«شعبية الأم وبقاء الملكية».. تحديات تواجه الملك تشارلز الثالث

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تواجه الملكية البريطانية تحديات كبيرة خاصة في ظل وجود شعبية عريضة للملكة الراحلة إليزابيث الثانية ويأتي هذا التحدي ضمن أهم الاختبارات التي يواجهها الملك تشارلز الثالث.

اقرأ أيضًا: «من القسم للمناولة».. مراحل تتويج الملك تشارلز الثالث | تقرير


وحتي الآن تسود حالة من الفتور في مشاعر المواطنين تجاه الملك الجديد المنتظر إعلانه ملكًا رسميًا للبلاد السبت 6 مايو.

ففي مايو 2022 ، حل تشارلز في المركز الثالث على قائمة أفراد العائلة الملكية المفضلين، بعد الملكة وابنه الأكبر الأمير وليام، وثمة دلائل تشير إلى أن تشارلز الثالث أمامه مجموعة من الأعمال يجب عليه إنجازها فيما يتعلق بسمعة الملكية.

ويقول مؤرخ الشؤون الملكية، ريتشارد فيتزويليامز أن "أحد التحديات التي تواجه الملك تشارلز الثالث هو جعل الملكية جذابة بالنسبة للأجيال الشابة".

اقرأ أيضًا: «تتويج الملك تشارلز».. أين سيجلس الأمير هاري خلال التنصيب؟

وينتظر الملك تشارلز الثالث عدة تحديات مختلفة وفيما يلي عرض لبعض القضايا الرئيسية التي يحتاج الملك الجديد التركيز عليها.

شعبية الملكة إليزابيث الثانية

كانت الملكة إليزابيث الثانية تتمتع بشعبية كبيرة، كما اتضح من تدفق مشاعر الحزن عليها في شتى أرجاء البلاد بعد وفاتها.

ويعد ذلك في حد ذاته تحديًا للملك الجديد، ولكنه ليس تحديًا يصعب التغلب عليه، وفقا لمؤرخة الشؤون الملكية، إيفالين بروتون.

وتشير بروتون إلى الظروف التي ورث فيها الملك إدوارد السابع التاج في عام 1901 بعد وفاة الملكة فيكتوريا، وهي ملكة أخرى محبوبة. وتقول بروتون: "هناك أوجه تشابه مثيرة للاهتمام بين اللحظة التي نعيشها الآن ونهاية العصر الفيكتوري". 

وأضافت أن "تولى كل من إدوارد السابع وتشارلز الثالث زمام الأمور في فترات اتسمت بالتغير الاجتماعي في بريطانيا. وكلاهما لا يحظى بشعبية مقارنة بوالدتيهما".

وتولى إدوارد السابع السلطة لمدة تسع سنوات فقط (1901-1910)، ولكن يُذكر اسمه باعتزاز كملك شارك في الجهود الدبلوماسية التي أرست لاتفاقيات "الوفاق الودي"، وهي سلسلة من الاتفاقيات البارزة بين المملكة المتحدة وفرنسا وقّعت في عام 1904.

أزمات الطاقة



تواجه ملايين العائلات في بريطانيا نقصًا محتملًا في الوقود هذا الشتاء بسبب زيادة الضغوط التي تواجه أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا، وتشير بعض التوقعات إلى أن ما يصل إلى 45 مليون شخص سيكافحون من أجل دفع فواتيرهم، أي ثلثي سكان البلاد.



وفي 13 سبتمبر 2022  توقعت صحيفة ديلي تلجراف البريطانية أن مناسبة تتويج الملك  ستخالف المراسم الفخمة لتتويج الملكة الراحلة في عام 1953، وهي أول مراسم تُبث على التلفزيون.

ونقلت الصحيفة عن مصادر ملكية، أن مراسم تتويج تشارلز الثالث، ستتميز بتعدد ثقافي على نحو يعكس التنوع داخل المجتمع البريطاني. وكان تشارلز قد تحدث في وقت سابق عن رغبته في أن يكون لديه نظام ملكي أقل حجمًا.

الأمور المالية للعائلة

تعتبر الأمور المالية للعائلة الملكية مسألة معقدة، وهي غالبا ما تتصدر القضايا المناهضة للملكية، إذ تأتي الأموال بشكل أساسي من مدفوعات سنوية ممولة من دافعي الضرائب، تُعرف باسم المنحة السيادية. وكانت هذه المنحة قد تحددت خلال الفترة من 2021 إلى 2022، بمبلغ 99.8 مليون دولار، أي ما يعادل 1.49 دولارا للفرد في المملكة المتحدة، غير أن ذلك لا يشمل تكاليف الأمن الجوهرية لأفراد العائلة الملكية.

