وجع قلب

هبة عمر تكتب: كانت أياما

هبة عمر
هبة عمر

كان مشهد موائد إفطار رمضان الممتدة فى المطرية وفيصل وغيرها من المناطق باعثا على البهجة ، ومعبرا عن حب المصريين للفرح مهما كانت ظروفهم المعيشية، وقدرتهم على التوحد والتنظيم للوصول إلى هدفهم، وقد ورثت مصر تراثا هائلا من العادات والتقاليد من الدولة الفاطمية خاصة طقوس شهر رمضان وحلواه الشهيرة من الكنافة والقطائف، وفانوس رمضان وإقامة الموائد لإطعام الناس فى الأعياد والمواسم، حتى أنه تم إنشاء مطبخ لصناعة الحلوى والأطعمة فى عهد الخليفة العزيز بالله أطلق عليه «دار الفطرة» كان يجتمع عليها الفقير والغنى كما يذكر المقريزى فى كتابه خطط القاهرة: «فكان السماط يمدّ فى (قاعة الذهب) بالقصر الشرقى الكبير فى ليالى رمضان وفى العيدين، وهذه القاعة كان بها جلوس الخلفاء فى الموكب يومى الاثنين والخميس، وبها كان يعمل سماط رمضان للأمراء وسماط الطعام فى العيدين» ، ويصف المقريزى الولائم الفاطمية «ويهتم بذلك السماط اهتماما عظيمًا تامًا، بحيث لا يفوته شيء من أصناف المأكولات الفائقة والأغذية الرائقة، وهو مبسوط فى طول القاعة، ممتد من الرواق إلى ثلثى القاعة، والفراشون قيام لخدمة الحاضرين، فيُحضرون الماء المبخر فى كيزان الخزف إلى الحاضرين، ويستمر ذلك إلى العشاء الآخرة».

وكانت إحدى مظاهر الاحتفال بعيد الفطر فى عصر الدولة الفاطمية توزيع الحلوى على جميع موظفى الدولة وإقامة الموائد الضخمة، وفى عصر الدولة العثمانية كان الاحتفال بالعيد يبدأ عقب صلاة الفجر حين يصعد أمراء الدولة والقضاة فى موكب إلى القلعة، ويتوجهون إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون داخل القلعة لأداء صلاة العيد ثم يصطفون لتهنئة الباشا ، وفى اليوم التالى ينزل الباشا للاحتفال الرسمى بالعيد فى (الجوسق) المعد له بميدان الرملية (القلعة) ويتقدم للتهنئة الأمراء الصناجق (كبار البكوات المماليك) والاختيارية (كبار الضباط) وكتخدا اليكنجرية (الانكشارية) وتقدم القهوة والحلوى والشربات، وتفوح روائح المسك والبخور، ثم يخلع الباشا على أرباب المناصب والأمراء، كما يأمر الإفراج عن المساجين ،أما العامة وهم عموم المصريين فقد كان احتفالهم بالعيد فى وصل صلات الرحم وإعداد الطعام للأهل وفرحة الأطفال بالحلوى والثياب الجديدة، ويبقى العيد عيدا مهما تغيرت الأيام وتغير وجه الحياة.
كل عام وأنتم بخير.