نقطة نظام

دين الله لم يُترك لمن يجمع ويصحح ويخطئ

مديحة عزب
مديحة عزب

لا تزال الفضائيات والبرامج الدينية التى تبثها، أكبر كاشف وفاضح لأهل التراث، الذين يستميتون لإثبات آرائهم حول حتمية العمل ببعض الروايات المكذوبة والمنسوبة ظلماً للرسول صلى الله عليه وسلم، وتتناقض تماماً مع نصوص الذكر الحكيم، حتى لو تحايلوا على ذلك باقتطاع الآيات من سياقها، أو بذكر جزء منها لكى يتوافق مع فهمهم وما يريدون أن يمرروه ويحاولوا إقناع الناس به..

ضاربين عرض الحائط ببقية الآيات استناداً لقاعدة اخترعوها اسمها «العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب»..

ولعل الآية الشريفة «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا»، هى الأشهر وأصدق دليل على هذا.. فهم لا يذكرون لك الآية كاملة، ولا اسم السورة، ولكن فقط يقتطعون الجزء المراد تمريره لكى يدلسوا علينا، بينما لو أخذنا بهذا المنطق فى اجتزاء الآيات لصار من غير المعقول الأخذ بقول الله فى سورة الماعون «فويل للمصلين»..

ولذلك وجب علينا حتما استكمال القراءة لكى يستقيم المعنى «الذين هم عن صلاتهم ساهون».. والمعروف أن الآية التى نحن بصددها الآن هى من سورة الحشر، وهذه السورة هى سورة العدالة الإجتماعية، حيث جاء فيها كيفية توزيع الفيئ والجهات التى سيوزع عليها هذا الفيئ، وقد ذكرالله الحكمة من ذلك وهى عدم الاحتكار «كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم».. فهنا قمة العدل فى العدالة الإجتماعية، والتى فرضت نصيباً لكل فرد فى الفيئ..

إذاً هذا هو عدل الله المطلق، الكل له نصيب، وليس الفيئ قصرا على أحد، وذلك لإذكاء مفهوم السلام بين الناس، وسعياً لشيوع الألفة والمحبة بين جميع أفراد المجتمع.. ولا يغيب فى تكملة تلك الآيات الشريفة «واتقوا الله إن الله شديد العقاب»، أى أن الله قد توعد الظالمين الذين لا يمتثلون لهذا الأمر الإلهى.. إن الآيات الشريفة تشير إلى أن الفيئ والغنائم وأى شىء مادى لابد له من أصول وقواعد تنظيمية فى التقسيم بين الناس..

وسبحان الله فالتقسيمة الربانية للنفل هى التى تعمل بها الدول الآن، فنجد الدول لها مخزون مادى ربما ثابت أو فى ازدياد، هذا حسب اقتصادها ومنه تنفق على الفقراء فى الكوارث على سبيل المثال أو الفيضانات أو السيول أو التسونامى أو الأعاصير أو الصواعق واجتياح الأوبئة والحرائق، وغيرها من الكوارث الطبيعية أو غير الطبيعية، وكذلك تقوم الدولة بالإنفاق منه على المنح الدراسية لطالبى العلم أو الصحية للكثير من المرضى وتقوم بالإنفاق عليهم طول مدة دراستهم أو علاجهم، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه «ابن السبيل»..

من هذا الذى قدّمنا من فهمنا للآية الشريفة المذكورة من سورة الحشر أنها لا تعنى أبدا أن هذا الإتيان هو ما ادعوه أنها تنفيذ أعمى لأقوال زعموها للنبى فى كتب وصفوها بالصحاح، حيث إن الله قد جمع لنا فى القرآن كل أقوال النبى وأفعاله، والتى تخص المنظومة الدينية العقائدية، ولا يمكن أن يكون الله سبحانه وتعالى قد ترك دينه لمن يجمع ومن يصحح ومن يخطئ، ذلك لأن أحكام وتشريعات الدين فقط لله وليس للبشر. وصدق من قال «الر، كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير». (رسالة من القارئ المهندس/ محمد عبد العزيز خليفة).

أرض التاريخ

عندما كان شكسبير فى انجلترا يكتب مسرحياته لم تكن أميركا قد ولدت بعد، وعندما كان أوفيند الشاعر الرومانى يكتب أشعاره لم تكن انجلترا قد ولدت بعد، وعندما كان هوميروس اليونانى يكتب ملحمته الإلياذة لم تكن الأمة الرومانية قد ولدت بعد وكان كل هؤلاء فى جوف العدم، بينما كانت مصر فى ذات الوقت قد أمضت من تاريخها أربعين قرنا تنشئ أدبا وشعرا وحضارة ومجدا.. «د. زكى نجيب محمود»

ما قل ودل:

لما يسألوك جوازك كان عن حب ولا صالونات، قولى لهم كان انتقام الرب..