الغرب ضد الصين| حرب «الرقائق» تُشعل العالم

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: دينا توفيق

منذ أن تولت إدارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن»- المعروفة باسم العولمة - السلطة، تعرضت الصين للتهديدات والعقوبات. كان هناك محاولات عدة لـ«خنق الرقائق»، وبمعنى أدق حظر إنتاجها؛ مصدر قوة ونفوذ استراتيجى؛ نظرًا لدورها الحيوى فى الاقتصاد العالمى.. أشباه الموصلات أو ما يُطلق عليها «الرقائق الإلكترونية»، أصابت صناعات كثيرة بالشلل، ومن ثم اضطرابات سلسلة التوريد للإلكترونيات. النزاعات قائمة والأوضاع تتأجج يومًا بعد يوم مع محاولات القوى الكبرى فرض هيمنتها لتحقيق أهدافها.

◄ نقص الرقائق العالمية يؤثر سلباً فى 169 صناعة

◄ أمريكا تنتج 10 % والصين 15 % من صناعة الرقائق

ربما سيكون توقف إنتاج السيارات، أمرًا رائعًا بالنسبة إلى ظاهرة الاحتباس الحرارى وتغير المناخ، ولكن أيضًا سيعانى المجمع الصناعى العسكرى (MIC)  إلى حد كبير، لأنه يعتمد أيضًا على مثل هذه الرقائق سريعة التطور. قد يكون العيب مع انقطاع إمدادات الإنتاج هو الركود فى تطوير تكنولوجيا الرقائق الجديدة التى تخضع لأبحاث وتجارب علمية مستمرة.

ويمكنك تسميتها حرب الرقائق، الغرب ضد الصين؛ التى بدأت منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. فى وقت ما من عام 2022 ظهرت شائعات مفادها أن ضوابط بايدن على الرقائق قد تجبر الأمريكيين الصينيين العاملين فى شركات أشباه الموصلات فى الصين على الاختيار بين جنسيتهم أو وظيفتهم، وفقًا لمجلة «فورتشن» الأمريكية.

لم يحدث شيء حتى الآن، باستثناء منع الولايات المتحدة تايوان، المنتج الرئيسى لهذه الرقائق، من توريدها إلى الصين، وطلبت من شركة تصنيع الرقائق الرئيسية فى تايبيه، شركة «تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة» (TSMC)، أن تبنى على وجه السرعة مرفقًا لتصنيع الرقائق فى ولاية أريزونا التى من المفترض أن تصبح جاهزة للعمل عام 2024. وقال رئيس TSMC «مارك ليو»، إن المصنع يواجه نقصًا فى العمال الذين لديهم «الخبرة المتخصصة المطلوبة لتركيب المعدات؛ لذلك، سيتعين على مصنع TSMC للرقائق فى أريزونا تأجيل الإنتاج حتى عام 2025، بدلاً من عام 2024، كما هو متوقع من قبل إدارة بايدن. هناك الكثير بالنسبة لمحاولة واشنطن التفوق على بكين فى سباق الرقائق العالمى من خلال التعاون الاقتصادى الوثيق مع تايوان، خاصة أن بكين تعتبر تايوان جزءًا لا يتجزأ منها. ولكن فى السنوات الأخيرة، أصبح الاستقلال الذاتى لتايبيه مصلحة جيوسياسية حيوية للولايات المتحدة بسبب هيمنة الجزيرة على سوق تصنيع أشباه الموصلات.

ونظرًا لأن العالم أصبح رقميًا بشكل متزايد، فسوف يعتمد أكثر من أى وقت مضى على أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والإلكترونيات لتعزيز قدرات الأجهزة التى تتراوح من أجراس الأبواب إلى السيارات، التى تحتاج أشباه الموصلات التى هى المكون الأساسى للإلكترونيات الحديثة. وفقًا لتحليل مؤسسة «جولدمان ساكس» الأمريكية للخدمات المالية والاستثمارية «لقد أثر النقص فى الرقائق العالمية بالفعل على 169 صناعة، ولم نعد نتحدث عن الإلكترونيات بعد الآن. وقد تأثرت بالفعل صناعات مثل إنتاج الصلب والخرسانة وحتى تصنيع الصابون».

◄ اقرأ أيضًا | أسعار الوقود تتصاعد لأعلى مستوياتها خلال 8 أشهر.. و«بايدن» يُواجه ضغوطًا متزايدة

ويهيمن عدد قليل من البلدان على مجال أشباه الموصلات، على الرغم من أن المجال ينمو ويتوسع بسرعة، وفقًا للمحلل الجيوسياسى والخبير الاقتصادى السابق فى البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية «بيتر كونيج». وتنتج الولايات المتحدة حاليًا ما يقرب من 10% من صناعة أشباه الموصلات العالمية، وتنتج الصين حوالى 15%، بحسب ما ذكره البيت الأبيض. ومع ذلك، فإن الصورة باتت أكثر تعقيدًا بكثير. ويوضح كونيج أن الوضع الدبلوماسى لتايوان هو جزء من البر الرئيسى للصين، وبالتالى، فإن إنتاج تايوان بحكم الأمر الواقع هو جزء من إنتاج الصين، وفقًا لموقع «سبوتنيك الروسى».

وتمتلك شركة  (TSMC) بمفردها حصة سوقية تبلغ 53% من السوق العالمية من أشباه الموصلات. على عكس الشركات المصنعة لأشباه الموصلات مثل «سامسونج» أو «إنتل»، التى تنتج أشباه الموصلات لاستخدامها في منتجاتها الخاصة، تقوم TSMC بتصنيع أشباه الموصلات للعديد من الشركات الأخرى، بما فى ذلك آبل و AMD شركة أمريكية متعددة الجنسيات لأشباه الموصلات وغيرها.

وتمتلك الولايات المتحدة ما يقرب من 10% من قدرة تصنيع الرقائق عالميًا اعتبارًا من عام 2021. هذه نسبة مئوية أقل بشكل ملحوظ من السعة العالمية مقارنة بالولايات المتحدة قبل بضعة عقود فقط حيث كانت37% عام 1990، قبل دول مثل تايوان، والصين عززت قدراتها فى إنتاج أشباه الموصلات. ومع ذلك، تظل صناعة أشباه الموصلات فى الولايات المتحدة مربحة للغاية.

إذا كان الغرب لا يريد أشباه الموصلات الصينية، فلا توجد مشكلة وفقًا لمسئولى الصين. هناك سوق آسيوى ضخم سريع النمو فى إشارة إلى اتفاقية التجارة الحرة RCEP التي أصبحت سارية المفعول منذ يناير 2022؛ وهى اتفاقية تجارة حرة بين دول آسيا والمحيط الهادئ فى أستراليا وبروناى وكمبوديا والصين وإندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية ولاوس وماليزيا وميانمار ونيوزيلندا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام.

ومن المتوقع أن تصبح تلك الاتفاقية أكبر اتفاقية للتجارة الحرة فى العالم بحلول عام 2030. ويبدو أن العالم يدخل مثل هذه المرحلة، مع حرب الرقائق بين الولايات المتحدة والصين.