تنبؤات مخيفة بشأن مستقبل القارة العجوز

أوروبـا وبريطـانيـا علـى حــافة الهـاوية

حرب الطاقة بين بوتين وقادة أوروبا.. وألمانيا الخاسر الأكبر
حرب الطاقة بين بوتين وقادة أوروبا.. وألمانيا الخاسر الأكبر

دينا توفيق

سقطت منطقة اليورو وبريطانيا فى حالة ركود.. تنبؤات صندوق النقد الدولى مخيفة لعام 2023 ولمستقبل القارة العجوز، مشيرًا إلى أن الحرب فى أوكرانيا خطأ وهى المسئولة عن تدهور الاقتصاد؛ بسبب نقص الطاقة والغذاء وارتفاع الأسعار وزيادة أسعار الفائدة. سيؤدى الانكماش على مدى ربعين متتاليين إلى تعقيد مهمة البنك المركزى الأوروبى لمحاربة التضخم. تتبع أوروبا والمملكة المتحدة أوامر واشنطن والسير وراءها، حتى انزلقت أقدامهم نحو التضخم.

دخلت منطقة اليورو فى حالة ركود خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، بعد تعديل الأرقام الرسمية لإظهار انكماش اقتصاد الكتلة إثر ارتفاع تكاليف المعيشة على إنفاق المستهلكين. ووفقًا لوكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبى ايوروستاتب، أن الناتج المحلى الإجمالى انخفض بنسبة 0.1٪ فى الربع الأول من هذا العام والأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022. انزلاق القارة العجوز إلى الركود مع تذبذب ألمانيا، أكبر اقتصاد لها، يشير إلى أن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية، كان أعمق مما كان متوقعًا فى وقت سابق من هذا العام. 

فيما تعانى بريطانيا من مشكلة تضخم أكبر من الولايات المتحدة أو منطقة اليورو، وفقًا لصانعة السياسة فى بنك إنجلترا اكاثرين مانب. منذ فبراير الماضي، لا يوجد نمو فى الناتج المحلى الإجمالى البريطاني. خصصت المملكة المتحدة 2.89 مليار دولار كمساعدات عسكرية لأوكرانيا، وبدأت المتاجر الكبرى فى البلاد تقنين بيع بعض من الفاكهة والخضراوات الأساسية، بما فى ذلك الطماطم منذ مارس المنصرم. ووفقًا لمجلة افوربسب الأمريكية، يعيش فى فقر واحد من كل أربعة أطفال فى المملكة المتحدة (27%). وفى ألمانيا، انهارت الآلة الاقتصادية الألمانية؛ ونهاية عهد التصنيع الذى يركز على التصدير، وعوائق سلسلة التوريد بسبب الحرب الدائرة بين الروس والأوكران، وأزمة الطاقة وتمويلها لأوكرانيا بنحو 14.2 مليار دولار. وفى فرنسا، تراجع نمو الناتج المحلى الإجمالى للمرة الثانية على التوالى خلال الربع السنوى الأخير، مع تضاعف الإنفاق العام وتمويل أيضًا أوكرانيا بنحو 1.3 مليار دولار. ووصف المحلل الجيوسياسى والخبير الاقتصادى السابق فى البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية ابيتر كونيجب أن ما يحدث فى أوروبا هو انتحار، موضحًا أن أوروبا تنتحر عن طيب خاطر اقتصاديًا. الشعــوب الأوروبـيــة ترفـض مـــا يحــدث، وهذا أحد أسباب تواجدهم فى الشوارع أو الإضراب، من فرنسا إلى ألمانيا، ومن إيطاليا إلى المملكة المتحدة إلى اليونان، وأكثر من ذلك.

