الدكتوراة الفخرية تدخل سوق «المضـروب»| «التعليم العالى»: لجنة الضبطية القضائية تحارب جمعيات بيع الألقاب العلمية

الدكتوراة الفخرية تدخل سوق «المضـروب
الدكتوراة الفخرية تدخل سوق «المضـروب

دعاء سامى وسحر شيبة

خبراء القانون: جريمة عقوبتها الحبس 3 سنوات وعلى النقابــــــــــات مراجعة شهادات الأعضاء

انتشرت فى الآونة الاخيرة ظاهرة منح الدكتوراة الفخرية لعدد من المشاهير والشخصيات المعروفة بشكل يثير التساؤلات والاستنكار لدى الكثيرين، حيث إن الدكتوراة الفخرية تحولت فى الآونة الاخيرة من تكريم يُمنح تعبيرًا عن الشكر أو العرفان بالجميل أو الإنجازات العلمية أو الاجتماعية، إلى مظهر من مظاهر الوجاهة الاجتماعية والزهو الزائف، وأثار منحها إلى فنانين ولاعبى كرة جدلا واسعا، ولم يلق قبولا لدى الكثيرين، كما ان المصادر او الجهات إلى منحتها تعتبر غير معتمدة رسميا لمنح مثل هذه الشهادات.

فيقول د. عادل عبدالغفار المتحدث الرسمى باسم وزارة التعليم العالى «ان الشهادات الوهمية والكيانات الوهمية التى تمنح شهادات مزيفة ظاهرة خطيرة انتشرت منذ فترة ولما للأمر من أهمية بالغة وخطورة شديدة على المجتمع المصرى استدعى الأمر إجراءات عاجلة وصارمة من قبل وزارة التعليم العالى لضبط هذه الكيانات الوهمية التى تدعى منح البكالوريوس او درجة الماجستير والدكتوراة، ومعاقبة مدعى الدرجات العلمية والشهادات المزيفة، مؤكدا ان المعاهد والجامعات المعتمدة على مستوى الجمهورية مسجلة رسميا ومثبتة على وزارة التعليم العالى من خلال القائمة التى أصدرتها الوزارة، هذه القائمة تضم المرحلة الأولى «البكالوريوس والليسانس» ويتم تحديثها بشكل مستمر ونشرها على الموقع الإلكترونى للمجلس الأعلى للجامعات وذلك للإطلاع عليها من قبل الطلاب وأولياء الأمور حتى لا يقعوا فريسة الكيانات الوهمية وفى حالة الرغبة فى التأكد من شرعية أى مؤسسة أكاديمية، يمكن الرجوع إلى القائمة المسجلة على صفحات وزارة التعليم العالى.

وأشار المتحدث باسم وزارة التعليم العالى أنه تم تشكيل لجنة للضبطية القضائية فى عام ٢٠١٥ بوزارة التعليم العالى، هذه اللجنة تقوم بعملها منذ ذلك التاريخ على اكمل وجه حتى الآن ويتمثل دور لجنة الضبطية القضائية فى التفتيش من خلال كافة المصادر وذلك بدعم من الأجهزة المعنية كما تتابع أيضا السوشيال ميديا بكافة مصادرها وتتابع وسائل الدعاية المختلفة ونتعرف من خلالها على الكيانات الوهمية وعناوينها، وعلى الفور تنتقل اللجنة إلى هذه الكيانات وتبحث عن أوراقها الرسمية وإذا ثبت لها عدم ترخيص هذه المنشأة من وزارة التعليم العالى وتقوم بممارسة أى عمل أكاديمى يتم وقتها اتخاذ عدة إجراءات الإجراء الأول هو إحالة الملف إلى النيابة العامة والإجراء الثانى أن يخاطب السيد وزير التعليم العالى محافظ الإقليم لإغلاق هذه المنشأة الوهمية لأنه يمارس عملا أكاديميا ويمنح شهادات أكاديمية بدون ترخيص له بذلك من وزارة التعليم العالى أما عن الشهادات التى يحصل عليها البعض مثل الدكتوراة الفخرية أو ما شابه ذلك من شهادات تمنح أيضا من كيانات ليست مرخصة وغير معترف بها وينطبق عليها وعلى أصحابها نفس الإجراءات التى سبق ذكرها.

