فى الصميم

غاب التفاوض.. وحضر "النووى"!!

جلال عارف
جلال عارف

"شبه الهدنة" التى فرضها الشتاء فى حرب أوكرانيا على وشك الانتهاء دون أن تشهد اختراقاً دبلوماسيا حقيقياً يأخذ أطراف الصراع الدامى إلى طاولة التفاوض.. المحاولة الوحيدة جاءت من الصين وأغلقت أمريكا أمامها الباب فوراً رغم أن الطرفين المتقاتلين (روسيا وأوكرانيا) رحبا بها بدرجات متفاوتة، ومازال الرئيس الأوكرانى زيلينسكى يترقب لقاء الرئيس الصينى الذى زار موسكو وتباحث مع "بوتين"!!

وفى انتظار جولة جديدة من المعارك مع قدوم الربيع، يرتفع مستوى الخطر مع تساقط الحدود التى كانت اطراف الصراع قد وضعتها للإبقاء علي الحرب داخل حدود أوكرانيا، ولتجنب أى صدام مباشر بين روسيا وحلفاء "الناتو" وتتحول ساحة القتال فى اوكرانيا وحولها إلى حقل مزروع بكافة أنواع الأسلحة، وقابل للانفجار فى أى لحظة بوجه الجميع !

ففى الوقت الذى كانت ألمانيا تكتفى بإرسال "الخوذات" لجنود اوكرانيا، وأمريكا تكتفى بتمويل لشراء السلاح الروسى القديم الموجود لدى دول عديدة من أيام السوڤييت والذي يعرف جنود اوكرانيا كيفية التعامل معه.. الآن تصل أحدث الدبابات فى العالم من ألمانيا وأمريكا وبريطانيا إلى أوكرانيا مع وعود ببحث ارسال طائرات "الفانتوم"، ومع تأكيد البريطانيين أن دباباتهم ستستخدم طلقات تحتوى علي "اليورانيوم المنضد" وهو سلاح "نصف ذرى" كان لابد من توقع الرد عليه من روسيا!!

ولم يتأخر الرد.. حيث أعلنت روسيا تزويد حليفتها "بيلاروسيا" بأسلحة نووية تكتيكية، ليعود شبح الخطر النووى ويتصدر المشهد وليتصاعد الجدل بين الغرب وروسيا حول مسئولية التصعيد. ولتقول موسكو إنها لم تفعل إلا ما تفعله أمريكا من عقود، حيث تضع الأسلحة النووية التكتيكية فى عدد كبير من دول أوروبا، وأنها لم تستخدمه حتى الآن بينما الطرف الآخر استخدمه فى حروب عديدة داخل أوروبا وفى افغانستان والعراق!!

قد يكون حشد السلاح (بما فيه النووى) وسيلة للردع فقط، لكن ذلك يقتضى ان يكون هناك تفاوض حقيقى لإنهاء الحرب وإلا أدى التصعيد إلى الكارثة. على أوروبا أن تتحرك بسرعة وفى الاتجاه الصحيح. فرنسا وألمانيا بالذات تستطيعان (مع الصين) أن يفتحوا الأبواب المغلقة أمام الحوار، وإلا ستدفع أوروبا كلها الثمن الفادح لانفجار حقل الألغام النووية فى اوكرانيا!

لقد غاب التفاوض.. فحضر "النووى"!!