ويضيف كونيج قائلًا: ترسل أوروبا عشرات المليارات من الدولارات إلى أوكرانيا على شكل أسلحة أو ما يسمى ادعم الميزانيةب. هذه هى أموال دافعى الضرائب فى الاتحاد الأوروبى التى يمكن إنفاقها فى الداخل لخلق فرص عمل، ودعم البرامج الاجتماعية. يرى كوينج أن لطالما بقيت المفوضية الأوروبية، كما هى عليه اليوم والقادة الأوروبيون الرئيسيون هم اأعضاءب المنتدى الاقتصادى العالمى فإن النظرة المستقبلية قاتمة للاقتصاد فى الاتحاد الأوروبي، وخاصة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا. حيث إن رؤساء حكومات البلدان الأوروبية جميعهم من خريجى أكاديمية القادة العالميين الشباب (YGL) التابعة للمنتدى الاقتصادى العالمي، مثل رئيسة المفوضية الأوروبية اأورسولا فون دير لاينب، واأولاف شولتزب، المستشار الألمانى وقبله اأنجيلا ميركلب والرئيس الفرنسى اإيمانويل ماكرونب ورئيس الوزراء الهولندى امارك روتيب وغيرهم. ويتابع المحلل السياسى الأمريكى قائلًا إنه لا توجد أزمة طاقة حقيقية فى أوروبا؛ فإن عدم شراء الغاز المتعاقد عليه من روسيا، لأنه يجب امعاقبةب الأخيرة، كما طلبت واشنطن، لذا فإنها ليست سوى أزمة طاقة مفتعلة، فقد تم اختلاقها من أجل تدمير الاقتصاد الأوروبي، والذى هو جــزء لا يتجـــزأ مــن عمليـة إعـادة التعيين الكبرى، التى تسعى إلى تدمــير الاقتصاد الحالى وإعادة كل شـىء إلى الصفر؛ ثم البدء من جديد، وإعادة البناء مع انخفاض عدد السكان بشكل كبير فى ظل النخبة العالمية. 

لن نشهد أزمة طاقة فى أوروبا إذا لم تتبع النموذج الأمريكي، ولم اتعاقبب روسيا بســبب الحـرب الأوكـرانية، التى حـــرضت عليها واشنطن وحلف الناتو وتبعها الاتحاد الأوروبي؛ فعقوبات أوروبا الانتحارية عن قصد من خلال عدم شراء الطاقة الروسية الرخيصة، الطاقة التى كانت المحرك لكثير من النجاح الاقتصادى للقارة العجوز، الآن تتراجع عملية التصنيع فى بلدانها، وخاصة ألمانيا التى يتعين عليها الآن شراء الطاقة من الولايات المتحدة وأماكن أخرى بسعر مضاعف.

وتستمر الإضرابات فى المملكة المتحدة وفرنسا بالإضافة إلى أزمة تكلفة المعيشة فى ألمانيا، هناك تقارير تفيد بأن أرفف السوبر ماركت فى المملكة المتحدة عادة ما تكون ممتلئة بالسلع ولكن الآن فارغة. ووفقًا موقع اذا كونفرسيشنب الأسترالي، تظهر أحدث أرقام التضخم الرسمية فى المملكة المتحدة أن ارتفاعات الأسعار فى بالمملكة قد تباطأت إلى 8.7% لمدة 12 شهرًا حتى أبريل الماضي. ولكن هذا لا يزال أعلى من توقعات معدل 8.2% التى توقعها بنك إنجلترا فى وقت سابق من هذا العام. شهد الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة صدمة اقتصادية منذ تفشى جائحة كوفيد-19، وكافحوا مع ارتفاع أسعار الطاقة مع الحرب الروسية الأوكرانية. ولكن هناك قضيتان خاصتان بالمملكة المتحدة وحدها تؤديان إلى تفاقم مشاكل التضخم فى البلاد، الأولى الصدمة الاقتصادية السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والثانية اعتماد المملكة المتحدة على قطاع الخدمات المالية، ما يجعل مهمة بنك إنجلترا فى السيطرة على التضخم أكثر صعوبة. وتحتاج الحكومة إلى إعادة التوازن إلى اقتصاد المملكة المتحدة، حيث تلعب الصناعات القائمة على العلم دورًا مهمًا. وهذا من شأنه أن يضمن قدرة بنك إنجلترا على تعديل أسعار الفائدة للتعامل مع التضخم، دون الحاجة إلى القلق بشأن كيفية تأثيره على قطاع الخدمات المالية كبير الحجم.

ووفقًا لموقع قناة CNBC الأمريكية، فإن كل من أيرلندا وهولندا وألمانيا واليونان تعد من بين اقتصادات منطقة اليورو التى سجلت انكماشًا اقتصاديًا على أساس ربع سنوى فى الربع الأول. حيث انخفض الاستهلاك المنزلى بنسبة 0.3٪ فى الربع الأول، مما يبرز الضغوط التى يواجهها المستهلكون وسط ارتفاع الأسعار. وقال كبير الاقتصاديين من مؤسسة بانثيون للاقتصاد الكلى اكلاوس فيستسينب فى مذكرة إن منطقة اليورو من غير المرجح أن تشهد نموًا كبيرًا فى الأشهر المقبلة، عندما يتوقع تباطؤ فى الاستثمار. وأظهرت البيانات أن أوروبا لم تكن قادرة على تفادى الركود، مما يجعل التفاؤل بشأن المرونة الاقتصادية لمنطقة اليورو فى مواجهة مثل هذه التحديات يبدو سابقًا لأوانه.

اقرأ أيضًا : التضخّم يرتفع مجدّداً في منطقة اليورو