صورة التعليم

ومن جانبه أضاف د. سامى عبدالعزيز استاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن هناك جهدا مقدرا من جانب وزارة التعليم العالى وأجهزتها فى اغلاق ومحاكمة تلك المراكز والجامعات الوهمية ولكن الأمر يقع على عاتق المواطن الذى لا يسأل ويتحرى البحث من الجهات الرسمية على مشروعية هذه الأماكن فهى مسئولية المواطن ويجب أن يتم ابلاغ الجهات المختصة من جانب المواطنين والدولة وحدها لا تستطيع لان بعض هذه الأماكن تكون منتشرة على صفحات التواصل الاجتماعى وعلى أولياء الأمور قبل دفع تلك المبالغ أن يتأكدوا من مشروعيتها وقانونيتها.

جامعة معتمدة

وأشار الخبير الإعلامى أن «الأخبار» أكثر جريدة اهتمت بهذا الأمر وكشفت عن مراكز وجامعات وهمية وعليكم ان تواصلوا هذا الأمر وعلى الإعلام سواء صحافة او قنوات الاهتمام بهذا الأمر.

وأضاف أن الامر خطير وتتمثل خطورته أنه يضر صورة التعليم وخاصة ان مصر تعتبر قبلة للبعض للتعليم فالضرر يطول المنظومة ككل.
مضيفا «وعن الدكتوراه الفخرية التى نشاهدها هذه الأيام فهى اكذوبة كبرى، فهذه الدرجة لا تمنح إلا بمعايير علمية سواء للإنجاز او اكتشاف علمى كامل على سبيل المثال ولا يمكن ان تمنح جامعة معتمدة دكتوراه فخرية خارج هذا النطاق».

عقوبة قانونية

وعن العقوبة القانونية لتزوير الشهادات العلمية.. فأوضح د. محمد الذهبى أستاذ القانون الدستورى والمحامى بالنقض، انه يجب أن تكون الشهادة المعتمدة معترفا بها من المجلس الأعلى للجامعات، فهو الجهة الوحيدة المعتد بها فى مصر لاعتماد المؤهلات، سواء مؤهلا عاليا أو ماجستير او دكتوراة، واى شهادة أخرى فهى ليس لها قيمة إلا من المجلس، ومن يقوم بتزوير شهادة المؤهل أو درجة علمية فهى جنحة نصب ومزاولة مهنة بدون ترخيص فهو يقع تحت طائلة القانون ويكون معرضا لعقوبة السجن ثلاث سنوات، مضيفا انه على النقابات ان تمارس دورها وتقوم بالتفتيش على أعضائها على سبيل المثال الأطباء او المحامون فبعضهم يقوم بإلصاق درجة علمية له وهو امر غير صحيح ويقوم بخداع المواطنين بتلك الدرجات العلمية دون أن يحصل عليها.

رسالة بحثية

وترى د. إسراء الزينى الاستاذ بكلية الاعلام جامعة القاهرة إن هناك نقصا فى المعلومات عن ماهية الدكتوراة الفخرية وان الإعلام له دور كبير فى توعية الجمهور بالمسمى والاهمية ولمن يتم منحها، حيث أنها مختلفة تماما عن الدرجة العلمية «الدكتوراة».

وأوضحت ان الدكتوراة الفخرية مجرد لقب اكاديمى تكريمى لشخص له نشاط واضح ومعلوم فى مجال معين، وان الشخص الذى يحصل عليها لا يضاف له لقب دكتور، لأن لقب الدكتور للباحث الحاصل على الدرجة العلمية التى يحصل عليها بناء على رسالة بحثية فى مجال معين ويتم تقييمها من قبل مجموعة من الاساتذة لبيان مدى صلاحيتها للحصول على درجة الدكتوراة من عدمه.

