فى الصميم

انتفاضة شباب أمريكا.. والهستريا الصهيونية

جلال عارف
جلال عارف

بينما كانت إسرائيل تحتفل بأكبر دعم تتلقاه من الولايات المتحدة (٢٦ مليار دولار) وتتلقى تأكيدات كبار المسئولين الأمريكيين بأن شحنات السلاح الجديدة ستصل إليها خلال ساعات وليس أياما.. كانت تتلقى أكبر الصدمات مع اندلاع المظاهرات فى أهم الجامعات الأمريكية تطلب إنهاء الحرب فى غزة وتندد بالمجازر الإسرائيلية وترفض استمرار دعم أمريكا لها، وتصر على وقف التعاون مع الجامعات الإسرائيلية!!

الصدمة كبيرة.. فالعالم كله كشف حقيقة الكيان الصهيونى، ولم يعد يحمى إسرائيل إلا تأييد الولايات المتحدة ودعمها وأسلحتها و«الڤيتو» الذى يشل الإرادة الدولية ويمنع إيقاف الحرب، والسيطرة الصهيونية مازالت فاعلة فى النظام الأمريكى، والخلافات بين الحكومات لا تقترب أبدا من الدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل، ورغم تصاعد الغضب لدى الكثيرين فإن الرواية الإسرائيلية الزائفة هى السائدة.. فما الذى يحدث فى جامعات أمريكا، ولماذا؟!

فى الحقيقة أن كل المؤشرات كانت تقود إلى ما حدث بصورة أو بأخرى كل استطلاعات الرأى كانت تشير إلى تزايد الغضب عند الشباب وهم يتابعون حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل من ناحية، والدعم الأمريكى الذى لا ينقطع من ناحية أخرى (!!) أغلب الاستطلاعات أشارت إلى أن غالبية الشباب الأمريكى (تحت ثلاثين عاما) لا تؤيد الحرب الإسرائيلية فى غزة ولا الدعم الأمريكى لها. النسبة كانت تتزايد عند «الديموقراطيين» وتصل إلى أكثر من ٧٠٪! وكان ذلك يمثل واحدة من أكبر المشاكل التى يواجهها الرئيس بايدن فى سعيه لولاية رئاسية جديدة.. بينما كان اللوبى الصهيونى يركز جهوده داخل الإدارة الأمريكية والكونجرس والمؤسسات الفاعلة من أجل ضمان استمرار القرار الأمريكى بدعم استمرار الحرب ورفض الضغوط التى كان بعضها يأتى من داخل هذه المؤسسات التقليدية.

المعارضة من الشباب الامريكى كانت تتزايد، لكن المفاجىء هو انفجارها بهذه الصورة وفى أرقى وأهم الجامعات الأمريكية لتعيد للأذهان صورة احتجاجات الشباب الأمريكى ضد حرب ڤيتنام، ولتؤكد أن هناك فجوة واسعة بين قيادات تنتمى لزمن آخر وشباب لا تحكمه عقد الماضى ولا يقبل أن تكون بلاده شريكة فى حرب إبادة مهما كانت الأسباب.. ومن هنا جاء رد الفعل «الهستيرى» من داخل أمريكا وجاءت المخاوف فى إسرائيل من تغيير قد يكون الأخطر فى علاقة أمريكا بالكيان الصهيونى!!

الخوف من انتشار الظاهرة مع ثقة الناس فى وعى شباب أفضل الجامعات وأرقاها دفع إلى هذه «الهستريا» فى المواجهة، وإلى محاولة حصار الشباب باتهامات العداء للسامية ونشر الكراهية بينما كان جزء كبير من الشباب المحتجين من اليهود الرافضين للحرب، وكانت كل الشعارات تدعو للسلام وترفض دعم الإبادة. وكان طبيعيا أن يدخل نتنياهو على الخط وأن يدعو لمواجهة الشباب الأمريكى الغاضب. الرجل الذى يصر على الاستمرار فى المذبحة ضد الفلسطينيين ويهدد باقتحام «رفح» لا يهمه إلا استمرار الدعم الأمريكى ويخشى من عواقب واستمرار انتفاضة طلاب أمريكا خاصة مع ترقب صدور أوامر اعتقال دولية من المحكمة الجنائية الدولية بشأنه هو ووزير دفاعه وقائد جيشه، وهو ما سيلهب الاحتجاجات ويجعل الموقف أصعب بالنسبة له وللوبى الصهيونى فى أمريكا. الرئيس بايدن يتحسب للموقف رغم موقفه المبدئى الداعم لإسرائيل بكل الوسائل. يقول هنا: «أدين العداء للسامية، لكنى أدين أيضا اولئك الذين لا يفهمون ما الذى يحدث مع الفلسطينيين». فى محاولة لاحتواء غضب الشباب الديموقراطى فى معظمه.

الهستريا الصهيونية ستتصاعد، لكنها لن توقف التغيير ولن تهزم الحقيقة حتى فى قلب أمريكا!!