أنت تسأل ..والعلماء يجيبون| الحصول على ثواب الحج

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: عبدالعزيز عبدالحليم

◄ كيف استطيع الحصول على ثواب الحج وأنا غير مستطيع؟
قد أناط الشرع الشريف فريضة الحج بالاستطاعة؛ فقال تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» [آل عمران: 97]، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فقال رجلٌ: كل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثم قال: «ذَرُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أخرجه الشيخان.

◄ بيان مفهوم الإحرام في الحج
أول ما يبدأ به الحاج من المناسك: الإحرام؛ أي: إذا أهَلَّ بالحج أو العمرة، أحرم فدخل فى عملٍ حَرُمَ عليه به فعل ما كان حلالًا. والمراد بالإحرام عند جمهور الفقهاء؛ من الحنفية، والمالكية، والشافعية: نيَّة الدخول فى مناسك الحج أو العمرة، ويتحقق عند الحنفيَّة وبعض فقهاء المالكية بأن يقترن الذكرُ أو التلبيةُ بالنية؛ كما فى «درر الحكام» للعلامة الملا خسرو الحنفى، و«شرح متن الرسالة» للشيخ زروق المالكى، و«حاشية الجمل» للشيخ سليمان الجمل الشافعى، و«الروض المربع» لأبى السعادات البهوتى الحنبلى.ومن السنن المستحبة قبل الإحرام: الاغتسال؛ لما روى عن زيد بن ثابت رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ» أخرجه الدارمي، والترمذي، والدارقطني، والبيهقى فى «السنن».

وقد أجمع الفقهاء على أنَّ الغسل للإحرام غير واجب شرعًا، وروى عن الحسن البصرى أنه قال: على المحرم إذا نسى الغسل عند إحرامه أن يغتسل إذا ذكره؛ قال الإمام ابن المنذر فى «الإشراف» [وأجمعوا على الاغتسال للإحرام غير واجب، إلا ما روى عن الحسن البصري؛ فإن الحسن قال: إذا نسى الغسل عند إحرامه يغتسل إذا ذكر، وقد اختلف فيه عطاء وقال مرةً: يكفى منه الوضوء، وقال مرةً غير ذلك].

وقد يحمل كلام الحسن البصري على أن المراد منه استحباب الغسل، وقد يراد به الوجوب؛ فإن حُمِلَ كلامه على الاستحباب وهو الأوجه: فيكون موافقًا للعلماء فى عدم الوجوب، وإن أراد به الوجوب: فيكون مخالفًا لهم؛ قال العلامة العمرانى فى «البيان» [وقال الحسن البصري: إذا نسى الغسل عند إحرامه.. اغتسل إذا ذكره. فإن أراد: أن ذلك مستحب.. فهو وفاق، وإن أراد: أنه واجب.. فالدليل عليه: أنه لو كان واجبًا.. لما أمر به من لا يصح منه الغسل، وهو الحائض والنفساء كغسل الجنابة، ولأنه غسل لأمر مستقبل، فلم يكن واجبًا؛ كغسل الجمعة والعيدين]. وكما أجمع العلماء على أن الاغتسال للإحرام ليس بواجب؛ فإنهم اتفقوا على استحبابه؛ قال الإمام النووى الشافعى فى «المجموع» [اتفق العلماء على أنه يستحب الغسل عند إرادة الإحرام بحج أو عمرة أو بهما؛ سواء كان إحرامه من الميقات الشرعى أو غيره] اهـ. وهو ما نص عليه شمس الأئمة السرخسى الحنفى فى «المبسوط»، والإمام ابن رشد المالكي فى «بداية المجتهد»، والإمام ابن قدامة الحنبلى فى «المغني». هذا؛ لأن مقصود الاغتسال عند الإحرام: هو الطهارة والنزاهة والنظافة الحسية، والاعتناء بالبدن ظاهرًا؛ ليتهيأ مريد الحج بالطهارة الحسية إلى الطهارة الباطنية، وبدايتها بالإحرام الذى هو النية للدخول فى أعمال الحج والعمرة، ومن ثَمَّ فإذا أحرم الإنسان كانت البداية لتحصيل الطهارة القلبية والمغفرة العامة من رب البرية.