فى الصميم

دائمًا وأبدًا.. الاقتصاد أولًا!!

جلال عارف
جلال عارف

الدول الأوربية المجاورة لأوكرانيا وخاصة تلك التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى قبل سقوطه، هى أكثر الدول تأثرا بالحرب الأوكرانية، وأكثرها تشددا فى الموقف الداعم لأوكرانيا ضد روسيا وبعضها هو المركز الرئيسى لتمرير السلاح القادم لدعم الأوكرانيين، ولتدريب جنودها على الأنواع الجديدة من الأسلحة. وهى تقوم بذلك فى حماية عضويتها فى حلف "الناتو"، وقد رأينا قبل شهور كيف كانت المواجهة قريبة بين الحلف وروسيا حين سقطت بعض الصواريخ الروسية الصنع على بولندا ثم تبين أن الأوكرانيين هم الذين أطلقوها كما أكدت مراكز الاستطلاع الأمريكية!

هذا الدعم امتد للجانب الاقتصادى مع قرار أوربى بإعفاء كل البضائع الأوكرانية من الرسوم الجمركية، وهو قرار تم تجديده مؤخرا لكن الدعم شىء والمصالح الاقتصادية شىء آخر.. بولندا المتشددة فى دعم أوكرانيا هى نفسها التى اتخذت قبل شهور قرارا بحظر دخول الحبوب من أوكرانيا، والسبب كما أعلنته أنها تزعزع استقرار السوق الزراعية الوطنية "!!" وبعد القرار البولندى تبعته دول أخرى مجاورة كالمجر وسلوفاكيا وبلغاريا. 

وفى التفاصيل أن المصاعب فى الطرق البحرية بعد أندلاع الحرب، أعطت الفرصة لمضاعفة صادرات القمح والذرة وعباد الشمس برا إلى الدول المجاورة.

والنتيجة تراكم كميات كبيرة منها وامتلاء الصوامع، والأهم هو انخفاض الأسعار المحلية، الأمر الذى دفع المزارعين البولنديين للتظاهر.

ولكى يتم تجديد قرار الإعفاء دفعت اوربا ١٠٠ مليون يورو لتعويض المزارعين فى أوربا الشرقية، لكن مازال قرار الحظر ساريا على الحبوب الأوكرانية ومازال الدعم على أشده لأوكرانيا بالسلاح لكى تستمر فى حربها ضد الروس!!

إنه الاقتصاد خاصة حين يمس مصالح الناس مباشرة ويهدد الاستقرار الداخلى. والوضع لايقتصر على بولندا أو دول أوربا الشرقية. الكل فى أوربا بمن فيهم الأقوياء مثل ألمانيا وفرنسا يواجهون هذا المأزق مع استمرار الحرب وارتفاع التكاليف، والمخاوف من استغلال المتطرفين لأجواء الأزمة فى إثارة الاضطرابات الداخلية فى ظل ارتفاع الأسعار والانكماش الاقتصادى.

سؤالان ينتظران الإجابة: إلى متى يتحمل الاقتصاد الأوربى تكاليف حرب يمكن أن تطول؟.. وهل يكون الحل بالتهدئة وفتح أبواب التفاوض المغلقة أم تسير الأوضاع إلى مزيد من التصعيد؟

فى كل الأحوال.. سيكون الاقتصاد هو العامل الحاسم!