون بمثابة عينى ثور لمخلوقات “الجاوينتوينج”، التى لا تستطيع السمع أو الشم، وتصطاد فرائسها معتمدة فقط على حاسة بصرها المتفوقة. والوسيلة الوحيدة لتجنب “الجاوينتوينج”، هو أن تعيش حياتك فى ظلام دامس.


وطفلتى تخاف أيضًا من المصارف، هل ذلك طبيعي؟
سأفترض أنك تعنين بذلك مصرف “جا”، وأقول لك أجل، من الطبيعى تمامًا أن تكون خائفة منها، فى النهاية، فهى بوابة حلزونية عملاقة، تملأ السماء، تشبه فمًا عملاقًا صارخًا. ومنذ حلّت محل الشمس لأول مرة الأسبوع الماضي، وهى ما تزال تكبر وتزداد حجمًا وغضبًا. ولا يعلم أحد من أين جاءت ولا ما الذى يجرى بشأنها. الأمر مرعب.


عندما تشعر ابنتى بالانزعاج بسبب الوحوش، يقوم زوجى بإلقاء نكاتٍ محاولًا أن يبهجها. أشعر بالقلق أنه ربما يزيد بهذا الأمر سوءًا. ماذا تظن؟ 
زوجك على الأغلب هو نفسه وحش. قومى بتخديره على العشاء، وعندما يغيب عن الوعي، اخلعى عنه كامل ملابسه. إذا قشرته، فستجدين علامة المخلوق “كورثار” على صدره (اضغط لفتح اللينك). إذا وجدتى العلامة، قومى بقطع رأسه فورًا. 


وإلى أى مدى ستستمر هذه المرحلة؟
أجمع الخبراء على أن “عصر الوحوش” بالكاد فى بدايته. لا نهاية تلوح بالأفق. ببساطة سيكون هذا هو “العادى الجديد”، وعلينا جميعًا أن نتقبله.


وماذا أفعل إذا شعرت بثقل الأمر عليّ؟
لا تعذبى نفسك بخصوص هذا. فى هذه الأيام المخيفة المسكونة، من الطبيعى تمامًا أن تشعرى بالضغط من وقتٍ لآخر، إذا كنت تستطيعين، حاولى أن تخلقى وقتًا يوميًا لنفسك. ربما كأسًا من النبيذ فى “البانيو” بينما تشاهد ابنتك كارتونًا تعليميًا فى الغرفة المجاورة. أو ربما زجاجة كاملة من الويسكى فوق السطح، بينما تسدّدين سلاحك النارى صوب السماء، صائحة بالوحوش: “فقط اقتلنى وأنهِ الأمر!” وعلى كل حال، فمن المهم أن تفعلى ما بمقدورك للتحكم بقلقك، وإلا فسينتهى بك الأمر إلى تكوين طريقة تعامل عصبية مع ابنتك، قد تؤدى بدورها لتعرضها هى نفسها إلى ضغوط عصبية.
 أو، ربما عليك فقط أن تكونى صريحة ومباشرة معها!.


ماذا تقصد؟
 ربما، حين تسألك طفلتك إن كان ثمة شيء خطأ، فعليك فقط أن تخبريها بالحقيقة: “أجل، ثمة شيء خطأ تمامًا. الوحوش حقيقية، وهم فى كل مكان بالخارج، يحاولون قتلنا!”


ألن يفزعها ذلك؟
 إنها بالفعل مفزوعة، كما عليها أن تكون. فالعالم كما نعرفه قد انتهى، ولن يعود كما كان أبدًا.
وإذن؟! ما الذى تقول؟ ما الذى على أن أفعله؟ أستسلم بهذه السهولة؟!

إما أن تستسلمي..
 وإما أن تقاتلي.
ما الذى تتكلم عنه؟!
 أتكلم عن القضاء على هذه الوحوش الأوغاد للأبد.
مهلًا مهلًا، انتظر. ما الذى تقول؟! أليس ذلك مستحيلًا؟!
ربما. ولكن، ألا يستحق المحاولة؟ أليس خيرًا من القبوع فى مكانك، تنتظرين الموت؟
لا أستطيع!
 بل تستطيعين.
أنا خائفة!
 أعلم ذلك، لكنكِ أقوى مما تظنين. تستطيعين القيام بذلك. 


كيف؟
ادرسى أولئك الوحوش. اعرفى نقاط ضعفهم. طوّرى استراتيجية هجوم. خزنى ما يكفى من أسلحة. تمرَّنى بجنون. اعملى على تقوية جسدك وعقلك. 


وبعدها؟
حينما تحين ساعة الصفر، انظرى لطفلتك فى عينيها، قولى لها إن كل شيء صار على المحك، لكنكِ لن تستسلمى أبدًا. قولى لها أنك ستقومين بعمل أى شيء لحمايتها، وعلى الرغم من احتمالية فشلك، فسوف تظلّين تقاتلين من أجلها بكل ما تملكين. قولى لها: “إذا كان هؤلاء الوحوش الأوغاد يظنون أن باستطاعتهم النيل من أسرتى دون أن يروننى أطلق النار على وجوههم أولًا، فعليهم إذن أن يعالجوا أدمغتهم، لأننى آتية إليهم الآن بكل قوة.” شاهدى بعدها القوة وهى تعود إلى طفلتك حين ترى أنك لا تعبثين أبدًا.

واستمعى إليها بفخر وهى تعاهدك على أن تقاتل الوحوش إلى جانبك. تطلعا خارج النافذة، وحدقا معًا فى عيون الوحوش. راهنيها إن كانت تجرؤ على العبث مع عائلتك. راهنيها إن كانت تجرؤ على العبث مع الذين تحبين. أمسكى بيد طفلتك. سلِّحيها من قدميَها إلى رأسها. اخبريها كم تحبينها، وافتحا الباب.