دينا جلال
مرة أخرى تتناول وسائل الإعلام الأمريكية قضية المخدرات التي تحولت مؤخرًا الى أخطر تهديد تواجهه أمريكا على الإطلاق، صارت نموذجًا حيًا في الشوارع الامريكية لا يجد رادعًا أو مقاومة من السلطات بعد تفشي العقارات المخدرة رخيصة الثمن؛ لتستمر المأساة بتحول متعاطيها الى تماثيل في الشوارع أو اشباح يترنحون في كل مكان دون وعى أو شعور بشري، ومن هنا تتوالى تحذيرات الصحف الأمريكية التي تناولت تأثيرات أحدث المخدرات المصنعة على الجسم البشري دقيقة بدقيقة.
لم تمر أزمة عقار الفنتانيل الذي تناولت خطورته بالتفاصيل وسائل الإعلام الأمريكية وهى ترصد مشاهد مخيفة لأمريكيين فاقدي السيطرة على انفسهم في الشوارع؛ حتى ظهر مخدر آخر أكثر خطورة يُعرف باسم الزيلازين او الترانق المعروف باسم عقار الزومبي وهو تركيبة صناعية تشتهر باستخدامها كمهدئات للحيوانات؛ لتتحول إلى مخدر رخيص الثمن يغمر الشوارع الأمريكية، تبدأ رحلته بإنتاجه بكميات كبيرة في الصين ثم تهريبه من بورتوريكو ويتم طلبه من خلال مواقع الإنترنت مقابل دولار واحد فقط لكل كيلو كامل من المخدر الصناعي الشهير، ويشير الاعلام الامريكي إلى أن تلك المواقع ما هى إلا صيدليات صينية على الإنترنت.
استهلاك آدمى
يتسبب المخدر في اعراض غريبة تمنح حركات الموتى أو الزومبي لمتعاطيها، واجرى موقع ديلي ميل تحقيقًا مصورًا جديدًا بدأت تفاصيله بمقدمة جاء فيها؛ «إذا استقريت أو قضيت وقتًا طويلاً في مدينة أمريكية كبرى بعد انقضاء جائحة كوفيد، فبالطبع قد شاهدت تأثير تلك المخدرات في كل مكان، أصبح مشهد متعاطي المخدرات وهم في حالة تبلد وجمود، غير مدركين لما يحدث حولهم ليصبح امرًا شائعًا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة»، ويشير الخبراء إلى اعتماد مهربي ومصنعي ومتعاطي المخدرات على مهدئات الحيوانات التي تم تطويرها في الستينيات لمساعدة الأطباء البيطريين دون أن يتم اعتمادها للاستهلاك البشري إلا أن تجار المخدرات بدأوا في إغراق إمدادات المخدرات غير المشروعة في الولايات المتحدة، وتمت إضافته إلى كل المخدرات الحديثة المصنعة من الفنتانيل إلى الكوكايين، ويتم خلطه بشكل أساسي مع الفنتانيل لصنع كوكتيل قاتل من المخدرات، ويشير الاطباء إلى كونه مهدئ فعال يستخدم لوضع الحيوانات الكبيرة للنوم قبل الإجراءات والعمليات البيطرية، ومع ذلك يتم استخدامه الآن من قبل تجار المخدرات لجعل العقارات المخدرة أكثر فاعلية واقل ثمنًا وهو ما ادى إلى توسيع نطاق المستخدمين؛ حيث يعد الزيلازين أرخص بـ 15 مرة من الفنتانيل وأرخص ب 16 مرة من الكوكايين.
آلاف الضحايا
انتشر المخدر في جميع أنحاء البلاد، من لوس أنجلوس إلى مدينة نيويورك، وتكشف المشاهد المصورة عن حجم وباء المخدرات وخاصة في ولاية فيلادلفيا وتحديدًا في حي كنسينجتون، الذي حول شوارع المدينة إلى سوق مخدرات مفتوح؛ حيث توفي ما يقرب من 107000 أمريكي من جرعات زائدة من أغسطس 2021 إلى أغسطس 2022، وكان 66 في المائة منهم من المواد الأفيونية الاصطناعية مثل الفنتانيل، ومع ذلك لا تتوفر تقديرات حول عدد الوفيات التي وصلت إلى الزيلازين لأن هذه البيانات لا يتم جمعها بشكل واضح ومستمر من قبل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وعلى عكس الفنتانيل وغيره من المواد الأفيونية، لا يوجد علاج او ترياق للجرعات الزائدة من الزيلازين، مما يعني أن تعاطي جرعة زائدة منها بمثابة حكم بالإعدام للمتعاطين.
أصدرت إدارة مكافحة المخدرات في مارس الماضي تقريرًا يشير إلى انتشار مادة الزيلازين غير المشروعة في 48 من أصل 50 ولاية في عام 2020، وبالرغم من إنعقاد جلسات الكونجرس للتحقيق في تلك لقضية وجعل مادة الزيلازين مادة خاضعة للرقابة ثم تجريم استخدامها إلا أن العقار مازال متاحًا على نطاق واسع عبر الإنترنت مما يسهل التدفق إلى الساحل الشرقي لأمريكا دون اكتشافه؛ لترتفع الحالات بشكل كبير، ويشير تقرير صادر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الى ارتفاع الوفيات الشهرية للجرعة الزائدة التي تنطوي على الزيلازين ارتفعت من 12 حالة في يناير 2019 إلى 188 حالة في يونيو 2022، وارتفعت الجرعات الزائدة من الفنتانيل التي تحتوي على الزيلازين ارتفعت بنسبة 276 في المائة.
منشطات ومهدئات
تشير آن ميلجرام، رئيسة إدارة مكافحة المخدرات الفيدرالية: «الزيلازين يشكل أخطر تهديد للمخدرات واجهته بلادنا على الإطلاق وأكثر فتكًا كما يشير تحذير السلامة الصادر لوكالة مكافحة المخدرات الى اكتشاف خليط الزيلازين والفنتانيل في اغلب الولايات الامريكية، ولأن الزيلازين مهدئ ممزوج بالمواد الأفيونية، فإنه يقاوم طرق العلاج الأفيونية القياسية، ويتورط المهدئ في ما يقرب من 26 بالمائة من الجرعات الزائدة المميتة في فيلادلفيا وحدها، وتم العثور عليه في 90 في المائة من إمدادات الهيروين في مدينة كنسينجتون في فيلادلفيا؛ حيث يتم خلط هذا المهدئ بالمنشطات والمواد الأفيونية بكثافة، وتعمل تلك المواد كمنشطات تجعل الجسم في حالة استيقاظ ويتم اضافة مهدئ الحيوانات او المخدر الهزيل؛ ليصبح المتعاطي شخص هزيل يقف بانحناءة دائمة كالاشباح أو الزومبي فاقد الوعى بسبب تأثيره السيئ على الجهاز العصبي المركزي ويتسبب في إبطاء الدماغ بشكل فعال لتقليل الألم والتوتر ويتم اضافته للفنتانيل أو الهيروين وحقنه أو ابتلاعه وتدخينه واستنشاقه للمتعاطين وتبدأ آثار تلك المواد خلال دقائق وتستمر لساعات أو لفترات أطول في بعض الحالات.
اقرأ أيضًا : الأشرار الثلاثة سقطوا في كمين بدر بحوزتهم 13 كيلو حشيش
