حكايات| فتاة عشرينية.. تعالج الأمراض وتصنع المعجزات ويعتبرها الآلاف «هبة السماء» | صور وفيديو

فتاة من بوركينا فاسو تسمى «أمسيتو نيكيما»
فتاة من بوركينا فاسو تسمى «أمسيتو نيكيما»

مراقبة الألم من وراء الزجاج شيء مضحك، كالأطرش الذي يسمع الموسيقى، وربما هذا ما يدفع الآلاف في بوركينا فاسو وبالتحديد في قرية توجين على بعد 30 كم جنوب العاصمة واجادوجو، من الإيمان بقدرات شابة لم تتعدى الـ 20 عاما في علاجهم، حيث يتجمع المرضي المقيدون من أقدامهم، والمشلولون، والذين أصابهم مس من الجن، في انتظار خروج تلك الفتاة من خيمتها لتقديم الشفاء لهم، وتخليصهم من الآلام التي يعانون منها.

أدجا.. الفتاة المعجزة
في هذا البلد الذي يعاني من ضعف البنية التحتية الصحية وحيث تظل المعتقدات والخرافات أمرا واقعا وإيمانا راسخا في قلوب الآلاف في بوركينا فاسو، خاصة أولئك اليائسون أو غير القادرون على تحمل تكاليف العلاج، وجدوا ضالتهم في فتاة تسمى «أمسيتو نيكيما» البالغة من العمر 20 عامًا، والمعروفة أيضًا باسم «أدجا»، والتي تشتهر في جميع أنحاء بوركينا فاسو ويعتقد الناس في قوتها العلاجية بل ويعتبرونها هبة من السماء.

اقرأ أيضا| حكايات| الطقوس الأكثر رعبا في العالم.. قبيلة تعيش مع الموتى | صور وفيديو

وخلف ستار من غبار الآلاف من السيارات والدراجات النارية لأصحابها الذين يعانون اليأس والمرض، تختبئ المناظر الطبيعية في بقعة غرب إفريقيا، مزدحمة بآلاف الأشخاص الذين يرتدون الأبيض وكأنهم أتوا للحج في حرم تلك الفتاة العشرينية، وذلك بالقرب من خلوتها، التي تمتد أمامها غابة من الخيام المتشابكة ومدد من الحجاج يرتدون ملابس بيضاء ويشكلون أنهارًا بشرية عبر الأدغال، وذلك طلبا للمساعدة إما لأنفسهم أو من أجل قريب أو شخص يحبونه، وبين أنهار البشر التي تجري وسط الخيام والحجيج، تجد رجال تم تقييد أقدامهم بالسلاسل، وأشخاص أصيبوا بالشلل، وآخرون يقال إنهم ممسوسون، أو ملعونون بسوء الحظ أو تطاردهم الأرواح، ما يعكس حالة اليأس التي تعانيها أمة تكافح الفقر ويدمرها تمرد متشدد دموي، مع شبكة أمان اجتماعي شبه معدومة. 

معجزات حافية القدمين
مع أول شعاع شمس يخترق جوف السماء ليلامس الأرض، تتعالى التكبيرات والتهاليل عبر المكبرات الصوت بـ «لا إله إلا الله»، لترتفع معها تكبيرات الآلاف من الحجيج، ثم تظهر «أدجا»، تلك الشابة ذات الضفائر المتمرة وترتدي مئزرا وقميصا قديما، وتمشى حافية القدمين ممسكة بعصا خشبية لا تفارق يدها، تنظر بعينين واثقتين إلى الشمس، ثم تتفحص وجوه الآلاف من مريديها، ثم تشير إلى أحدهم، وتخبره: «هذا الشخص الذي يرتدي قميص من النوع الثقيل الوردي سيتعرض لحادث قريبًا»، ثم تنظر إلى طفلة صغيرة على الجهة المقابلة، والتي تسمى «فاتوماتا» التي فقدت فجأة القدرة علي المشى وهي في الثالثة من عمرها، فتتجه إليها، وترشها بالماء وتمشي ببطء على جسدها حافية القدمين، ثم تخبرها وذويها: «ستمشين وتعودين لطبيعتك بعد 12 يوما»، ما يدعو للدهشة هنا أن ما أخبرتهم به تحقق بالفعل وعادت «فاتوماتا» لحالتها الطبيعية مع بداية اليوم الـ 11 واستعادت قواها كاملة في اليوم الـ 12 كما تنبأت «أدجا».

