مشوار

نقل المعركة إلى بيت العدو

خالد رزق
خالد رزق

منتصف الشهر الحالى أجرت كوريا الشمالية تجربة لإطلاق صاروخ باليستى جديد عابر للقارات تردد فى وسائل إعلام عالمية أنه قادر على اجتياز مسافة تصل إلى 18 ألف كيلو متر من نقطة إطلاقه حتى بلوغ هدفه الأخير وهو ما يعنى أن كوريا التى ترزح تحت حصار وعقوبات أمريكية ودولية منذ خمسينيات القرن الماضى طالت كل أوجه الأنشطة الاقتصادية والعسكرية وعلاقاتها مع دول العالم نجحت فى تطوير ترسانتها الصاروخية بنوعياتها وأمدائها المتباينة إلى حد لم يسبقها إليه غير الثلاثة الكبار أمريكا و روسيا و الصين وإنها صارت لديها القدرة على استهداف أى بقعة فى العالم و ليس فقط أراض الولايات المتحدة عدوها التاريخى. الإصرار الكورى على تطوير القوة الصاروخية والنووية رغم ما عانته وتعايشت معه جراء عقوبات قاسية امتدت لنحو 70عامًا، كان وراءه الاستمساك باستقلال القرار فى مواجهة التجبر والصلف الأمريكيين وإرادة حقيقية لامتلاك قدرات ردع تمكن البلد من إتقاء شرور وعدوانية خصومها الغربيين والإقليميين الذين تقودهم أمريكا، انطلاقًا من القاعدة التى تقول بأن العدو لن يعمل لك حسابًا أبدًا و إنما سيجد ما يحرضه على العدوان إن لم تكن تملك القدرة على إيذائه بقدر يصعب تحمله.

لجأت كوريا التى وجدت أن أعداءها يتفوقون عليها فى كل شىء والذين تقول المعطيات كلها بأنهم قادرون على أن يلحقوا بها هزيمة كبرى فى أى مواجهة تقليدية سيما وهى ليس لديها أى ميزة جوية فى مقابلة تفوقهم الجوى المهول المعروف وهو ما يعنى أن أى مواجهة محتملة ستكون على أرضها وبمياهها إلى الحل الحاسم الوحيد لنقل المعركة إلى بيت العدو عبر تطوير الصواريخ القادرة على حمل رؤوس تقليدية ونووية وإيصالها إلى أراضى العدو و قواعده حول العالم، وذلك إطلاقًا من أراضيها ومن قلب وحداتها البحرية،

و هو ما يعطيها القدرة على توجيه ضربات مؤلمة للعدو وتكبيده خسائر نوعية من شأن توقعها أن تفرض عليه مراجعة خططه العدوانية. المنهج والدرب نفسه لجأ إليه كل خصوم أمريكا والغرب بمنطقتنا وحول العالم، ولجأت له فصائل المقاومة العربية فى مواجهة الصلف والعدوانية الصهيونية، وهو الطريق الوحيد للبلاد التى تحرص على استقلال قرارها وحماية سيادتها أمام قوى عاتية متفوقة لا يردعها شىء من ضمير و لا إنسانية.