خالد يوسف: «عايزين يقتلوني معنويا» l حوار

المخرج خالد يوسف
المخرج خالد يوسف

خيرى الكمار

لا يمر عمل لخالد يوسف دون جدل، وهو يقول أيضا أن العمل الذي لا يثير الهجوم ضده لا يصفه بالعمل الناجح، هذه جزء من فلسفة المخرج والمؤلف خالد يوسف، الذي صنع مناقشات طويلة طوال شهر رمضان بمسلسله الأول سره الباتع، والذي كان حديث السوشيال ميديا منذ اختيار أبطاله مرورا بالحلقة الأولى لعرضه وحتى نهايته، الأمر لم يتوقف عند الأحداث فقط، بل واختيار الممثلين.. في السطور التالية يتحدث خالد يوسف بجرأته المعتادة عن تجربته مع سره الباتع، ويرد على كل الهجوم الذي تعرض له من اختيار أبطال العمل وحتى الرؤية التاريخية وأيضا سر التصريحات المنسوبة له عن إعتزاله الإخراج التليفزيوني، كما يتطرق بالحديث إلى العمل بالسياسة، ومحاولة اغتياله معنويا كما يصفها على مدار السنوات الماضية، كما يتناول أيضا تجاربه السينمائية المنتظرة

 في البداية.. أريد أن اسألك عن رأيك في ردود الأفعال حول المسلسل بعد نهاية الموسم الرمضاني؟

ردود أفعال الجمهور رائعة، وهناك إعجاب شديد بالمسلسل، وهذا ما تابعته سواء بشكل مباشر من خلال لقائي مع الجمهور في الشارع، أو عبر التعليقات على السوشيال ميديا، وأعتبر هذا المسلسل من أنجح الأعمال الفنية التي قدمتها في حياتي، بل قد يفوق نجاح العديد من الأفلام التي حققت جماهيرية كبيرة، لكنني أيضا تعرضت لتعليقات هاجمت العمل، وهذه التعليقات بدأت مع بداية عرض المسلسل، وأعلم تماما من يقف وراء بعضها، لكن التعليقات التي تشيد بالمسلسل تفوقها “ألف مرة”، وأنا سعيد بإستقبال الجمهور للمسلسل، وتفاعله معه، والذي فاق ما توقعته.

لماذا قررت أن تخوض تجربة تقديم الدراما التليفزيونية لأول مرة بـسره الباتع؟

بسبب تيمة الرواية والرؤية التي قررت تقديمها من خلالها، فهي تيمة متسعة، وفكرة وجود عصرين في رؤية تناولي للرواية كانت تحتاج إلى تقديمها تليفزيونيا وليس سينمائيا، فالمسلسل يسمح لنا بمساحات واسعة لعرض التفاصيل عكس السينما التي تعتمد على تكثيف الأحداث. 

 هل كتابة المسلسل مغامرة منك إلى جانب إخراجك للعمل.. خاصة أنها التجربة الدرامية الأولى لك؟   

معظم أفلامي من تأليفي، أو شاركت في كتابتها، وقراري بكتابة السيناريو والحوار للرواية لأنني منفعل ومتفاعل بهذه الرواية منذ عام 2009، ومعجب بها جدا، وأسعى لتقديمها منذ هذا الوقت، أي قبل ثورة يناير، والأحداث التي حدثت بعد ذلك في مصر أكدت لي أن الرواية مهمة، ولابد من تقديمها فنيا، لأنها تؤكد أن تجمع إرادة المصريين تجعل أجسادهم تفرز “إكسير سحري” قادر على صنع المعجزات، هذا ما حدث في نصر أكتوبر، وما عشناه في ثورتي يناير ويونيو، والرواية تتحدث عن هذا الأمر، وهو ما عرض في المسلسل، فعندما تعاون المصريون طردوا المحتل الفرنسي بكل جبروته وغطرسته. 

 هل هذا فقط كان أهم ما يشغلك عند تقديم المسلسل؟

بالتأكيد، بجانب أنني كنت أريد المقارنة بين العصرين، لما تحمله هذه المقارنة من شيء مهم جدا، فالأمور متشابهة للغاية، الاحتلال الفرنسي و”الاحتلال الإخواني” كليهما لم يعمر كثيرا، فالأول أستمر 3 سنوات، والثاني لعام واحد.. لماذا؟، هذا ما يجيب عنه المسلسل، وذلك رغم أن مصر تعرضت لاستعمار أستمر لعقود بل قرون من شعوب أخرى، فالإنجليز أحتلوا مصر 70 عاما، والهكسوس 108، والفرس والبطالمة والمماليك والعثمانيين..  والسبب أنهما حاولا تغيير ملامح الشخصية المصرية وهويتها، الفرنسيين حاولو “فرنسة مصر”، و”الإخوان” حاولو “أخونتها”، لذلك فشلا، ولذلك سعيت منذ عام 2009 للحصول على حقوق تحويل الرواية إلى عمل فني.  

