120 جندي وطائرات يفشلون في العثور عليه..

اختفاء الطفل «إيميل» داخل قرية سياحية يثير الذعر بباريس

الطفل «إيميل»
الطفل «إيميل»

مي السيد

  فتحت السلطات الفرنسية تحقيقًا قضائيًا بقرار من المدعى العام للبحث فى أسباب اختفاء طفل صغير لا يتعدى عمره عامان ونصف يدعى إيميل، وهو الأمر الذى أحدث حالة من الرعب كون واقعة الاختفاء تمت داخل قرية صغيرة سياحية هادئة، مما جعل الشغل الشاغل لوسائل الإعلام الفرنسية.

تفاصيل القضية تعود إلى الأسبوع الماضى، عندما كان الطفل الصغير إيميل قد وصل توه مع والديه، إلى منزل أجداده بقرية فيرنيه التى يبلغ عدد سكانها 125 نسمة فى منطقة ألب دى هوت بروفانس الفرنسية الشهيرة، لقضاء عطلة الصيف معهما.

الساعة الخامسة مساءً يوم السبت 8 يوليو، ووفقًا لشهود عيان كانت تلك المرة الأخيرة التى شوهد فيها الطفل إيميل بجوار منزل أجداده، ففى الوقت الذى كان يستعد فيه والداه للتحضير للقيام بنزهة، تمكن فى لحظة خاطفة من الإفلات منهم لمدة خمسة عشرة دقيقة تقريبا بينما كان يلعب فى حديقة المنزل، والنزول على شارع منحدر بالقرية.

أدرك أجداده أنه لم يعد موجودًا عندما ذهبوا لوضعه فى السيارة، وفور اكتشاف اختفاء الطفل إيميل، سارعوا إلى شرطة المدينة بعدما فشلوا فى العثور عليه.

بحث موسع

قام بالتحقيق فى اختفاء إيميل الصغير إلى قسم الأبحاث التابع لقوات الدرك فى مرسيليا بدعم من لواء البحث التابع لقوات الشرطة؛ حيث جمعت القوات قرابة 60 جنديًا وطائرة هليكوبتر لعملية البحث، وخلال أكثر من أسبوع، كثف الأهالى المتطوعون وقوات الشرطة جهودهم للبحث عنه، وتم نشر كافة الخدمات اللوجيستية، وتم تمشيط الغابات والحقول والأشجار على الأرض ومن الجو بطائرات هليكوبتر وطائرات بدون طيار.

كما تم تفتيش كل منزل وسقيفة وجراج فى القرية الصغيرة، وأجريت مقابلات مع العشرات من الأشخاص، ووفقا لصحيفة لوموند الفرنسية، قام 52 جنديًا، معظمهم مكلفين بسرية، على بعد بضع عشرات من الكيلومترات من القرية الصغيرة، بعملية  بحث نهائية، فى عدد قليل من قطع الأراضى على الطريق الممتد على مسافة كيلومترين بين القرية ووسط البلدة، بالإضافة إلى شريط يبلغ طوله نحو 10 أمتار جانبى الطريق، ولكن دون جدوى أيضا، بل إنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك لتفتيش أكوام القش باستخدام أجهزة الكشف عن المعادن، للعثور على الآثار المحتملة لزر أو سحاب بدون جدوى.

تفتيش القرية

من جانبه أكد المدعى العام ريمى أفون؛ أنه خلال أسبوع من التحقيق على الأرض، تمت زيارة 30 منزلا فى القرية، ومقابلة 25 ساكنًا، وفتشت جميع المركبات، وتم تمشيط 97 هكتارا من الحقول والغابات، ويمكن إجراء عمليات مسح أخرى فى المستقبل للتحقق أو تأكيد العناصر التى تم جمعها أثناء التحقيق.

وأضاف المدعى العام؛ أن المرحلة الثانية من التحقيق مفتوحة الآن، وتتألف من تحليل الكتلة الكبيرة من البيانات التى تم جمعها، وعلى وجه الخصوص بيانات الهاتف و 1200 رسالة متبقية على خط الاتصال المخصص.

وأكد المدعى العام؛ أنه تم استبعاد عدم وجود فرضية الاختطاف بشأن اختفاء الصبى الصغير، وفتح تحقيق أولى اعتبارًا من الاثنين 17 يوليو، مشيرًا إلى أن نظام التلبس تم استبداله تلقائيًا بنظام التحقيق الأولى، دون الحاجة إلى فتح تحقيق جديد.

