«السور» قصة قصيرة للكاتبة رانية المهدي

رانية المهدي
رانية المهدي

 

 

دفعني للخلف بقوة، ليمنح نفسه مساحة أكبر أمام الطاولة. تملكني الغضب وعزمت على الحرب.. قبل أن أقترب استدار ونظر لي محذرا.

 انزويت الي أحد الأركان وعفت نفسي الطعام.. مر الوقت وبدأت أرى خيالات مزعجة تأتي وتذهب من جديد.. ثم تقترب وتصبح أكثر وضوحاً.. فركت عيني بقوة فكانت الفاجعة.

 

ما هذا؟! لا أصدق ما أراه! من هؤلاء؟! ولماذا أنا معهم؟! الجميع يمشي على أربع.. لهم ذيول وحوافر.. الطعام قذر لكنه لا يغادر الأفواه.

 

نظرت إلى دلو الماء بجانبي وتملكني الفزع.. لم أتمالك نفسي من جديد.. فأنا لي قرون.. فوق رأسي قرون! وهذا الذيل الطويل الذي يتبعني ويعيق حركتي.. أريد أن أصرخ.. لكن ما هذا الصوت الذي يخرج من فمي؟!

 

عقلي مشوش.. أعلم أن هناك شيء خاطئ.. ربما أحلم.. نعم إنه حلم.. لا.. إنه كابوس ثقيل.. لكن كيف وهي الحقيقة أمامي؟!

 

 رأيت سلم خشبي على مشارف الهلاك مستندا إلى الحائط.. رفعت بعض هامتي وتسلقته في غفلة من الحراس.. عندما وصلت للنهاية رأيت الجميع خلف السور لديهم أعناق مرفوعة وأقدام بلا حوافر ورؤوس بلا قرون.

 

نزلت وأنا منكسر النفس.. انزويت مرة أخرى إلى الجدار.. ومن تلك اللحظة لم أتناول طعامهم وأنا أتحسر على صديقي الذي يحارب من أجل هذا العفن.

 

مر بعض الوقت والحيرة تزيد.. قررت أن أصرخ ربما توقف عما يفعل أو ربما توقف معه الجميع.. لكن قبل أن أكمل التفكير، لاحظني الحارس فاقترب مني وجلس القرفصاء ثم همس:

_ من لا يرى ولا يسمع لا ينفعه الصراخ.. الباب إلى اليمين.

لأرد عليه بذهول:

_باب! هل يوجد باب؟!

ابتسم الحارس ثم هز رأسه بالإيجاب وذهب.. ذهب وتركني أنظر للباب واليهم والحيرة تمزق نفسي.