عصير القلم

أحمد الإمام يكتب: الرغبة الأخيرة

أحمد الإمام
أحمد الإمام

..منذ أيام حدثني صديقي الطبيب النابه رؤوف رشدي عن منظمة خيرية أصبحت تمتلك فروعًا لها في عدد كبير من دول العالم وأعرب عن أمنيته  أن يكون لها فرعًا في مصر قريبا لما لها من طبيعة إنسانية شديدة الخصوصية وهي منظمة «إسعاف الرغبة الاخيرة» وقصتها تعود إلى  26 فبراير 2007 ، حيث تم تأسيس «إسعاف الرغبة الأخيرة»  في هولندا ككيان أهلي خاص قائم على التطوع لتحقيق الرغبات الأخيرة للمرضى الذين يعانون من أمراض عضال لا شفاء منها و أعلن الاطباء أن الوقت الباقي من حياتهم قليل.

هناك الكثير من المرضى الذين يقفون على حافة الحياة في انتظار لحظة النهاية، ويموتون دون أن يتمكنوا من تحقيق آخر رغباتهم في هذه المرحلة الأخيرة من حياتهم.

قد تكون هذه الرغبة تافهة لا تعني شيئا بالنسبة للكثيرين لكنها تمثل لهؤلاء الأشخاص أملا أخيرا وشبه مستحيل كالتطلع إلى البحر أو تناول آيس كريم مثلج في الشارع أو مقابلة نجم مشهور أو ملامسة سيارة سباق حديثة أو زيارة لوحة في متحف !!!

أهم أسباب تكوين هذه المنظمة هو عدم قدرة أهالي وأصدقاء هؤلاء المرضى على تحقيق رغبات معينة لأن المريض لم يعد قادرًا على الحركة، والمرافق له لا يملك الإمكانيات لنقله خارج المستشفى.

وبدأت هذه المؤسسة في مساعدة هؤلاء الأشخاص الذين لا يستطيعون التنقل إلا بواسطة سيارات الإسعاف وبمحاذير طبية خاصة قد لا يتمكن أهلهم وأصدقاؤهم من توفيرها .
وكانت البداية بالنسبة لمؤسس هذا الكيان كيس فيلبو، أثناء عمله كسائق سيارة إسعاف.

كان هناك حدث معين هو الدافع لبدء الفكرة في روتردام أثناء قيادته لسيارة الإسعاف بمريض يدعى «ستيفانوتو» وهو بحار سابق ، حيث أراد هذا المريض بشدة أن يبحر على متن سفينة للمرة الأخيرة في حياته، فقرر كيس تحقيق أمنية هذا المريض ومن هنا نشأت الفكرة. 

وتكررت الأمثلة الأخرى حول ما يمكن لهذا الكيان القيام به للأشخاص الذين يعانون من مرض شديد الخطورة يهدد حياتهم ​​وعمرهم المتوقع قصير.

ومع انتشار الفكرة و اندماج متطوعين جدد من كل دولة أصبحت المنظمة موجودة الآن في عدة دول مثل هولندا وبلجيكا وألمانيا وإنجلترا والإكوادور والسويد.. فهل هناك ما يمنع أن نجد لها فرعًا قريبًا في مصر، وخاصة ان لدينا نماذج مماثلة لبعض الهيئات والمؤسسات المصرية التي تعاملت بإنسانية مفرطة مع الرغبات الأخيرة لبعض المرضى كما فعل الكابتن محمود الخطيب رئيس النادي الاهلي الذي حقق  أمنية الطفل «بجاد» المريض بسرطان المخ والذى كان يتمنى لو قابل أحد نجوم الأهلى، ليبادر محمود الخطيب وقتها بزيارته وإهدائه تيشيرت النادى، وهى الأمنية الأخيرة التى حققها الخطيب لبجاد قبل أن يرحل بسبب مرضه.

في النهاية اذا كان الموت حتميًا وقريبًا ، فمن واجبنا أن نجعل اللحظات الأخيرة في حياة هؤلاء المرضى لحظات سعيدة.