30 يونيو.. ذكريات لاتُنسى

النائب علاء عابد
النائب علاء عابد

يقول الشاعر التونسى أبو القاسم الشابي:

إِذا الشَّعْبُ يومًا أرادَ الحياةَ

فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي

ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

كانت هذه الكلمات هى نبراس الثوار فى 30 يونيو 2013، الذين خرجوا بالملايين للشوارع فى جميع المحافظات المصرية، مطالبين بإسقاط حكم «الإخوان»، وكانت موجة ثورية عابرة لكل طبقات وشرائح المجتمع المصري.

سوف أحدثكم عن نفسى وزوجتى ونحن نشاهد فى الشوارع طوابير المصريين على البنزين، والحرائق تملأ الميادين، وألسنة اللهب وأعمدة الدخان تتصاعد بكثافة فى كل مكان، والباعة الجائلين يغلقون شوارع وسط البلد، والمحكمة الدستورية محاصرة من عناصر «الجماعة الإرهابية»، والحصار يطوق مدينة الإنتاج الإعلامي، وحكم «الجماعة» يلغى كل المؤسسات الدستورية، ولا أمن ولا أمان فى الشارع.

كنت أنظر للشوارع والميادين وما يحدث، وأتابع حدة الأزمة الاقتصادية، وانتشار الظلام للانقطاع المتكرر للكهرباء، وأحدث نفسى ومن حولى هل ممكن لمصر أن تعود مرة ثانية مثل أيام زمان، نظيفة، آمنة، جميلة، مستقرة؟!

وانتفض، ملايين المصريين ضد حكم «الجماعة الإرهابية»، التى حاولت اختطاف مصر الحضارة، والتاريخ، لصالح حكم الإرهاب غير الوطني، لينجح الشعب المصرى فى الإطاحة بالجماعة بعد عام واحد من الحكم والسيطرة على مفاصل الدولة، سعت خلالها إلى تنفيذ أجندتها السياسية المهددة لتاريخ وحضارة أمة مستقرة منذ 7 آلاف سنة.

وجلست أشاهد الموجات البشرية الهادرة وهى تملأ ميادين الجمهورية لتطيح بحكم «الإرهابية» وأردد قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم التى أنشدتها سيدة الغناء العربى أم كلثوم:

وقــف الخلــق ينظـرون جميعـًـا كيف أبنى قواعد المجد وحدي

وبناة الأهرام فى سالف الدهــ ـر كفــونى الكلام عنـد التحــدي

أنا تاج العـــلاء فى مفــرق الشر ق ودراتــــــه فرائــــد عقــــدي

إن مجــدى فى الأوليات عريــق من له مثـل أولياتـــى ومجـــدي

أنـــــا إن قــــدَّر الإلـــــه ممـــــاتــى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي

وانتصرت ثورة 30 يونيو، وعرفنا قيمة المؤسسات الوطنية عندما حاولت «الإرهابية» هدم جهاز الشرطة، وعرفنا قيمة قواتنا المسلحة التى انحازت للشعب فى الثورة العظيمة، وعرفنا قيمة قضاء مصر الشامخ الذى رفض الخضوع للجماعة الإرهابية.

انتصرت ثورة الشعب، ليعود الأمن والأمان، فعندما كنت أشاهد المواطنين وهم يسهرون أمام منازلهم، ومحلاتهم فى حراسة مستمرة لحماية أبنائهم وزوجاتهم وممتلكاتهم، من أيادى اللصوص، أحمد الله تعالى على هذه النعمة العظيمة التى قال الله عز وجل عنها: (الَّذِى أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ).

هذه هى مصر فى التاريخ التى أراد «الخونة» مسخها وتقزيمها، وهذا هو رأى المؤرخ «هيرودوت» عن مصر، التى وصفها بـ«هبة النيل»، والذى أكد دائمًا من خلال كتاباته عن تأثر اليونانيين بمصر، قائلًا: «لقد جاءت أسماء الآلهة كلها تقريبًا من مصر إلى بلاد اليونان»، لافتًا إلى الدور المصرى العظيم فى الملاحة، 

كذلك تحدث عن صفات المصريين الحميدة، والتى لم تصل آنذاك لليونان ومن بينها احترام الصغار للكبار، مشيرًا إلى مدى تقدم الكهنة المصريين فى العلوم، وفى مقدمتها علوم الطب.

لقد كانت مساحة مصر من أيام «هيرودوت» وحتى 2013، تقدر بأربعة فى المئة المزروعة والمعمورة تقريبًا، والآن تصل إلى 7%، بفضل ثورة التنمية فى التعمير والتشييد والبناء.

تحية لرئيس مصر وجيشها وشرطتها، وتحية للشعب العظيم الذى رفض «الاحتلال الإرهابي» مثلما رفض الاحتلال أيام الهكسوس والإنجليز والفرنسيين.
والمجد والخلود لشهداء مصر الأبرار من المدنيين والجيش والشرطة والقضاء

الذين استشهدوا لتحيا مصر.