وقفة

أُسامة شلش يكتب: «بناقص فطيرة»

أُسامة شلش
أُسامة شلش

صدمنى بائع الفطير عندما وقفت على الطريق عند عودتى للشراء، سألته عن السعر وكانت مفاجأته لى وهو يقول ٢٤٠ جنيها، وقفت مترددًا المبلغ كبير على المنتج الذى بمستلزماته من الجبنة القديمة والعسل والقشدة الفلاحي يصل ل٥٠٠ جنيه، استدرت ووجدتنى أردد «بناقص فطيرة» ليس استخسارا ولكن لأنى شعرت بالغبن، شوية دقيق ومعلقتين سمن حتى لو بلدي لايتكلفان أكثر من ٤٠ جنيها مع البحبحة فى صنعهما لا يتكلفان كل تلك التكلفة الكبيرة ولو صنعهما خبير، وتداعت إلى رأسي الذكريات وكنت أرى أمى فى بيتنا وعماتى فى بلدنا بخربتا بكوم حمادة وكن يتقن عمل مثل هذا الفطير ويتفوقن على ما نشتريه اليوم ، ووالله هناك أمام مسجدنا بالمعادي سيدة تأتى من الشرقية تبيعه وأحلى بـ٥٠ جنيها.

المسألة بسيطة، ولو أقدمنا على تجربة صناعة حاجات كثيرة من طعامنا فى البيت لوفرنا وقضينا على صور الجشع التى نراها تستفحل كل يوم مع الأسف، زميلتى الراحلة ميرفت عمارة مدير تحرير أخبار الأدب التى فقدناها من ٣ شهور فقط وعِشرة عمر لـ٥٠ عامًا علمتنى دروسًا فى الحياة فى التدبير والاقتصاد فى المصاريف، كانت تتقن صنع الأشياء فى منزلها من صنع يدها، التورتات الفاخرة والكيك بكل أنواعه والمخبوزات من العيش الفينو والبلدى، وكانت تتقن تدميس الفول وعمل الطعمية وتتفوق لكونها خريجة كلية الزراعة فى عمل الزبادى خاصة فى رمضان، كانت تنقل تجاربها لزملائها وتفتخر أنها فعلت ذلك بامتياز، تخيلوا أعظم تورتاية كانت لا تتكلف من يدها أكثر من ٥٠ جنيها، تضاهى بها أكبر محلات الحلويات وكم قامت بعمل العديد من أعياد الميلاد لأحفادها وزوجها عمر.

أحزن وأنا أسمع من أولاد عمومتى مثلا أنهم يشترون الخبز من المخابز ولا يصنعونه كما كان الحال داخل الافران الطينية التى كانت تخرج لنا أشهى أنواع الطعام فى قريتنا.

لو فكرنا فى الأمر ونظمنا مطالبنا وعدنا إلى صناعة متطلباتنا فى بيوتنا خاصة البسيطة سنوفر على أنفسنا طمع من يستغلنا، جربوا حتى ولو بتدميس الفول أو عمل الطعمية أو الزبادى أو الخبز والله المسألة سهلة جدا بس نجرب مرة واثنين وقطعا سننجح وهو فيه أجمل من صنع إيد الإنسان لنفسه.