خبير آثار: الهيكل المزعوم وهم.. والأقصى واقع ديني وتاريخي وأثري 

قوات الاحتلال الإسرائيلي
قوات الاحتلال الإسرائيلي

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 400 مصلٍ خلال عدوانها على المسجد الأقصى المبارك، اليوم 5 أبريل، ودعت جماعات الهيكل المزعوم إلى اقتحام المسجد الأقصى بالتزامن مع بداية الفصح اليهودي الذي يبدأ اعتبارًا من غروب شمس اليوم الأربعاء، ويستمر حتى 12 أبريل الجاري. 

ورصدت حركة "عائدون لجبل الهيكل" المتطرفة، مكافأة قدرها 20 ألف شيكل للمستوطن الذي يتمكن من ذبح "قربان الفصح" داخل الحرم القدسي، كما رصدت الحركة مبلغ خمسة آلاف شيكل لأي مستوطن يتم اعتقاله أو منعه من إدخال القربان إلى الحرم القدسي.

وفي ضوء ذلك أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، أن هذه الجماعات تبحث عن أوهام أثرية عن وجود هيكل مزعوم أسفل المسجد الأقصى، تحت مزاعم أثرية اعتمدوا عليها لإثبات وجود هذا الهيكل المزعوم، واتضح أنها أدلة تنفي وجوده من الأصل.

وأشار أنه تم الفصل عام 1929 في الإدعاء المزعوم  باسم حائط المبكى، على أنه من بقايا الهيكل القديم وجاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق التي أوفدتها عصبة الأمم السابقة على الأمم المتحدة إن ''حق ملكية حائط المبكى (البراق) وحق التصرف فيه وفيما جاوره من الأماكن موضع البحث في هذا التقرير هى للمسلمين لأن الحائط نفسه جزءًا لا يتجزأ من الحرم الشريف''.


وتابع د.ريحان، " لا يوجد هيكلًا من الأصل لسيدنا سليمان بالقدس موضحًا ذلك بعدة أدلة أثرية، حيث إدعت هذه الجماعات الكشف عن مباني يطلق عليها اسطبلات سليمان وجاءوا بعالمة الآثار البريطانية كاثلين كينيون لتؤكد صحة هذا الكشف، وقامت بأعمال حفائر بالقدس وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير الإسرائيلية حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى".

واكتشفت أن ما يسميه الإسرائيليون مبنى إسطبلات سليمان ليس له علاقة بنبى الله سليمان ولا إسطبلات أصلاً بل هو نموذج معماري لقصر شائع البناء في عدة مناطق بفلسطين، ولقد نشرت هذا في كتابها (آثار الأرض المقدسة) هذا رغم أن كاثلين كينيون جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين التى أسستها المنظمات الصهيونية لغرض توضيح ما جاء في الروايات التوراتية.

وينوه الدكتور ريحان، إلى أن الفتح الإسلامي للقدس كان في شهر ربيع الأول عام 16 هـ، 637م  ذلك اليوم الذي تسلم الخليفة عمر بن الخطاب مفاتيح القدس كاتبًا لأهلها العهدة العمرية الشهيرة التي تؤكد سماحة الإسلام جاء فيها ''أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء ''القدس'' الأمان، أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم.

وعثرت هذه الجماعات التى تعيش في أوهام الهيكل المزعوم على قطعة أثرية عبارة عن كرة من العاج لا يتجاوز حجمها أصبع الإبهام وزعموا أنها قطعة كانت توضع في أعلى صولجان استخدمه رهبان المعبد وأثبت متحف إسرائيل نفسه أنها قطعة مزورة وشهد شاهد من أهلها.

ويؤكد الدكتور ريحان أثريًا، أن الهيكل الصهيوني وهم، والمسجد الأقصى هو الحقيقة الدينية والأثرية والتاريخية الباقية التي تأكدت بأول حفائر أثرية بالتاريخ قام بها الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه عند فتحه القدس 15 هـ ، 636 م، فإن أول ما فعله هو البحث عن مكان المسجد الأقصى والصخرة المقدسة واضعًا نصب عينيه الرواية التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وسأل الصحابة وكعب الأحبار (وهو من اليهود الذين أسلموا) والبطريرك صفرنيوس بطريرك القدس، والمقصود بها البقعة المباركة التي أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم إليها وصلى فيها إمامًا بجميع الأنبياء وليس المسجد كبناء والصخرة المقدسة التي عرج منها إلى السموات العلا، وقد عثر الخليفة عمر بن الخطاب على مكان المسجد الأقصى والصخرة المقدسة، وكان المكان مطمورًا بالأتربة التي تكاد تخفى معالمه.

وعند رفع الأتربة كان المكان خال تمامًا من بقايا أي مباني سابقة رغم زعمهم بأن الإمبراطور تيتوس الروماني دمر الهيكل الثاني عام 70م، والحقيقة المؤكدة أنه عند رفع الخليفة عمر بن الخطاب الأتربة في هذا الموقع لم يكن هناك ولو حجر واحد من مباني سابقة ولا أي شواهد أثرية تدل عليه وهذا طبيعي فإذ لم يكن هناك هيكل أول فبالتالى لايوجد هيكل ثاني، وأمر الخليفة عمر بن الخطاب بإقامة مسجد موضع المسجد الأول وإقامة ظلة من الخشب فوق الصخرة المقدسة.

وأشار أنه من خلال الحقائق الدينية والتاريخية والأثرية فلا وجود لما يسمى بهيكل سليمان من الأصل، فقد ادعت هذه الجماعات بأن نبى الله سليمان بنى هيكلًا لهم مقصود به مكان لحفظ تابوت العهد وأن هذا الهيكل يزخر بالرموز الوثنية والأساطير الخاصة بعبادة الآلهة الكنعانية، مثل بعل وغيره وأن نبى الله سليمان بنى الهيكل لإله اليهود يهوه أو ياهو، وهذا يعنى أن الهيكل بني لحفظ تابوت العهد كما يدعوا وأن نبى الله سليمان كان يعبد إلهًا غير الذى كان يعبده باقي الأنبياء وأنه كان من عبدة الأوثان.

وأكد أن هذا افتراءً على نبي الله سليمان، وقد ذكر في القرآن الكريم ملك نبى الله سليمان وليس من بينه هيكل وثني بل كان له قصر عظيم من الزجاج الصافي شاهدته بلقيس ملكة سبأ، وعندما تأكدت أنه نبي الله أتاه الملك والعلم والنبوة وليس فقط كسائر الملوك آمنت وأسلمت لله رب العالمين، وليس لياهو إله بنى إسرائيل والذين يدعون أن نبى الله سليمان كان يعبده "وقَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" سورة النمل آية 44، وهذا ينفى تمامًا بناء نبى الله سليمان لهيكل مزعوم لليهود.

ويشير الدكتور ريحان من خلال حقائق التاريخ، إلى عدم وجود تابوت العهد بفلسطين أيام مملكة نبي الله سليمان، وتابوت العهد هو صندوق مصنوع من خشب السنط أودع به لوحا الشهادة اللذان نقشت عليهما الشريعة، وتلقاها نبى الله موسى عليه السلام بسيناء، وكان بني إسرائيل يحملونه معهم أينما ذهبوا، وذكر تابوت العهد في التوراة 200 مرة، لكنه لم يذكر في الكتب التالية على التوراة وأيضًا لم يكن في قائمة الممتلكات التي أخذتها جيوش نبوخذ نصر عند انقضاضه على أورشليم 586 ق م ولم يذكر عند بناء الهيكل الثاني كما يدعى اليهود على يد ملك الفرس كورش.