لا صوت يعلو فوق صوت الوطن، صوت الحرية، صوت الكرامة، الكل لبى النداء، الكل وقف على قلب رجل واحد ضد أهل الشر، من أجل إنقاذ وطن من جماعة كادت أن تفتك بمقدراته، عاثت فسادًا تحت ستار الدين.. لا أحد ينسى الموقف الشجاع للإعلام الوطني إبان ثورة 30 يونيو، الذي تعرض لكل أنواع التهديد، هؤلاء الإعلاميون حملوا راية «حرب الكلمة» ضد الجماعة الإرهابية ومناصريها، لم يخشوا التهديد والوعيد، بل صمدوا في وجه الجماعات المتطرفة.
في ذكرى ثورة 30 يونيو، تتجدد في الأذهان مشاهد حصار مئات المتأسلمين لمدينة الإنتاج الإعلامي لإرهاب الإعلاميين، وإسكات صوتهم، لكن هذا الحصار زادهم قوة وإيمان بالقضية، وضرورة المقاومة ضد أهل الشر، عاش الإعلاميون وقتها وقتًا عصيبًا، عندما أغلق المحتجون أبواب مدينة الإنتاج الإعلامي بحواجز حديدية وحجارة ومنعوا دخول وخروج العاملين وضيوف البرامج الحوارية،وكانت هذه الجماعات المتطرفة تطلق دعوات لاقتحام المدينة، وتحطيم معدات القنوات.
هذا الحصار، جعل الإعلاميين يدركون خطورة المرحلة، مما دفعهم إلى الدفاع عن الوطن حتى لو كلفهم الأمر أرواحهم، وبدأوا في تعبئة الرأي العام من خلال كشف المخططات الإخوانية للسيطرة على كل مفاصل الدولة وأخونتها، لذلك بدأت الجماعة في توجيه سهامها المسمومة ضد الإعلام الوطني بالتهديد والوعيد والإرهاب.
وصل الأمر إلى وضع الإعلاميين والصحفيين المصريين على قوائم اغتيالات الجماعة الإرهابية، فأصبح أغلب الصحفيين والإعلاميين مهددين بالاغتيال في أي وقت من بينهم عبدالرحيم علي، أحمد موسى، مصطفى بكري، عمرو أديب، خالد صلاح، حمدي رزق ولميس الحديدي.
الصفوف الأولى
في هذا الصدد، تؤكد الإعلامية شيرين الشايب، المذيعة بالتليفزيون المصري، أن الإعلام الوطني، وفي مقدمته التليفزيون المصري، دعم ثورة 30 يونيو بكل قوة، وكل من هو في الإعلام الوطني شارك في الثورة، وتتابع: “أغلبهم الإعلاميين حملوا رؤوسهم على أيديهم، ووقفوا في الصفوف الأولى لدعم الثورة، والدفاع عنها.. قلنا كلمة حق في وقت كان ممكن رقابنا تطير فيها في ظل حكم الإخوان”.
تضيف: “انحزنا لبلدنا وجيشنا، ولنا حلقات كثيرة نفخر بها في هذا التوقيت الصعب، ونعتبرها وثيقة للتاريخ، وأتذكر في هذا التوقيت كنا في (ماسبيرو) نتعرض لضغط شديد من أنصار الجماعة الإرهابية لنخرج على الهواء ونقول كلامًا تأييدًا لهم، لكننا جميعًا رفضنا، وقلنا ما يمليه علينا ضميرنا، ولم نستجب إلا لصوت الوطن، ودعمنا الثورة، حتى لو كان هذا على حساب أرواحنا، فالوطن باق إلى الأبد”، موجهة التحية للقوات المسلحة التي انحازت لإرادة الشعب إبان ثورة 30 يونيو، وحملت على عاتقها تأمين المتظاهرين في الشوارع، الذين خرجوا من أجل مصر، التي كادت أن تفقد هويتها لو ظلت الجماعة الإرهابية في الحكم.
تحصين الناس
أما الكاتب الصحفي أحمد رفعت، يقول:”لا يتوقف دور الإعلام الوطني عند الدعم والتأييد الإنشائي لحركة جماهير شعبنا في ٣٠ يونيو، ودعم وحماية قواتنا المسلحة لها، إنما أيضا يتسع ليشمل كشف وفضح تاريخ الجماعة التي أسقطها في اليوم نفسه.. وشرح تاريخها الإجرامي للناس ليس من قبيل العراك أو التشفي إنما لمنع تكرار ما جرى مرة أخرى خصوصا أننا أمام تجربة مثيرة للعودة”.
