المبادرة المصرية لوقف نزيف الدم السودانى تؤكد دور مصر فى حل الأزمة وحماية وحدة البلاد من التدخلات الخارجية

الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال ترأسه قمة «دول جوار السودان»
الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال ترأسه قمة «دول جوار السودان»

وتهدف المبادرة المصرية الذى دعا إليها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تحقيق تسوية سلمية وفاعلة للأزمة فى السودان من خلال التنسيق بين دول الجوار والمسارات الإقليمية والدولية الأخرى بما يحافظ على وحدة الدولة السودانية ومقدراتها.


قدم الرئيس عبد الفتاح السيسى تصور بلاده لخروج السودان من مأزقه الراهن الذى يرتكز على مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد والبدء دون إبطاء فى مفاوضات جادة تهدف للتوصل لوقف فورى ومستدام لإطلاق النار،وتسهيل جميع المساعدات الإنسانية وإقامة ممرات آمنة لتوصيل تلك المساعدات للمناطق الأكثر احتياجا داخل السودان.

اقرأ ايضاً | أشرف البكرى.. ورحلة البحث عن النسب الشريف


ووضع آليات تكفل توفير الحماية اللازمة لقوافل المساعدات الإنسانية ولموظفى الإغاثة الدولية لتمكينهم من أداء عملهم.


ويرتكز التصور المصرى على إطلاق حوار جامع للأطراف السودانية بمشاركة القوى السياسية والمدنية وممثلى المرأة والشباب يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبى طموحات وتطلعات الشعب السودانى فى الأمن والاستقرار والديمقراطية.


ودعا الرئيس السيسى إلى  تشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية على أن تضطلع الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.


ودعوة  دول الجوار السودانى إلى توحيد رؤيتها ومواقفها تجاه الأزمة فى السودان واتخاذ قرارات متناسقة وموحدة تسهم فى حل الأزمة بالتشاور مع أطروحات المؤسسات الإقليمية الفعالة وعلى رأسها الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية حفاظا على مصالح ومقدرات شعوب دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل.

وإلى خطورة الأزمة الراهنة التى يواجهها السودان وتداعيات الاقتتال الدائر منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر والذى نتج عنه إزهاق أرواح المئات من المدنيين ونزوح الملايين من السكان إلى مناطق أكثر أمانا داخل السودان أو اللجوء إلى دول الجوار، والخسائر المادية الجسيمة التى تعرضت لها الممتلكات العامة والخاصة وتدمير العديد من المرافق الحيوية فى البلاد إضافة إلى العقبات التى تواجه الموسم الزراعى مما ترتب عليه نقص حاد فى الأغذية كما أدى الصراع وتداعياته السلبية إلى تدهور المؤسسات الصحية ونقص فى الأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية وهو الأمر الذى كانت له تداعيات كارثية على مجمل الوضع الإنسانى.


وتسعى المبادرة المصرية إلى إعادة تأكيد دور مصر فى حل الأزمة السودانية وحماية وحدة البلاد ومؤسساتها من التدخلات الخارجية.


 على الصعيدين الداخلى والإقليمى تشترك مصر والسودان ثقافيا واجتماعيا وفى الحدود والتحالفات والمصالح الإقليمية لعدة قرون.  والصراع الحالى فى السودان تداعيات كبيرة على مصر وفيما يتعلق بالموارد المائية والأمن الإقليمي. لقد أصبح نهر النيل وهو شريان الحياة لإمدادات المياه والزراعة والنقل لكلا البلدين مصدر قلق وتهديد بسبب الخلافات حول سد النهضة الإثيوبي. 


وأدى ذلك إلى توتر العلاقات بين مصر والسودان وإثيوبيا. وعليه يتوجب على مصر أن تدافع عن أمنها المائى فى مواجهة عوامل مثل الزيادة السكانية وتغير المناخ والعواقب المحتملة لسد النهضة. 


بالإضافة إلى ذلك تكافح مصر مع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين  ووجود نحو خمسة ملايين سودانى يعيشون بين أهلهم فى مصر، مما يزيد الضغط على اقتصادها ومواردها المحدودة. ولعل ذلك كله يؤكد أهمية المقاربة المصرية والجهود التعاونية لإيجاد حل للصراع.


وعلى عكس بعض الأطراف الأخرى التى تنطلق من مصالح أنانية ومنحازة تمتلك مصر قنوات اتصال بمعظم الأطراف الفاعلة فى المشهد الأمنى والسياسى فى السودان وإمكانية توفير جميع المساعدات اللوجستية للتوصل لحل سلمى ومستدام للصراع فى السودان.


لقد مهدت مصر الطريق بالفعل لعقد المؤتمر من خلال تحركاتها الدبلوماسية واتصالاتها منذ بداية الحرب. 


ويشمل ذلك الاتصالات الدبلوماسية مع الأطراف المتصارعة والزيارات المبكرة لوزير الخارجية سامح شكرى إلى دول الجوار وجنوب السودان وتشاد. وتشير هذه الجهود إلى استعدادات مصر لهذه القمة، كما استضافت القاهرة ورش عمل للقوى المدنية والأحزاب السودانية بحثا عن حلول لتعقيدات المرحلة الأخيرة من العملية السياسية بعد توقيع الاتفاق الإطارى السياسى وفهم مصر الجيد لأبعاد الأزمة وجذورها.


بدأت الأزمة السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية كصراع بين أطراف محلية بل بين مؤسستين فى جسم عسكرى واحد لكن اتجاهها نحو التعقيد سيدفعها باتجاه أن تكون من أكثر الأزمات الإقليمية تشابكا وازدياد حدة الأزمة الإنسانية.