اقرأ أيضا| حكايات| «بتعذيبها وهي في سن الثالثة».. رحلة أب لتحويل ابنته إلى «كائن خارق» | صور وفيديو

آوا تيندريبيوجو، أحد أقارب رجل يعاني من دوخة مزمنة، قالت: «لقد جربنا كل أنواع العلاج، لكن لم ينجح أي منهم في علاج قريبي.. ثم أخبرنا شخص نعرفه عن أدجا، وجئنا إلى هنا والتي استطاعت علاجه دون مجهود يذكر»، مستطردا: «إن سبب شهرة أدجا يأتي من نزاهتها وقوتها».

طفولة قاسية
«أمسيتو نيكيما»، تحكي عن نفسها: «عندما كنت طفلة صغيرة كان يتكالب علي السحرة، ويهاجمونني بتعويذات شريرة في الليل، ويسببون لي إصابات في الذراعين والساقين وجميع أنحاء جسدي، وحين كنت أخبر أبي وأمي وعائلتي كانوا يتعاملوا معي أنني مجنونة، بل وتعدوا ذلك إلى رفضي وضربي وتقيدي بالسلاسل، وكانوا يقومون دائما بتعذيبي».

وتضيف أمسيتو: «كان التعذيب الموجه لي بلا هوادة، لذا فقد هربت إلى الخلاء وعشت في الطبيعة، ومنذ عودتي أصبحت ابتسم للجميع دوال الوقت لأكون قادرة على إراحة الناس وحتى لا يعانون ما عانيته، وبما أن الناس كانوا يكرهونني في طفولتي، فقد أردت أن يحبني الجميع».

أما بالنسبة لمن عذبوها في صغرها، قالت: «أشكرهم.. فبفضل عائلتي، وبفضل سوء المعاملة، أصبحت شخصًا مهما اليوم، وأعرف كيف أعتني بشخص ما»، مستطردة: «إذا كنت لا تعاني خلال طفولتك، فلن تنجح أبدًا في الحياة». وتضيف: «اليوم، لا أعرف حتى لماذا منحني الله القوة العلاجية التي أملكها.. ولكني إذا استيقظت وقلت إنني أريد هذا، فإنه يعطيني إياه.. وإذا رأيت شخصًا مريضًا، وإذا قلت إنني سأساعده، فإنه يساعد هذا الشخص».

اقرأ أيضا| حكايات| قبيلة كوما.. يعيشون عراة ويتشاركون الزوجات ويوأدون التوائم | صور وفيديو

3 سنوات من النزاهة
بداية «أدجا»، جاءت قبل 3 سنوات من الآن، حين انتشر خبر بأنها قامت بشفاء شخص بصورة أقرب إلى المعجزة، ومن هنا نالت سمعتها، وأغلب مرضاها من المسلمين، وهي تقوم بذلك بدون مقابل ولا تتقاضى أي مبالغ من مرضاها، كما أنها حين لا تستطيع أن تعالج أحدهم تقول إنها لا تستطيع دون خجل أو مكابرة، وربما هذا ما ساهم في انتشار سمعتها أكثر في ظل أن الجميع يرون أنها تتمتع بالنزاهة والصدق قبل أي شئ أخر.

أحد مساعديها، يقول مدافعا عنها: «ما يقال غالبًا هنا أن الناس تنتقدها في النهار، لكنهم يتمنون أن يمارسوا ما تقوم به في الليل»، مبينا أن «أبرز الحالات التي تأتيها هي ضحايا الأرواح الشريرة أو الجن، مثل فاتوماتا، الشابة التي فقدت فجأة استخدام ساقيها»، مؤكدا أنها «شابة عفوية ومبتسمة.. بالكاد تركت وراءها طفولة مؤلمة».