يضيف:”انتهت الستينيات والجماعة غير موجودة في مصر، ثم أعيدت في السبعينيات، ولم يكن الخطر كله في ذلك إنما الخطر في كذبها على المصريين واستدرار عطفهم باعتبارها الجماعة المفترى عليها، التي تم القضاء عليها عمدا ثم نسجت قصصاوأكاذيب عن التعذيب لكسب عطف الناس، وبالتراكم ساهم ذلك في انتشارهم وشعبيتهم التي أوصلتهم للسلطة”.
يتابع: “هنا أناشد الإعلام المصري الوطني بأن دوره في المعركة ما زال مستمرًا من خلال التوعية بخطر هذه الجماعة، وتحصين الناس بالوعي وفضح هذه الجماعة على الشاشات”.
كشف خبايا الجماعة
وفي السياق، يقول الإذاعي عاصم عبد الفتاح، إنه لاشك أن مساندة الإعلام بمختلف أشكاله المقروء والمسموع والمرئي لثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لا خلاف عليها، حيث قدم الإعلام المصري بمختلف فروعه العون الكبير لهذه الثورة منذ كانت فكرة أطلقها شباب تمرد وقف إلى جوارهم الإعلام مساندا يلقي الضوء على أهداف تمرد ويؤمن بهذه الأهداف ويدعمها وهو ما رأيناه جليًا من خلال المساحات الزمنية التي خصصتها مختلف وسائل الإعلام سواء الإعلام الوطني أو الخاص لمناقشة أحوال الوطن في هذه الفترة العصيبة التي شهدتها مصر من تاريخها تحت حكم هذه الجماعة ذات الأجندة غير الوطنية المدعومة من الخارج من جهات لاتبغي الخير لمصر وتستهدف تمزيق وحدة هذا الشعب وضرب استقراره وتمزيق أواصره”.
تابع:”لعب الإعلام المصري دورا سيظل التاريخ يذكره في إظهار خبايا جماعة الإخوان ونواياها الخبيثة والتاريخ الدموي لها ومشروع الجماعة المشبوه في تفتيت وحدة الوطن وتقسيمه، ومتاجرتهم بقضايا الوطن لصالح من ينتمون إليهم ويعملون لحسابهم كانت المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية المختلفة وصفحات الجرائد والمجلات المصرية بمختلف توجهاتها قبل قيام ثورة ٣٠ يونيو وخلالها وفي أعقابها داعمة للملابين من أبناء هذا الشعب العظيم الأبي الذين خرجوا إلى الشوارع والميادين يساندهم جيش مصر الوطني العظيم بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع في ذلك الوقت ضد حكم هذه الجماعة الفاشي، ويطالبون برحيلها مرددين (يسقط يسقط حكم المرشد)،فتحية تقدير واحترام لإعلام مصر الذي ساند هذه الثورة العظيمة، وقدم لها كل الدعم والمؤازرة، وحفظ الله مصر العظيمة وشعبها الطيب الأصيل وجيشها العظيم ورئيسها الشجاع الرئيس عبدالفتاح السيسي”.
تجسيد الثورة
بدورها، تقول الدكتورة ريهام صلاح الدين، أستاذ الإعلام، إن الإعلام الوطني كان له دور حيوي في ثورة يونيو، مضيفة: “أرى أن دور الإعلام لم ينته بعد، بل يجب عليه التذكير دائمًا بمكتسبات الثورة من خلال عرض أحداثها على الشعب، والتذكير الدائم بمكتسباتها، وعرض لقطات حية من الثورة، إحياء برامج التوك شو الأكثر مشاهدة في مصر لأحداث الثورة، والتذكير بأسباب قيامها وانجازاتها والأبطال الذين لعبوا دورا كبيرا في نجاحها”.
تتابع: “يجب أيضا الوصول للأطفال الذين لم يعاصروا أحداث ثورة يونيو 2013 من خلال أفلام كارتون سواء كانت أحداثها جميعا تشرح وتبسط للأطفال، أسباب قيام الثورة أو أعمال كرتونية تعرض أحداث الثورة وأبطالها ونتائجها وأسباب نجاحها”.
وتطالب بضرورة تجسيد أحداث الثورة من خلال الأعمال الدرامية، لتضمين هذا الحدث التاريخي المهم ضمن الأحداث الدرامية بل إنتاج أعمال درامية يكون محورها الرئيسي وحبكتها ثورة يونيو، حيث إن الأعمال الدرامية تبقى في الذاكرة طويلا وتعلق في أذهان المشاهدين، كما حدث مع ثورة 23 يوليو 1952 فلا أحد منا ينسى أبدا فيلم مثل “رد قلبي” أو “في بيتنا رجل” وغيرها.
اقرأ أيضًا : ثورة 30 يونيو l ٢ شارع شجر الدر .. هنّا انطلقت الشرارة الأولى