«ترانيم الكنز» قصة قصيرة للكاتب سيد جعيتم

 سيد جعيتم
سيد جعيتم

يقع بيتنا المبني بالحجر الأبيض بجوار باب القرافة.

توارثنا عن الأجداد حكاية عن كنز مدفون بحوش البيت، يحرسه ثعبان كبير يتجول ليلا حول منطقة فرن الخبيز.

تجلس أمي قبالة الفرن وتنخل الدقيق، تحذر سكان البيت من غير البشر من العفرة:

- سترتك ما عفرتك يستر عرضي وعرضك وعرض الولاَية، لوف لوف، النعجة لافت على الخروف والنبي صاحب المعروف).

تُنبه قبل إشعال النار في محمة الفرن:

- دستور يا أسيادنا، الحامل تمشي علي مهلها والمرضعة تشيل ابنها.

   يدور الحديث بين أمي وجاراتها عن الكنز وحارسه والنقوش علي الجدران وتخبرهم أنها طلاسم مرصودة

لغلق الكنز.

 رجلٌ غريبٌ يرتدي ثياب المغاربة، وقف قبالة المنزل وأخذ يصيح:

- يا كاشف المستور، اكشف لي السر المكمور، ثم جلس بجوار باب البيت وراح في سُباتٍ عميق.

- قاعد كده ليه يا شيخنا، فيه إيه ؟

-  جاني الإذن بفتح الكنز المرصود المدفون بالبيت.

حذره والدي:

- للكنز حارس.

- بعون الله أنا قادر عليه.

تجمعنا بحوش البيت

  أطال الرجل التحديق في وجوهنا، وقف قبالة  الفرن، طلب إطفاء الإنارة، أصبح المكان معتمًا إلا من بصيص نور ضعيف يتسلل من باب البيت الكبير.

عزم وحوقل بعباراتٍ غير مفهومة، وضع بخورًا كثيرًا بالموقد، تصاعدت رائحة غريبة، غلف الدخان المكان وأصبحت الرؤية متعسرة،  صاح الشيخ بصوت قوي جهوري:

- بالزين يا ابن وردان الزين، وأخذ يدق بعصا علي الطقوس المكتوبة:

ـ أظهر وبان، بحق الجاوي والخولنجان، اكشف لنا المستور  قوام، قوام، قوام.

غير طبقة صوته:

ـ يا من أغلقت بجسمك ثقب سفينة الخضر وأنجيتها من الغرق، استحلفك بمن خلق، أظهر وبان، بحق سيدنا سليمان، في التو واللحظة، الوحا الوحا، العجل العجل، الساعة الساعة، الآن الآن.

ظهر الخوف علي وجوه الحاضرين وساد الصمت المطبق، رفع نظره وأشار بعصاه للسقف، ورفعنا كلنا نظرنا للسقف:

- يا رصود يا حارس الكنز المرصود، اظهر وبان وليك ولينا الأمان.

فرد الشيخ يده لأسفل، لم ير أحد منا الثعبان وهو يتسلل من كمه صاح بأعلى صوته:

- أهلاً ومرحبًا يا ابن وردان، ءأمر تطاع، عليك الأمر وعلينا الإجابة، طلباتك مُجابة، قول من غير كسوف، بس بالمعقول، الناس غلابه.

صوت فحيح يأتي من شقٍ في الجدار، خرج منه ثعبانٌ كبيرٌ، فتح فكيه وأحكمها علي رأس ثعبان الشيخ، أخذ يبتلعه .   أطلق الشيخ ساقيه للريح.