«رضوى» .. صاحبة العناوين الغريبة: الكتابة الروائية لعبة أستمتع بها

رضوى
رضوى

سيد على

تحسبها روائية متميزة فقط، إذا ما عرفتها عن طريق قراءة واحدة من رواياتها اللافتة ذات العناوين الغريبة مثل : «كل هذا الصخب»، «بالأمس كنت ميتًا»، «خداع واحد ممكن»، وتظنها باحثة جادة فحسب إذا ما اقتصر إطلاعك على كتبها الاستقصائية مثل مؤلفها ذائع الصيت عن منظر الإرهاب الأكبر ومفكر التكفير الأبرز «سيد قطب،.. رحلة بين ضفاف أسطورة التناقضات»، وسفرها الشجى عن العندليب الأسمر .. «حليم بين الماء وبين النار»، ودراستها الشيقة التى حملت عنوان»أديان وطوائف مجهولة».

والحقيقة أن رضوى الأسود تجمع بين الوصفين، فهى روائية لافتة، وباحثة جادة بارزة، لذلك التقينا بها لنتعرف على عالمها الفريد الذى يمزج بين خيال المبدع وحياد وواقعية الباحث .

 

فى كتاباتك تتجلى روح الباحثة والروائية، وقد جرى تقسيم روايتيك: «خداع واحد ممكن» الصادرة عن دار الشروق، و»بالأمس كنت ميتًا» الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، إلى أبواب وفصول أشبه بالسيناريو .. فعندما تكتبين ما الذى يبرز أكثر .. وجه الباحثة أم الروائية؟

 

الحقيقة أننا نكتب باللاوعى، هذا ما اكتشفته بعد العديد من السنوات، وعقب أكثر من تجربة، ولذلك لا أستطيع القول أن هذه الرواية كتبتها الباحثة، والأخرى كتبتها الروائية المبدعة، تقسيمة مجحفة وغير حقيقية، لا أبدأ أى عمل إلا بعد إجراء بحث عنه، أعجبتنى عندما قلت أشبه بالسيناريو، لأنه بالفعل السينما تجرى فى دمى، وأبى كان سينمائيًا، الباحث والناقد فاضل الأسود، وتأثرت بذلك جدًا فى تركيبتى وكتاباتى منذ البداية، أول رواية كتبتها بتقنية «المونتاج» الموازى، عبارة عن ست فتيات بطلات، كل فصل بنت مختلفة، وهنا تجد التقطيع واللعب بالزمن الذى يعد لعبتى المفضلة، وهذا ما فعلته أيضًا فى رواية «بالأمس كنت ميتًا»، وأملك -  إضافة إلى ذلك - التقنية الدائرية، ففى رواية «خداع واحد ممكن»، مشهد البداية هو نفسه مشهد النهاية، وكذلك فى روايتى «بالأمس كنت ميتًا»،  دائمًا أود القول أن الحياة تنتهى من حيث بدأت، هذه وجهة نظرى الفلسفية، كالإنسان تماما يبدأ من ضعف، وينتهى بضعف، وليس لدى حكاية تنتهى، كل الحكايات ممتدة، من أجل ذلك لدى قناعة بالعود الأبدى.

 

ما تأثير اهتمامك بعلم النفس والفلسفة، وحرصك على التحليل النفسى لمعظم أبطالك وطرح الأسئلة الوجودية عن قضايا الحياة والموت؟


كما قلت، نحن نكتب باللاوعى، أهتم بعلم النفس دائمًا، أول رواياتى «حفل المئوية»، قمت بتشريح أبطال العمل نفسيًا، لعبتى المفضلة اللعب بالزمن وتشريح النفس البشرية، وهى فى منتهى التعقيد، ليس من السهل أن نفهم أنفسنا، يمكن أن نفهم الآخرين أسهل من فهم أنفسنا، أما فيما يخص الأسئلة الوجودية، فالرواية الآن حلت محل الفلسفة، الأديب أقرب إلى الفيلسوف فى كتاباته، يطرح أسئلة تدور حول الموت والصداقة والحب، كل رواياتى تتميز بتناول الفلسفة، علم النفس، أدب الرحلات، .. كل هذا فى تكوينى،  ويخرج الأسئلة المعقدة التى تدور بداخلى، أطرحها فى كتاباتى، وليس المطلوب من الأدب أن يصل إلى إجابات.

 

ملهمات «رضوى»، الشخصيات الأدبية والتاريخية المؤثرة فى حياتك، الأحداث التى تحركك والمعانى التى تسيطر عليك، الكتب التى صنعت وجدانك؟


سؤال صعب، فمصادر تكوينى متعددة ومتنوعة جدًا، لكن دائمًا أقول أن «ألف ليلة وليلة» مصدر إلهام لأى مبدع، منذ الصغر أقرأ لنجيب محفوظ، يحيى حقى، يوسف إدريس، وبعدها اتجهت إلى الأدب الفرنسى متأثرة بدراستى للغة الفرنسية، ثم أدب أمريكا اللاتينية، الأدب اليابانى، من المهم للمبدع أن تكون مصادره متنوعة ومختلفة، قديم وجديد، محلى وعالمى.

 

اختيارك للعناوين الغريبة، ومدى تأثر ذلك بالصحافة وهل الهدف جذب القراء؟


ليس لى أية علاقة بالصحافة، لكن لدى قدرة كبيرة على التماهى مع أبطال رواياتى والغوص بداخلهم، تمامًا كالممثل الذى يندمج فى الشخصية التى يؤديها، من هنا يشعر القراء بصدق ما أكتبه، لكنى تأثرت جدًا بوالدى ومكتبته الضخمة التى ساهمت بشكل كبير فى تكوينى.

من زعيم المتطرفين ومنظر الإرهاب سيد قطب الى مطرب الأحاسيس المرهفة عبد الحليم حافظ، ما أبعد المسافة، فكيف تختارين الشخصيات التى تدور حولها كتبك؟


أطلقت «رضوى» ضحكتها ثم قالت: منذ طفولتى أبحث عن التحدى، عن أصعب الموضوعات وأدخل فيها، الفكرة عندى أن «رضوى» تتحدى «رضوى»، لا أتحدى أى شخص آخر، أتحدى نفسى فقط لأثبت أننى نجحت فى كل الأنماط، روائية، باحثة، ناقدة أدبية، أحب الخوض فى غمار المناطق الملغومة ولا أجيد عمل الأشياء السهلة، كنت أود النجاح، نص ما يمكن أن نسميه السيرة الروائية، يمكن ان نعتبرها جديدة على الأدب العربى، وليست موجودة بكثرة، أن تكتب حكاية شخص بشكل روائى وفنى، كأنها رواية حتى تشعر بالمتعة وأنت تقرأ.

 

اقرأ أيضاً| أشهر 10 شخصيات جسدها عادل إمام

وماذا عن روايتك المقبلة .. حدثينى عنها؟


رواية «ديستوبيا»، تتحدث عن نهاية العالم، والمؤثرون فى العالم من وراء ستار، وهم خلف كل الأوبئة المنتشرة، هم الداء والدواء، ينشرون المرض ويبيعون لنا الدواء، كل ذلك أكتبه بأسلوب مختلف عن كل ما كتبته من قبل، كتبتها على شكل مذكرات، على لسان شاهد عيان اسمها «ميريت»، اسم مصرى قديم، كل رواية بالنسبة إلى لعبة استمتع بها، وأرجو أيضًا أن يستمتع بها القراء.