 هل تشعر إن الإخوان لهم علاقة بالهجوم الذي يتعرض له المسلسل وعليك شخصيا؟

‏بالتأكيد هم جزء من هذا الهجوم، لكنهم ليسوا وحدهم وراءه، فالمسلسل يحاربهم، وكان ردهم موجود قبل عرض المسلسل، وقنواتهم ترصدت لي وللعمل منذ اليوم الأول من رمضان، ولو تابعت ستجد أنهم يتحدثون عني وعن المسلسل كل يوم تقريبا، لكنني لا أدفن رأسي في الرمال، ولن أقول إن “الإخوان” وحدهم وراء الهجوم عليَ، فهناك أيضا من حاول “قتلي معنويا”، وهذا ضمن حملة أتعرض لها منذ سنوات، فهناك من يحاربني من منطق أخلاقي، وهولاء ضد الفن في الأساس، ولا يعجبهم ما أقدمه، لذلك يضعون إطار أخلاقي لهجومهم عليَ، و”جميعهم على حق”. 

  ماذا تقصد بـجميعهم لهم الحق؟

أقصد أن “الإخوان” لهم الحق في الهجوم علي، لأنني ضد مشروعهم، ومن يهاجمني على أساس موقف أخلاقي له الحق أيضا، حتى ولو كنت أعتبر الأمر “مزايدة رخيصة” منه، ومن لا يحب السينما التي أقدمها ويهاجمني له الحق، وأنا لا أغضب من كل هذا الهجوم، لأنني تعودت عليه، وأرى أن أي عمل يعرض لي ولا يحدث جدل لا أشعر أنني صنعته بشكل يرضيني.

 هل كنت تتوقع أن يكون الهجوم على المسلسل بهذا الشكل؟

‏بالتأكيد، لأن هذا ما يحدث مع كل أعمالي، ولو لم أتعرض لهجوم أشعر أنني لم أقدم شيء. 

 ما رأيك في الإنتقادات التي وجهت للمسلسل بسبب الأخطاء التاريخية التي تضمنها؟

‏رغم أنني لا أعتبر أن المسلسل وقع في أي أخطاء تاريخية، بالعكس قدم تفاصيل الحملة الفرنسية بكل دقة من حيث الملابس والديكورات، إلا أنني فنان، والفنان لا يؤرخ، فهذه مهمة المؤرخين.

 هل تشعر أن المسلسل يمكن أن يكون له تأثير سياسي ما على الجمهور؟

لا أستهدف تأثيرا سياسيا على الجمهور من خلال المسلسل، ويكفيني أن يزيد المسلسل الشعور بالإنتماء، ويكرس إعتزاز المصريون بشخصيتهم ونضالهم، والنموذج الملهم الذي قدمته في المسلسل من خلال شخصية “السلطان حامد” سيكون له تأثير على الشباب، فهدفي وطني وليس سياسي.

 ما رأيك في الضجة التي أثيرت حول ملابس الممثلة التونسية رانيا التومي وزوايا تصويرك لها؟ وما سبب اختيارك لها في الدور الذي تجسده؟ 

كنت متوقع أيضا أن تثار ضجة والكثير من الكلام حول رانيا التومي، ويجب أن يستوعب الجميع أن طبيعة الشخصية التي تجسدها رانيا تتطلب ظهورها بهذا الشكل، فهي عضوة بعصابة أو “مافيا” عالمية، وقادمة لتغوي وتغري “مسعود – عمرو عبد الجليل”، لتحصل منه على الآثار، و”مسعود” شخصية ذات أصول ريفية، ونموذج رانيا هي من تستطيع إغوائه، لهذا اخترتها للدور، ولأن دورها قائم على الإغراء، فهذه طبيعة ملابسها المناسبة، ورانيا هي الأنسب للدور لأنها تملك جمال وأنوثة وتجيد التحدث بالفرنسية.

هناك البعض أعترض على اختيار أيمن الشيوي لتجسيد شخصية نابليون لأسباب منها السن والتكوين الجسماني؟

نابليون قدم في أكثر من 15 عمل فني مصري سابقا، ولدي صور من كل الشخصيات التي قدمت نابليون من قبل، لكن لو نظرنا لأقرب شخص قدم الدور سيكون الشيوي، وعلى المهاجمين متابعة الصور والتركيز فيها ليعرفوا أن كلامي صحيح. 

 كيف استقبلت البيان الذي أصدره الموسيقار راجح داوود وإعلانه أن هناك موسيقى في المسلسل لا تخصه واتهامه لك بتجاوزك في حقه؟

سعدت بالبيان، ولم أنزعج عكس ما تصور المتابعون، لأن البيان يقول داوود فيه أن التيمات والجمل الموسيقية ليست له، رغم أن اسمه على التتر، وأنه يخشى إن تنسب موسيقى له وهي ليست من تأليفه، وهذا يعني أنه يتحرى الدقة، وشرح لجمهوره هذا الأمر، حتى لا يتخيل أحد أنه ينسب موسيقى لنفسه، ولم يوجه لي أو ضدي أي شكوى في هذا البيان، وأنا لم أتجاوز في حق أحد، ولو كان محمد عبد الوهاب هو من صنع موسيقى المسلسل، كنت سأتصرف بنفس الطريقة، أي أنني لو وجدت تيمة موسيقية قديمة ملائمة للعمل سأستخدمها دون الإخلال بحق المؤلف الموسيقي، ولو قمت بتجاوز مهني أو قانوني في حق راجح فمن حقه أن يشتكيني، فأنا استخدمت حقي فقط، لكنني أضطررت لاستخدام موسيقى أخرى حتى تناسب مشاهد معينة بالعمل، وهذا حقي.

