في الصميم

جلال عارف يكتب: حرب أوكرانيا.. ودروس التاريخ!

جلال عارف
جلال عارف

أكثر من أى وقت مضى، أصبح واضحا لكل الأطراف أن احدا لن يحقق نصرا حاسما فى حرب أوكرانيا.

ومع ذلك يتواصل التصعيد من الجانبين ويتم تحويل الاجزاء التى مازالت تحت سيطرة حكومة أوكرانيا إلى مخزن للأسلحة الغربية الجديدة على جيش أوكرانيا الذى كان يعتمد على السلاح الروسي حتى اشتعال الحرب.. وفى المقابل تتوسع روسيا فى حشد قواتها وترد على إعلان التحالف الغربى عن رفع القيود على تزويد أوكرانيا بالفانتوم والمدرعات الحديثة بتوقيع اتفاق تمركز الأسلحة النووية الروسية فى «بيلاروسيا» فى تطور يعكس خطورة الموقف الذى وصل إليه التصعيد من الجانبين .

ومع اعتراف الجانبين بأن الحسم النهائى لن  يتحقق لأى طرف، ومع تعثر الهجوم المضاد الذى كانت أوكرانيا مع الحلفاء يعدون به فى الربيع.. يأتى تجاوز الخطوط الحمراء التى كانت تحكم القتال حتى وقت قريب. تقوم أوكرانيا باستهداف الكرملين بالطائرات المسيرة، ثم يتم اختراق الحدود مع روسيا والقيام بهجمات داخل أراضيها من مقاتلين قيل إنهم معارضون روس مقرهم فى أوكرانيا. وكان الرد الروسى هو هذا الهجوم الصاعق الذى تتعرض له العاصمة الأوكرانية «كييف» بالطائرات والصواريخ منذ أيام.

وبينما صمدت روسيا فى وجه العقوبات الغربية لحد كبير، تبدو الأحوال صعبة بالنسبة لدول أوروبا التى حرمت من الغاز الروسى الرخيص، وتتحمل عبء دعم أوكرانيا ومخاطر توسع القتال لأراضيها، وتواجه أوضاعا اقتصادية صعبة، ولا تستطيع الوقوف فى وجه الضغوط الأمريكية التى مازالت ترى أن استمرار الحرب فى أوكرانيا يحقق مصالحها فى صراعها الأساسى ضد روسيا وحليفتها الصين!!

الوضع معقد، والواضح أن كل الأطراف تلجأ للتصعيد من أجل تحسين المواقف عند التفاوض وليس من أجل حسم المعركة. لكن التصعيد بلا أفق للتفاوض حتى الآن خطير للغاية. وخطأ واحد فى التقدير قد يدخل العالم فى صدام مباشر بين القوى الكبرى مع سلاح نووى وكارثة للبشرية كلها. وحتى الآن فإن طريق التفاوض مغلق، والاتصالات مقصورة على مخابرات القوى الكبرى لتفادى الصدام المباشر. قيادات أوروبا «وخاصة ألمانيا وفرنسا» عليها الاستعداد للتحرك السياسى الفعال.

بعد شهور ستكون أمريكا قد دخلت معمعة انتخابات الرئاسة وهذا ما تتحسب له أوكرانيا. المفتاح الأوروبى لابد أن يكون جاهزا لفتح باب التفاوض. وحتى ذلك الوقت لابد من الحذر الشديد من أخطاء قد تأتى بالصدفة أو تكوم متعمدة، وقد تقود للكارثة كما علمنا التاريخ!