عالم أزهري: القرآن طاقة روحية للنفس الإنسانية

الشيخ رمضان عبد المطلب
الشيخ رمضان عبد المطلب

قال تعالى (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).. القرآن كتاب الله الخالد ودستوره الشامل وشريعته الباقية الى قيام الساعة وهو معجزة النبى صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته والمتحدى به الانس والجن عن الاتيان بمثله.

والقرآن هو طاقة روحية لها تأثير وسلطان على الفطرة الإنسانية  لذا يحرص جميع المسلمين على تلاوته وخاصة فى شهر رمضان شهر نزوله ،فما هو تأثير القرآن على النفس؟ يقول الشيخ رمضان عبد المطلب من علماء الأزهر: القرآن كتاب الله المبارك فهو مبارك فى ثوابه ومبارك فى تأثيره ويوم أن تمسك به المسلمون الأوائل فتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها وكانوا قادة الأرض وهداة البشر.

ويضيف: ومن بركات ثوابه أنه من قرأ حرفًا منه فهو بحسنة والحسنة بعشر أمثالها قال رسول الله: (من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف).

ومن جوانبه العظيمة فى القرآن التى لا تعد ولا تحصى أن  من قال به صدق ومن حكم به عدل ،لذا كان له تأثير على النفس مع المسلم وغير المسلم؛ فهذا عتبة بن ربيعة كان من المشركين ولما سمع آيات القرآن من سورة فصلت قال لقومه :إنى سمعت قولًا ما سمعت مثله والله ما هو بالسحر ولا بالشعر ولا بالكهانة، وأيضًا عندما هاجر المسلمون الأوائل إلى الحبشة من حديث أم سلمة رضى الله عنها لما دخل جعفر بن أبى طالب وأصحابه  على النجاشى فقرأ عليهم صدر سورة مريم بكى حتى اخضلت لحيته وبكت  الأساقفة حتى اخضلت كتبهم حين سمعوا ما تلى عليهم ثم قال النجاشي: إن هذا والذى جاء به عيسى يخرج من مشكاة واحدة.

◄ اقرأ أيضًا | خواطر الإمام الشعراوي|عواقب الباطل

وتأثير القرآن ليس على الإنس فقط بل على الجن فعندما سمعوا آيات من النبى اهتدوا قال تعالى: (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الهدى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا).

ويؤكد أن تلاوة القرآن فى شهر رمضان وفى غيره من الشهور تساعد فى تصفيه النفس وتخليصها من الذنوب وتساعد على الخشية  قال تعالي: (لَوْ أَنزَلْنَا هذا الْقُرْآنَ على جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) فاذا كان هذا حال الجماد فما بال الانسان ذى العقل والمشاعر وهو نور وهداية يذهب الهم والقلق والشك ويبعث الطمأنينة والاستقرار النفسى  فتسيطر على الجسم كله الراحة ، كما أنه شفاء وعلاج للأمراض التى تصيب الإنسان خاصة الأمراض المعنوية قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).
ويؤكد أن  تعلم القرآن الكريم، وقراءته، من أشرف العلوم، وأعظم الأعمال؛ فشرف العلم يتمثل بشرف ما تعلق به، ولا يوجد ما هو أعظم من كلام الله -تعالى-؛ فهو أصدق الكتب، وأحسنها نظامًا، وأفصحها وأبلغها كلامًا؛ لقوله -عز وجل-: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

وقد أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بتعلُّم القرآن الكريم، وقراءة آياته آناء الليل، وأطراف النهار؛ إذ قال -عزّ وجلّ-: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)، ويمكن الوقوف على بعض فضائل قراءة القرآن الكريم من القرآن الكريم نفسه الذى وصف التالين له بالإيمان وردت الكثير من الآيات التى تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم، ومنها: قَوْل الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أولئك يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فأولئك هُمُ الْخَاسِرُونَ).

وقد ثبت أن رسول الله -- كان يفعل ذلك؛ فقد ورد عن حذيفة بن اليمان أنّه قال: (أنَّ النَّبيَّ  كان إذا مر بآية خوف تعوذ، وإذا مر بآية رحمة سَأَلَ)، وورد عن الحسن أنه قال: «هُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ، وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِههِ، وَيَكِلُونَ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ إِلَى عَالِمِهِ».

ومن الآيات التى تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم أيضاً قَوْل الله -تعالى-: (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً)، وقد فسّر الإمام القشيريّ الآية بحِفظ الله -تعالى- لقارئ القرآن الكريم فى الدنيا والآخرة، وتولّيه؛ بمنع الأيادى الخاطئة من الوصول إليه. ومن فضائل قراءة القرآن الكريم نَيْل ما وعد الله -تعالى- به عباده من الأجر، والثواب، ونعيم الجنّة؛ لقَوْله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ*لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ). .