حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: المتحف الكبير.. ولمن نرفع القبعة؟!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

المتحف المصرى الكبير درة تاج متاحف العالم وليس مصر والمنطقة فقط ،  ليس لأنه الأكبر والأجمل ، ولا لما سيضمه من آثار عظيمة ،  ولكن أيضا لأن افتتاحه سيقدم للعالم تجربة أثرية سياحية لا مثيل لها ،  وقد شرفت بزيارة المتحف مرتين أخراهما قبل أيام بصحبة وزيرالسياحة والآثار أحمد عيسى ووفد من كبار الكتاب والإعلاميين وعلى رأسهم رئيسا المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة ،  وهنا أجد الكلام عن تفاصيل المتحف إما مكررة فيما هو معلن ،  أو حرقا لمفاجآت ستبهر العالم ومن بعض تفاصيل المشروع تبرز نقطة مهمة للغاية ترتبط بالفكر الذى تدار به مصر منذ ثورة 30يونيو ،  فكر يهتم بالمشروعات المهمة ويوفر لها أسباب النجاح رغم التحديات مع مراعاة أولا الظروف الاقتصادية وثانيا مردود تلك المشروعات ،  فالمتحف الكبير كان حلما من خيال المصريين كاد أن يهوى من ذاكرتهم وآمالهم ،  وحتى عام 2015 كان الحلم مهددا بالموت الإكلينيكى لغياب التمويل ،  ولنتخيل أن ما تم إنجازه منذ الإعداد لإنشاء المتحف عام 1998 وحتى 2015 بلغ 17% فقط من حجم الأعمال ،  لترتفع بالخمس سنوات الماضية كحوالى 90% وأوشكت كافة الأعمال على الانتهاء ،  ومنذ عام 1998 تم إنفاق 587 مليون جنيه قفزت فى السنوات الأخيرة إلى 20 مليار جنيه ،  ولو كنا سرنا بتلك المعدلات لاستغرق إنشاء المتحف 50 عاما على الأقل. 

وعندما تم عرض الأمر على الرئيس السيسى عام 2015 كان قراره بالبدء فى استكمال أعمال المتحف ،  وكعادته راجع الرئيس تفاصيل المشروع وكانت التكلفة المبدئية 1.7 مليار دولار ،  وكعادته أيضا ناقش الرئيس تفاصيل التكلفة ليوجه بخفضها إلى 870 مليون دولار ،  هذا التخفيض ليس عشوائيا إنما بدراسة ودون أى تأثير على أساسيات المشروع لكنه جاء بإعادة النظر فى مفردات التكلفة ليتم استبدال خامات مخطط استيرادها بنظيرتها المحلية وبنفس الكفاءة ،  والاعتماد على الشركات والعمالة المصرية بشكل أكبر والشئ الرائع أن مراحل المتحف من التصميم والأعمال الإنشائية والمواد والتشطيبات مدروسة بدقة دون ترك أى شيئ للصدفة ،  حتى التطوير الشامل حاليا بالمنطقة المحيطة من طرق وتحويل مسارات وبناء أنفاق ومشروعات فندقية وخدمية يخدم المتحف بالأساس والفكرة العبقرية بربطه بمنطقة الأهرام فى بانوراما ساحرة لا مثيل لها فى العالم ما بين الأثر الأهم دوليا والمتحف الأكبر والأشهر ،  وكان لزاما إزالة كل ما يعوق تلك الفكرة ،  وكان على رأس ضحايا المشروع نادى الرماية الشهير وكعادة قواتنا المسلحة لا ترفض طلبا للصالح العام وتمت إزالته نهائيا .نصل للهدف الاقتصادى للمشروع الذى ربما كان سببا رئيسيا لاختيار أحمد عيسى ذى الخلفية الاقتصادية البنكية وزيرا ،  فقد راجع عيسى إيرادات أكبر المتاحف العالمية وكان أفضلها متحف متروبوليتان بإيرادات ٣٢٩ مليون دولار سنويا ثلثها هبات ومنح محققة عجزا 5 ملايين دولار ،  ومتحفنا الكبير مخطط له تحقيق إيرادات مبدئية 200 مليون دولار دخلا مباشرا وأضعافه دخلا غير مباشر بما يحققه من تدفق سياحى وارتفاع أسعار فنادق القاهرة كلها ناهيك عن عائد خدماته الترفيهية ومعظم كل هذا بالتعاون مع القطاع الخاص ،  وهنا تتضح جليا أهداف سياسة دولة 30 يونيو بأحد أهم المشروعات القومية الكبرى وهى سياسة نرفع لها القبعة.