ولفت إلى أن التحقيق القضائى بحث عن أسباب الاختفاء ويركز بشكل خاص على تحليل «الكتلة الكبيرة» من العناصر التى تم جمعها فى عملية البحث، بجانب تحديد الأشخاص الذين كانوا فى القطاع فى وقت متأخر من بعد ظهر يوم السبت وقت الاختفاء.

وحول أسباب عدم إطلاق إنذار الاختطاف، طوال عملية البحث، شدد المدعى العام على أنه لم يتم التغاضى عن أى فرضية فى الوقت الحالى، ولم يتم تأكيد أى فرضية أخرى مشيرًا إلى أنه حتى الآن لا يوجد أى دليل عن وجود عملية اختطاف.

وكشف المدعى العام لوسائل الإعلام أن إنذار الاختطاف، ووفقًا للقانون يحتاج لتوافر أربعة معايير لإطلاق مثل هذا التنبيه، أولها أنه يجب أن يكون اختطافا مُثبتا وليس اختفاءً، حتى لو كان مقلقًا، بجانب أنه يجب أن تكون الضحية قاصرًا، وحياة الطفل أو سلامته الجسدية فى خطر، وآخرها أنه يمكن أن يقرر عدم إطلاق تنبيه بالاختطاف إذا رأى أن نشره قد يعرض حياة الطفل للخطر، حتى لو تم استيفاء المعايير الأربعة، لافتًا إلى أنه لا يوجد دليل على حدوث اختطاف.

وهدد المدعى العام بفتح تحقيق بتهمة الاحتيال، بعدما رصدت الأجهزة الأمنية فتح حسابات عديدة من أجل التبرع باسم الطفل ايميل، موضحًا أن أسرة ايميل وجدت أن الحسابات قد فتحت باسم طفلهم أو باسم الأسرة، نافين علاقتهم بها، مطالبًا بغلقها على الفور، مشيرًا إلى إن الاحتيال يعاقب عليه بالسجن لمدة خمس سنوات.

حظر دخول القرية

من جانبه قال فرانسوا باليك رئيس بلدية فيرنيه فى تصريحات نقلتها عنه لوفيجارو؛ أنه اتخذ قرارًا بحظر الوصول إلى القرية لأولئك الذين لا يعيشون هناك، واصفًا القرار بأنه يهدف إلى حماية السكان وعائلة ايميل، لافتا إلى أنه يريد تقليل ضغط وسائل الإعلام وتجنب مخاطر سياحة التلصص.

وأضاف عمدة القرية؛ أنهم فعلوا ما بوسعهم للعثور على الطفل سواء كان حيًا أم لا، مشيرًا إلى أن شرطة الدرك يمشطون مساحة مائة هكتار وهى مساحة شاسعة.

وأوضح رئيس البلدية؛ أنه لا يصدق وجود عملية الاختطاف، مشيرًا إلى أنهم يتواجدون فى قرية صغيرة بها حوالى عشرين منزلا، ويمكنك رؤية كل شيء، وكان من الممكن أن يقطع مسافة ما وقد يضيع أو يختبئ، مؤكدا أن قرار إطلاق إنذار الاختطاف من عدمه يعود إلى المدعى العام بالتشاور الوثيق مع المحققين وبعد التشاور مع وزارة العدل.

وحول احتمالية العثور على الطفل قال عمدة القرية؛ إنه فى يقينه يوجد احتمال واحد فقط، فلابد أنه تم ترك الطفل وحيدًا وضل فى محيط شديد الانحدار، فى وسط موجة حارة وبعد أيام بدون ماء، فليس هناك احتمال تقريبا أنه لا يزال على قيد الحياة، كاشفًا عن أن كلاب الشرطة التي قامت بمسح المنطقة في الأيام الأخيرة لم تشم رائحة جسد.

وأطلقت السلطات نشرة بأوصاف الطفل إيميل، وبحسب أقارب الطفل، كان يرتدى قميصًا أصفر وسروالا قصيرًا أبيض وقت اختفائه، كما أنه تم إطلاق دعوة للشهود، وتلقت الشرطة ما لا يقل عن خمسين مكالمة. 

و بعد أيام  من اختفائه، لا يزال الطفل البالغ من العمر عامين ونصف يتعذر تعقبه، ولا يزال المحققون لا يجدون أي خيوط للوصول إليه، وهو الأمر الذى تسبب فى حالة من الجدل حول أسباب اختفاء الطفل فى تلك المنطقة السياحية التى تتميز بسلاسل جبال وطبيعة خلابة.

اقرأ أيضًا : تفاصيل القبض على أخطر مجرم فى أمريكا

;