«السرقة من المسلمين» كتاب يكشف تحايل أوروبا على العمارة الإسلامية

كتاب السرقة من المسلمين
كتاب السرقة من المسلمين

إعداد الطلاب الوافدين: رشيد مزكي- محمد ذاكر

كيف شكلت العمارة الإسلامية أوروبا؟

فى كتابها “السرقة من المسلمين (الساراسن): كيف شكلت العمارة الإسلامية أوروبا” تتبع المؤرخة والأكاديمية البريطانية ديانا دارك الجذور العربية والإسلامية للمبانى الغربية الأكثر شهرة فى أوروبا، وتحاول الكشف عن الأسرار التى تختبئ فى قلب العمارة القوطية أو الإسلامية فى القرون الوسطى.

والساراسن لفظة أوروبية تحقيرية استخدمت للإشارة للعرب فى العصور الوسطى.

ومن المبانى التى ترى الكاتبة أن تصاميمها مأخوذة من سلف عربى وعربى إسلامى «كاتدرائية نوتردام»، و«كاتدرائية شارتر» فى فرنسا، ومجلسا البرلمان و«دير وستمنستر» فى لندن، و«كاتدرائية سان مارك» فى البندقية، و«كاتدرائية ستراسبورج»، و«كاتدرائية آخن» فى ألمانيا.

وتشير المؤلفة إلى تبادل ثقافى هائل، معظمه جاء من الشرق إلى الغرب، فى حين أن القليل ذهب فى الاتجاه المقابل.

رماد نوتردام

يبدأ الكتاب بأطروحة واضحة، إذ تقول المستعربة البريطانية وخريجة أوكسفورد إن تصميم نوتردام المعماري، مثل جميع كاتدرائيات أوروبا، قد استلهم من كنيسة القرن الخامس الميلادى قلب لوزة السورية، عندما جلب الصليبيون أسلوب «البرجين المتماثلين على طرفى النافذة الوردية» إلى أوروبا فى القرن الـ 12.

وما زالت تلك الكنيسة قائمة فى محافظة إدلب. وقد ولدت فكرة الكتاب -الذى صدر للمرة الأولى عام 2020 بالإنجليزية- عن «دار هيرست» بعد حريق كاتدرائية نوتردام فى باريس، يوم 15 أبريل/نيسان 2019، وما رافقه من أحاديث وكتابات حول الهوية الثقافية العمرانية لفرنسا وعموم القارة الأوروبية.

تسأل الباحثة -التى درست الألمانية والفلسفة العربية- كيف يمكن إطلاق الصفة الفرنسية على كاتدرائية نوتردام «ألا تدركون أن معظم العناصر المتضمنة فى الكاتدرائية القوطية جاءت من العالم الإسلامي؟».

وتبين أن هذا التوضيح كان قد خلف عاصفة من الاهتمام على مستوى العالم. وتتساءل الكاتبة فى كتابها: هل نحن مستعدون للاعتراف بأن أسلوبا ترسخ عميقا فى هويتنا المسيحية الأوروبية يدين بأصوله إلى العمارة الإسلامية؟

وتقدم المؤرخة دارك إجابات صادمة لكثير من الأوروبيين، حيث استعانت بكتابات العديد من المهندسين لدعم آرائها، ومنهم السير كريستوفر رن (1632-1723) (Sir Christopher Wren) الذى يعد أعظم مهندس معمارى فى عصره.

تمثال المهندس المعمارى الشهير السير كريستوفر رن فى لندن (شترستوك)

إذ إنه شاهد ذلك التأثير بوضوح منذ أكثر من 3 قرون عندما كتب بعد دراسة وبحث طويل «من الأصح أن يسمى أسلوب العمارة القوطى بأنه أسلوب الساراسن الإسلامى».

وأضاف المعمارى رن «على مدى قرون، دفعتنا رؤيتنا -المتمركزة حول أوروبا- للعالم إلى تناسى وإبعاد هذه الحقيقة غير المناسبة خارج التاريخ».

وكذلك تستشهد الكاتبة بقول المهندس المعمارى الفرنسى جاك فرانسوا بلندل (1705-1774) المشيد بـ «البنى العبقرية للعرب» وتشير إلى أن الفلاسفة التجريبيين أدركوا أن المعرفة، التى فقدت فى عصور الظلام الأوروبية، قد أصبح العرب روادها قبل ذلك بقرون منذ حوالى سنة 1000، وأنها قد تطورت إلى مستويات عالية جدا.

ميراث ما قبل الإسلام

تقول المؤلفة ما نسميه الآن «الشرق الأوسط» هو الموقع الذى نشأت فيه الحضارة، حيث أسست أولى الممالك والإمبراطوريات، ووضعت أول أبجدية.

وكان أول بناء معروف هو غوبكلى تبة (قرب أورفا التركية) (يعنى بالتركية حرفيا: التل ذو البطن) ويرجع تاريخه إلى الألف العاشرة قبل الميلاد.

وتشرح دارك أنه بعد حملة الإسكندر لاحتلال الشرق (323-335 ق.م) مزج التراث الهيلنستى بين تأثيرات فارسية وتراث من بلاد ما بين النهرين فى جميع المجالات، بما فيها الفن والعمارة. وهكذا كانت الفسيفساء الرائعة فى زيوغما Zeugma جنوب شرق تركيا الآن.

وعلى غرار ما كانت الإمبراطورية الرومانية الغربية، وجدت الكثير من الأنماط التجريدية والنباتية، وجميعها تنتمى إلى ما قبل الإسلام.

 

وتقول الأكاديمية دارك: من الأمثلة الاستثنائية النادرة على ذلك قصر ابن الوردان (فى حماة السورية) الذى بنى من الطوب فى القرن السادس على الطراز البيزنطي.

اقرأ أيضًا : «كونا»: جامع «ابن طولون الأثري» نموذج فريد من نوعه في تاريخ العمارة الإسلامية