فى الصميم

جيش أمريكا.. بلا قيادات

جلال عارف
جلال عارف

الاستقطاب السياسى الذى يقسم الولايات المتحدة لا يترك أثره على الاقتصاد فقط بالصورة التى دعت مؤسسة «فيتش» العالمية لتخفيض التصنيف المالى لأمريكا لأول مرة منذ سنوات عديدة، لكنه يمتد بآثاره إلى كل نواحى الحياة وجميع مؤسسات الدولة الأقوى فى العالم حتى الآن!

بالأمس أشار وزير الدفاع الأمريكى «أوستن» إلى أن مخاطر هذا الاستقطاب تهدد بإشاعة الفوضى فى الجيش الأمريكى(!!) مستنداً على حقيقة أن كلا من القوات البرية والقوات البحرية فى أقوى قوة عسكرية فى العالم هى الآن بلا قائد رسمى. حيث انتهت مدة القيادات السابقة، ويتسبب الانقسام السياسى فى تعطيل اعتماد القيادات الجديدة من مجلس الشيوخ، والسبب لا يتعلق بصلاحية المرشحين للقيادة وإنما باعتراض جمهورى على أن ميزانية وزارة الدفاع تتضمن مساعدات مالية للمجندات فى حالة الإجهاض، ولهذا يتم تعطيل التصديق فى مجلس الشيوخ على التعيينات العسكرية الجديدة والتى تتضمن أكثر من ٣٠٠ قيادة بينها رئيس أركان القوات البرية ورئيس أركان القوات البحرية!!

والخطير أن القيادة العسكرية الأولى فى أمريكا وهو الچنرال ميلى الذى يرأس القيادة العامة المشتركة ستنتهى قريبا فترة خدمته، وإذا لم يتم التصديق على من يخلفه، فسوف تكون الأوضاع قلقة للغاية حين تكون معظم المناصب العليا فى الجيش الأقوى فى العالم يتم شغلها «بالوكالة» إلى أن تنتهى الخلافات بين الحزبين حول الإجهاض.. وهو أمر لن يتم بسهولة ولا فى وقت قريب!!

الخلافات السياسة كانت دائماً موجودة، لكن كانت هناك مساحة للتفاهمات فى القضايا الأساسية وما يتعلق بالأمن القومى بالذات. الآن، ومع هذا الاستقطاب السياسى الذى يقسم المجتمع الأمريكى كله لم يعد هذا ممكناً. ومع بداية الحالات الانتخابية ومحاكمات ترامب ومحاولات الجمهوريين لمحاكمة بايدن أيضا.. يبدو أن الانقسام المجتمعى الذى تعيشه أمريكا هو الخطر الأكبر عليها ويبدو أن اقتحام الكونجرس من أنصار ترامب كان «ضربة البداية» فقط فى معركة لن تنتهى بسهولة!!