أما الدكتوراه الفخرية فيتم منحها من الجامعات المحترمة بناء على مجموعة من المعايير والشروط تنطبق على الشخص الذى تمنح له، وله مجموعة اسهامات واضحة ومؤثرة فى المجتمع، مضيفة ان جامعة القاهرة التى أنشئت منذ ١٩٠٨ أى ما يقرب من ١١٥ سنة منحت الدكتوراة الفخرية لشخص فقط على مدار تاريخها كله.

جهود مخلصة

وفى نفس السياق اشار د. خالد ذكى مدرس بكلية الاعلام جامعة القاهرة انه ليس هناك مشكلة فى وجود الدكتوراة الفخرية مادام يتم منحها من قبل جامعات عريقة فى إطار مجموعة من الضوابط المحددة فى ذلك الشأن مثل أن تمنح من قبل جامعات مرموقة لديها ضوابط ومعايير واضحة ومحددة فى هذا الشأن، وأن تمنح لمن يستحقها، بحيث يكون شخصية قدمت جهودا مخلصة فى خدمة المجتمع والبشرية، إنما المشكلة التى اثارت جدلا واسعا هى أنها باتت تمنح من قبل جهات ليست أكاديمية وليس لها تاريخ او جهود بحثية او مساهمات علمية، وتمنح كذلك لمن لا يستحقها.

وأوضح انه يجب أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح ونتعامل معها على إنها درجة شرفية وكونها لقبا تكريميا لا أكثر ولا أقل لكن للأسف أصبحنا نعيش فوضى الألقاب فى مختلف التخصصات فما أسهل من يلقبون أنفسهم بألقاب كالدكتور والمهندس وخلافه.

وبالتالى، ينبغى ملاحقة أى جهة غير أكاديمية ولا تاريخ لها تمنح الدكتوراة الفخرية، وينبغى التمسك بالمعايير التى وضعت لأجلها مثل إنها لا تمنح سوى لشخصيات رائدة قدمت خدمات جليلة للإنسانية والبشرية وصاحبة تاريخ عريق فى مجالها وان تكون الجهة المانحة لها جامعة عريقة.

بصمة مجتمعية

د. هشام البدرى أستاذ ورئيس قسم القانون العام بجامعة المنوفية منح الدكتوراه الفخرية بالشكل الذى نراه الآن ما هو إلا جزء من سياق التردى الاجتماعى والعلمى فى المجتمع المصرى، فهى ظاهرة سلبية مسيئة للعلم والعلماء والشخصيات المؤثرة فى المجتمعات حيث انها تمنح الآن بهدف الوجاهة والزهو الزائف وهو ما يثير غضب وسخط الكثير من العلماء والمثقفين وأصحاب العلوم والفكر المستنير، حيث انهم أيقنوا الآن ان العلم لم يعد وسيلة للتصنيف الاجتماعى بدليل أن الاوائل على مستوى الجامعات قد يتم تخطيهم او تجاوزهم وتعيين من هم اقل منهم نتيجة المحسوبية وما إلى ذلك من ظواهر قاتلة لطموح المئات من الشباب.

وأوضح ان درجة الدكتوراة الفخرية فى مصر لابد ان يتم منحها بعد الرجوع إلى عدة معايير ومقاييس، فلابد من تحديد الجهات المانحة للدكتوراة الفخرية، بالاضافة إلى تطبيق معايير ثابتة على كل من تترشح اسماؤهم للحصول عليها وليس بالضرورة ان تكون اسهامات علمية بحثية بل قد تكون اسهامات وانشطة تثقيفية او تكون شخصيات تمكنت من ترك بصمة مجتمعية قوية تحمى الاجيال القادمة وتساعدها فى مجالات الحياة المختلفة من حيث التنوير والمعرفة والتثقيف.