وكان تشارلز قد اعتاد في الماضي التحدث علنا بشأن قضايا مختلفة هامة، ففي عام 2015، كُشف عن كتابته عشرات الرسائل لوزراء الحكومة يعبر فيها عن قلقه بشأن قضايا مختلفة من الشؤون المالية إلى القوات المسلحة.

استمرار الملكية

سجل دعم الملكية أدنى مستوياته منذ أكثر من 30 عامًا على الأقل، وفقا لمسح خاص بالسلوك الاجتماعي البريطاني - والذي يقيس بصفة دورية مشاعر عينة من السكان البريطانيين تجاه أفراد العائلة الملكية - , وأظهرت نتائج استطلاع رأي، نُشر في عام 2021، أن 55 % فقط من البريطانيين يعتقدون أنه من "المهم جدا" أو "مهم إلى حد كبير" أن يكون هناك نظام ملكي. وكان هذا الدعم قد تأرجح في العقود الماضية بين 60 % و 70 %.

وفي المقابل أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "يو جوف" لصالح مجموعة "جمهورية" المناهضة للملكية ، فإن 27 % من السكان يؤيدون إلغاء النظام الملكي تمامًا، وهذه زيادة ملحوظة عن نسبة 15 % التي كانت قاعدة سادت معظم هذا القرن، فضلا عن تسجيل نسبة عالية من عدم الرضا بين الأجيال الشابة.

تغيير مواقفه

يعتقد الخبير الدستوري البارز، فيرنون بوجدانور، أن الملك تشارلز الثالث يجب عليه تغيير مواقفه منذ أن أصبح ملكًا وتبني موقف مختلف في صدد المهام المعني بها إذ يقول: "أدرك تشارلز منذ أيامه الأولى أن أسلوبه يجب أن يتغير، الجمهور لا يريد ملكا ناشطًا في حملة لدعم قضية".

وفي 12 سبتمبر2022 ، أثناء كلمته لأعضاء البرلمان، أعطى الملك الجديد بالفعل إشارات على نهج معدّل، بالإضافة إلى الاعتراف بوجود مصالح لم يعد بإمكانه تحقيقها، وقال تشارلز الثالث إن البرلمان هو "الأداة الحية والمتنفس" للديمقراطية البريطانية.

دول الكومنولث 

 أصبح الملك تشارلز الثالث، بعد وفاة والدته، رئيسا للكومنولث، وهو اتحاد سياسي يضم 56 دولة، معظمها مستعمرات بريطانية سابقة، وهو أيضا رئيس دولة من 14 دولة إلى جانب المملكة المتحدة، وهي قائمة تشمل أستراليا وكندا وجامايكا ونيوزيلندا.

وعلى الرغم من ذلك بدأت بعض دول الكومنولث، في السنوات الماضية، مناقشة علاقتها بالتاج البريطاني. وفي هذا الإطار اتخذت بربادوس قرارًا بأن تصبح جمهورية في أواخر عام 2021، مما أدى فعليًا إلى إزاحة الملكة الراحلة (إليزابيث الثانية) كرئيس للدولة وإنهاء قرون من النفوذ البريطاني على الدولة الجزيرة، والتي كانت مركزا لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلنطي لأكثر من 200 عام.

كما دفعت جولة الأمير ويليام في منطقة البحر الكاريبي في أوائل عام 2022 إلى احتجاجات مناهضة للاستعمار ودعوات إلى التعويض عن الاسترقاق، وأخبر رئيس الوزراء الجامايكي، أندرو هولنس، الأمير علنا أن البلاد "ستمضي قدما".

ويعتقد شون كوجلان، مراسل الشؤون الملكية لبي بي سي، أن إعادة صياغة علاقة أكثر حداثة مع دول الكومنولث ستشكل "تحديًا كبيرًا" أمام الملك تشارلز. ويقول  كوجلان "كرئيس جديد للكومنولث، كيف يمكن لزياراته إلى دوله أن تتجاوز الإرث الصعب للاستعمار وقضايا مثل الاسترقاق؟".

ويذكر أن الملك تشارلز الثالث، البالغ من العمر 74 عامًا، أكبر شخص سنًا يعتلي العرش البريطاني على الإطلاق.