يحدث في مصر الآن

يوسف القعيد يكتب: الإذاعة المصرية تاريخ متألق

يوسف القعيد
يوسف القعيد

صادف يوم الأربعاء أول أمس مرور 89 عامًا على إنشاء الإذاعة المصرية. ذكَّرنى بهذا الحدث المهم الباب الذى يُحرره فى الصفحة الثانية من جريدة المصرى اليوم بلدياتى الأديب والقصَّاص والشاعر والإعلامى ماهر حسن. عندما سبقنى وكتب عن هذا الموضوع.

ومن المؤكد أن الراديو كانت له مكانة كبرى فى قريتى عندما دخلتها الإذاعة فى تاريخها. كُنا ونحن أطفال فى خمسينيات القرن الماضى نتحلق حول شباك مندرة صاحب هذا الراديو الوحيد فى القرية كلها. وكانت كلمتى: هنا القاهرة، تهزُ الفؤاد عندما نتجمع لنستمع لهذا الساحر العجيب الذى غزا حياتنا فى قرية بعيدة عن الدنيا كلها، هى قرية الضهرية مركز إيتاى البارود محافظة البحيرة. أى من قرى الوجه البحرى فى ريف مصر.

يوم الأربعاء الماضى كانت المناسبة المُهمة عن ذكرى تأسيس الإذاعة المصرية. وقد عرفت أن هناك كتابًا صادرًا عن هذا الموضوع يوثق لتاريخ إذاعتنا المصرية. والكتاب عنوانه: تاريخ الإذاعة المصرية. كتبه الدكتور حلمى أحمد شلبى. وقد بحثت عنه طويلا، وكالعادة لم أجده. فعندما نلهث وراء كتاب يختفى منا. وبمجرد أن ننساه يظهر لنا. ولعل الدكتور أحمد بهى الدين العساسى رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب يمدُنى بنسخة منه.

يقول التاريخ إن مصر كانت أول دولة عربية وشرق أوسطية تعرف الراديو. لم يسبقها إليه أحد، وكان ذلك سنة 1934، وقبلها ظهرت أول محطة إذاعية فى العالم بخمس سنوات. ولكن مصر عندما عرفت الراديو كانت فيها إذاعات أهلية لأفراد، وتعتمد على الإعلانات.

ولكن بعد عشر سنوات صدر أول مرسوم ملكى يُحدد ضوابط وشروط العمل الإذاعى فى بر مصر. طبعًا تراجع الراديو من حياتنا بمجرد ظهور التليفزيون. ثم جاءت شبكات الإنترنت وزمن الفضاء الإليكترونى. فسرق الشباب ومن هم فى مقتبل العمر. وإن كنتُ أعترف باعتبارى من الأجيال القديمة أن الراديو ما زالت له مكانة فى حياتى.

وآخر ثلاثة برامج كنت أستمع إليها هى: البرنامج الثانى وهو برنامج ثقافى، أمدنى فى سنواتى الأولى بمعلومات كثيرة ولا نهائية عن الأدب العالمى، شرق العالم وغربه. ثم البرنامج الموسيقى الذى كنا نستمع من خلاله إلى سيمفونيات الإذاعات العالمية، وإن كان البرنامج الثانى قد سبقها فى ذلك كثيرًا جدًا.

ثم إذاعة القرآن الكريم الذى كنا نحفظه منذ أيام طفولتنا عن ظهر قلب. ولكن الإذاعة ضبطت إيقاع نُطقِنا له، وشرحت الكثير مما كان يحتاج الشرح والدرس والتحليل.

لا أُنكر أن التليفزيون سرقنا من الإذاعة. وأنا عندما أضبطُ نفسى أستمع إليها أشعر بغُربة. وأننى أُقدِم على فعل لا يُشاركنى فيه كثيرون من المعاصرين لى. وأعترف أن المُتع التى يُقدمها التليفزيون تحتاج الإذاعة إلى مُعجزة فى مواجهتها لكى تسترد جماهيرها الذين سرقهم التليفزيون منها.. أسمع عن سُلطان الراديو فى القرى البعيدة والكفور والنجوع والعزب. وإن كان الراديو بالنسبة لى فى هذه الأيام قد تراجع بعد هيمنة التليفزيون على أوقاتنا. وإن كنتُ أعتز كثيرًا جدًا بأننا كُنا أول دولة عربية، وأول دولة إفريقية، وربما أول دولة على مستوى العالم الثالث تُقال فيها كلمة: هنا القاهرة.