أوراق شخصية

أوبرا وينفرى.. وأبناؤها

آمال عثمان
آمال عثمان

الأمومة هى أعظم هبة خص بها الله النساء، ولو جرّدنا المرأة من كل فضيلة، لكفاها فخراً أنها تُمثل شرف الأمومة، والأمومة ليست فقط حملاً ووضعاً ورضاعة، لكنها مسئولية وعطاء مستمر بلا انتظار المقابل، الأم ليست فقط من أنجبت، ولكنها من ألهمت، وعلّمت، وساندت، وآمنت بقدراتك وموهبتك وأفكارك، هى من ضحّت بوقتها، وقلبها، وفكرها، وصحتها، من أجل الآخرين فى جميع المجالات.

ودعونى أروى لكم واحدة من أروع قصص الأمومة التى عرفتُها، قصة المذيعة الأشهر فى العالم «أوبرا وينفرى»، الملكة التى تربعت على عرش البرامج الحوارية، وعلاقتها بالكاتبة والشاعرة الأمريكية الملهمة «مايا أنجيلو»، فمنذ التقت بها فى سن العشرين كانت بمثابة الأم التى عوضتها عن دعم الأم الحقيقية فى طفولتها، شاركتها طموحاتها، وآمنت بأفكارها، وعلمتها دروساً مهمة فى الحياة، وخاضت معها أهم لحظات عمرها، ولولا تلك السيدة العظيمة فى حياتها، ما استطاعت أن تكون بهذه القوة والنجاح والشهرة الواسعة. 

لذا لم يكن غريباً أن يرتبط اسم «أوبرا وينفرى» بحالة فريدة من الأمومة، فحين يصل العطاء أن تكفل امرأة 65 ألف ابن وابنة، حتى يصلوا إلى بر الأمان، فهذا أمر يدعو حقاً للاعتزاز والافتخار، قدّمت المذيعة الأشهر فى العالم لهذا العدد المهول من الأبناء حياة كريمة ومنحاً دراسية، من خلال مؤسستها الخيرية، على مدى ربع قرن، دون أى إعلان أو دعاية.

هؤلاء الأبناء الذين غيّرت «أوبرا وينفرى» مسار حياتهم، شاركوا فى احتفالية ضخمة لتكريمها، أقيمت داخل استاد شيكاغو الرياضي، جاءوا من كل مكان ليقدموا لها الشكر والعرفان على دورها فى حياتهم، وأمام دموع التأثر والسعادة التى ذرفتها أوبرا، سار نحوها450 طالباً وطالبة يمثلون جميع أبنائها، وهم يحملون الشموع التى أضاءت بها المذيعة الأشهر حياتهم، وتحدث نيابة عنهم خمسة علماء صاروا أساتذة بجامعة هارفارد، تبرعوا بثلاثمائة ألف دولار لمؤسستها الخيرية، اعترافاً بفضلها فى وصولهم لتلك المكانة العلمية والعملية.

أيقونة الإعلام الأمريكى التى أجرت خلاله 35 ألف لقاء على مدى تاريخها المهني، صنعت لنفسها تاريخاً إنسانياً جليلاً، يفوق تاريخها المهنى العظيم، وجسّدت المقولة الشهيرة التى تقول: إذا كان التاريخ كتبه الرجل، فالمرأة هى من صنعته. 

حقاً هناك أبناء يولدون من رحم أمهاتهم، وآخرون يولدون من قلوبهن وأرواحهن، وهناك أبناء تيتموا وأمهاتهم مازلن على قيد الحياة!