 ما رأيك في عودة الدراما التاريخية إلى المنافسة الرمضانية من خلال مسلسلك سره الباتع وأيضا رسالة الإمام؟

سعيد بهذا الأمر بالتأكيد، وبأنني جزءا منه، وأتمنى زيادة عددها في السنوات المقبلة. 

 ما رأيك في الوضع الراهن للعالم العربي؟

لا أريد التحدث في السياسة، لكن كل ما أستطيع قوله أننا نعيش في فترة صعبة من تاريخنا العربي الحديث.  

 ما رأيك في عمل الفنان بالسياسة بما أنك كنت عضو في مجلس النواب؟

‏بعد تجربتي في السياسة لا أنصح أي فنان أن يعمل في السياسة، لأن تجربتي كانت ضرائبها فادحة، ويكفي أنها “اغتالت” 10 سنوات من عمري، واغتالتني معنويا، وحدث لي أكبر حملة تشهير حدثت لشخص في العصر الحديث، كل هذا فقط لأنني دخلت مجال السياسة بمنطق “الوطني الحالم”، ولم ألعب توازنات سياسية، وكنت أقول رأيي بشكل مباشر وصريح، وفي وجه أي شخص، وهذا تسبب لي في مشاكل كثيرة، ولو عاد بي الزمن لم أكن لأعمل بالسياسة، وكنت سأركز فقط في الأفلام، ورغم أنني لست نادم على تلك التجربة، لكنني لا أنصح أحد من الفنانين بالدخول لعالم السياسة.

 تضع في مكتبك صورة الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر..  هل مازالت على ولائك للمبدأ الناصرى؟

أنا ناصري، ولن أتغير، ورفضي أي عمل سياسي لا يعني التخلي عن الإنتماء.

 هل لو عرض عليك منصب سياسي مثل وزير الثقافة ستقبل؟

وقت دخولي عالم السياسة قلت أنني لن أقبل أي منصب سياسي، يكفيني أن أكون عضو مجلس نواب، فهذا ليس منصب سياسي، لأنني هنا نائب عن الشعب، أما المناصب السياسية فأنا أرفضها، لأنني فنان، وسأظل فنان فقط.

 نعود إلى الفن.. هل أنت راضي عن تجربتك في سره الباتع؟  

راضي جدا، وفخور ومقتنع بمستوى المسلسل بنسبة 99.9%، لأنني حققت من خلاله كل ما تمنيت من هذا العمل، وللعلم فأن المعجبين بالمسلسل أكبر بكثير من الشريحة التي تمدحه الآن، لأن أكثر ما نجح فيه أعدائي وأعداء العمل، أنهم جعلوا البعض يشعر بالخوف من إبداء إعجابهم بالعمل. 

 لماذا صرحت أنك لن تخوض تجربة تقديم الدراما التليفزيونية مرة أخرى بعد سره الباتع؟

هذا أمر عاري عن الصحة، وهذا الكلام نسب لي ضمن حملة الهجوم على المسلسل، لكنني قلت أنني لن أخوض مهمة انتحارية مثل التي مررت بها في “سره الباتع”، بتقديمي مسلسلين في مسلسل واحد وتنفيذه خلال 6 شهور، لأن الأمر صعب ومرهق جدا، لكن إذا وجدت في أي وقت موضوع يجذبني مثل “سره الباتع” سأقدمه، وسأعمل من جديد في الدراما التليفزيونية.

 ما حقيقة مشاركتك في إنتاج مسلسل سره الباتع؟

‏هذا كلام غير صحيح، والمسلسل إنتاج “الشركة المتحدة”، بالتأكيد هي جهة إنتاجية معروفة للجميع. 

 هل هناك مشاريع فنية جديدة تحضر لها خلال الفترة الحالية؟

لدي فيلمان جديدان أحضر لهما، الأول “الأندلس”، والثاني “أهلا بكم في باريس”، والذي سأبدأ تصويره أولا، لأنني كنت أجهز له قبل تصوير “سره الباتع”.

 ما موضوع الفيلم؟

يتناول الفيلم العلاقة بين الشرق والغرب، وعلاقتنا بالدول الأوروبية، لكنني مازالت في إطار اختيار فريق العمل. 

نقلا من عدد أخبار النجوم بتاريخ 20/4/2023

أقرأ أيضأ : حسين فهمي: دموع «كليمان» في «سره الباتع» حقيقية